23 ديسمبر، 2024 7:11 م

اللهاث وراء السراب … الى أين ؟

اللهاث وراء السراب … الى أين ؟

لايمكن أن يأتي اليوم الذي يصبوا اليه الاحرار ويجدوا أن أملهم في النهوض بالعراق قد تحقق ، لاننا نفتقر الى رمزاً عراقياً خالصاً نلتفُّ حوله ، لذا بقينا تتلاقفنا الاصوات المُعربدة من هنا وهناك ، وقد وصل الامر الى تشتيت جهودنا وتفريق أهدافنا ، بل والتناحر بين أبنائنا من أجل تمجيد فلان وتقديس علاّن ، ولهذا فان الشعور الوطني يحتم علينا نبذ هذه الاشكال ورفض التغني بأمجادهم والرجوع الى هويتنا الوطنية.
يؤسفنا كثيراً حينما نجد التخاصم بين أبناء الوطن الواحد قد بلغ أشُده ، من أجل شخص او جهة لاتؤمن بمصالح بلدنا على الاطلاق ، وهنالك شواهد وحقائق كثيرة وقد إتضحت معالمها بشكل كبير في الاحداث التي حصلت في السنوات الاخيرة ، وهي مستمرة ، لهذا يحق لنا أن نعتبر حالة الانسلاح عن مصالح العراق وحالة اللا إنتماء اليه قد وصلت حالة لايمكن التغاضي عنها ، ويبقى عتبنا على الذين يعتبرون أنفسهم النخب الواعية والتي نأمل أن يُقاد مستقبل البلد بهم .
إن جسامة الاحداث المتسارعة التي تمر بها المنطقة والعراق بشكل خاص قد أفقدت البعض فرصة التأني في النظر الى الامور واللجوء الى معالجتها بشكل سطحي ، بعد أن غلب عليهم شبق العاطفة وهياج الشعور والحس الديني الكامن لديهم في الوعي واللاوعي والذي يسيطر على عقولهم ، وتفاقم في الضغط على وجدانهم.
إن العراق اليوم يحترق بل يتفحم بعد أن فقدنا وحدة الهدف والحد الادنى من المشتركات الوطنية والناس من حوله نيام ينظر بعظهم الى مقالة هنا تنطلق من فم فلان ، وحديث هنالك تتناقله الألسن وتصغي له الآذان ، وهو أبعد ما يكون عن مصلحة بلدنا ، نحن نحتاج الى كثير من المراجعة ، مراجعة في كل شيء …. في طريقة تفكيرنا وتسلسل خطواتنا ومنهج حياتنا لنصل الى برنامج نطمئن بالسير خلف إحداثياته …. وبخلافه يبقى الجهل غالب ، والعبث مسيطر ، والمشاكل تترى ، والعداء مستحكم ، والانقياد خلف زعامات واهمة أثبتت الايام فشلها الذريع ، وبهذا فان التيه والضلال يكون مصيرنا …
لذا على كلٍ منّا مراجعة نفسه ، والتحاور مع ذاته قبل التعجل في إصدار الاحكام ، وقبل التفكير بنقل خطوة واحدة.
وقد إنعكس ذلك الامر جلياً على وقائع الانتخابات التي حصلت في العراق وما رافقها من نتائج غير مُقنعة حيث أننا لايمكن ان ننظر الى الانتخابات نظرة مجردة ، إنما يجب ان ننطلق الى مفهومها من خلال ما يملكه الفرد العراقي من خزين من أفكار وذهنيات غير قابلة للتفكك ، والتي تطغي على تفكيره وتهيمن على مشاعره وقد تسلب إرادته ، وتقوده سلبا تجاه الهدف الذي ينشده.
من هنا علينا ان لانفصل بين ما يؤمن به الفرد العراقي وما يعتقده في صميم قلبه ، وبين ما يسير عليه نحو إستخلاص النموذج الذي لا يمكن ان يحيد عنه ، وما ترسبات التأثير المجتمعي والبيتي والسحر العاطفي والولاءات المختلفة والتي تلازم سلوكه إلاّ ضاغطاً عليه مهما قاومه وصارع نفوذه.
إن اجتثات الترسبات وإحلال البديل الناجح ، في المفاهيم التربوية والرؤى الفلسفية ، هي الكفيل لإعادة تفكيره الى المسار الصحيح ، وبعد ذلك يمكنه التحرر من القيود ، ليختط هدفا سليما لاشائبة فيه ولاإحراج عليه.