الكلام عن الوطن لا قيمة له ولا معنى عندما تغيب الحكومة الوطنية , وتتسلط فيه الطائفيات والمذهبيات والمليشيات والتابعين لقوى ضد الوطن , وعليها أن تنفذ أجندات تخدم مصالح الآخرين , ولا يتعنيها مصالح المواطنين.
الوطن لكي يكون وطنا يجب أن تكون فيه حكومة وطنية , ذات منطق وطني ورؤية وطنية , وتصور جامع ومحافظ على المصالح المشتركة.
فالوطن سلوك يومي متراكم ما بين أبناء الشعب أجمعين , بكافة مسمياتهم وتنوعاتهم فالمقياس الأساسي هو المواطنة , وكل مُسمى يأتي بعدها , فلا مُسمى يتقدم على المواطنة.
هذا هو المبدأ المعمول به في أوطان الدنيا المعاصرة , ولهذا فهي لا يعنيها أي توصيف آخر مهما تنوع وتعدد , فتجدها حاضنة أمينة للإنسان الذي هو هدفها ورسالتها السياسية والمبدأية والعقائدية , وعدا ذلك يحسب خارجا عن تيار الحياة الحرة الكريمة.
أما المجتمعات التي تتسيّد فيها مسميات أخرى فأن الوطن ضمير مستتر تقديره هو , أو أنه ماضٍ مبني للمجهول , وما يحصل فيها عبارة عن تصارعات في مستنقعات الضياع والخسران والمصير المهين.
وتبرز فيه العناصر المتاجرة بكل شيئ , فتنتفي الأخلاق والقيم والمعايير وينهزم العقل ويُستهان به ويُحسب عاهة ومرض ومن المحرمات , وتستشري فيه آفات التناحر والتفاعلات المريضة الهادفة إلى تدمير ما يتصل بالوطن من معاني ومميزات.
وينهض في واقع المجتمع كل معمم أثيم يتاجر بدين يدعيه ويفتريه , ويستخدم أنبل القيم والمبادئ لتتمرير نوازع أمارة السوء التي فيه , فيضلل الناس ويخدعهم ويستعبدهم ويروعهم , ويوهمهم بأن الدين كراهية وعدوان وبغضاء ودمار لكل ما هو وطني وإنساني.
والعجيب في الأمر أن الناس تتبع وتقبع ولا تفعّل عقولها ولا ترى ببصيرة وتتفكر , ولا تتساءل عن هذا الأفك المبين الذي يعصف في المنابر , ويدوي في محطات التلفزة ووسائل الإعلام المسخرة لتدمير البلاد والعباد.
فلماذ هذا الخنوع المرير؟
ولماذا الإستماع لهؤلاء المنتقمين من الوطن والدين؟
لماذا لا يرى الناس بعين العقل؟
فهل أن الدين عداء وكراهية وبغضاء؟!!
على الجميع أن يتساءل عن معنى الدين لكي يكونوا في الصراط الأمين!!