«لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِّزرَ أُخرى»: هنا التزم القرآن بهذا المبدأ، فلم يأخذ جريرة النساء بخطيئة أمهن حواء، كما في العهد القديم، وإن كانت بعض الروايات تذهب إلى ذلك، ولكن لا يمكن تحميل القرآن هذه الرؤية المتأثرة ربما باليهودية والمسيحية، بسبب أن القرآن لم يفصّل، بل أجمل، فاحتاج المفسرون من أجل التفصيل إلى الاقتباس من الروايات الدينية لتلك الأديان. لكن مع ذلك لطالما وجّه القرآن خطابا توبيخيا، مع وعيد لليهود، أو بني إسرائيل، بسبب ما اقترف آباؤهم، بحسب ما يفرضه القرآن، فهو يخاطبهم على أنهم قتلة الأنبياء، بينما ذلك الجيل الذي خاطبه، والأجيال التي بعده، مع التسليم بحدوث تلك الحوادث، لم يكونوا هم الذين فعلوا ذلك، وهذا يذكرّني بما هو شائع عند الكثير من شيعة لبنان وشيعة إيران، أن ما يصيب شيعة العراق من مصائب، وما يقع عليهم من ظلم، أيام صدام مثلا، أو من قبل الإرهاب بعد 2003، وهكذا ما جرى عليهم من ظلم على يد الحجاج، وغيره من الطغاة في التاريخ، فهم مستحقون لكل ذلك، كعقوبة لهم، بسبب خذلانهم لأهل البيت، لاسيما لعليّ والحسين، ولعله الحسن، وهي أي تلك الكوارث التي تنزل بهم إنما هي استجابة من الله لدعاء أئمة أهل البيت عليهم. طبعا لا نستطيع أن نحمّل الإسلام مسؤولية هذا الفهم الساذج والمتطرف، ولكن القرآن لطالما وبّخ وتوعّد أقواما بسبب ممارسات قام بها أجدادهم، وهذا نقض لمبدأ «لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِّزرَ أُخرى»، ولذا فهذا الفهم الخاطئ لا يبعد أن يكون مستوحى من مواقف القرآن هذه.