18 ديسمبر، 2024 10:15 م

مواقف تستحق التوقف من واقعة الحسين عليه السلام

مواقف تستحق التوقف من واقعة الحسين عليه السلام

دائما وللاسف الشديد نقرا التاريخ لغاية تطويعه وفق مفهوم نعتقده صحيح بشهادة مشهد تاريخي ، وتعتبر واقعة الحسين عليه السلام من اكثر المشاهد التي يحاول تقمصها الكثيرون ممن ينتهجون نهجه وسواء كان بقصد او غير قصد او قلة ادراك او قناعة تامة وفق مقياس معين ، ولكن الغالب عليها هي ثورة للاصلاح وضد الطغيان والاستشهاد وانتصار الدم على السيف، وهنا اتوقف عند بعض المحطات من هذه النهضة الرائعة مع طرح بعض الاسئلة لمن يعتقد ان هذا العالم او ذاك المجاهد سار على خطى الحسين عليه السلام .

الثورة مفهوم يحتاج الى تعريف ، وتعريفها هي قائد وجماهير وقضية تثور على الحاكم ، وهنا نبدا بقراءة واقعة الحسين عليه السلام ، فالمعلوم ان الحسين هو من بدا بمراسلة قبائل البصرة لمؤازرته في ثورته وقد ارسل لهم سليمان بن رزين وهو اول سفير للحسين ، فكانت الاستجابة غير موفقة حيث تم قتل السفير من قبل عبيد الله بن زياد بوشاية المنذر بن الجارود الذي كان احد الخمسة الذين راسلهم الحسين ، وفي نفس الوقت جاءت كتب القوم من الكوفة تدعوا الحسين للنهوض وانهم بحاجة له لان يكون اميرا عليهم ، هنا ارسل الحسين ابن عمه ليستوثق من الامر واخذ البيعة منهم ، وبالفعل ذهب مسلم وتاكد من الامر واخذ البيعة وطلب من الحسين القدوم ، عند خروج الحسين حاول البعض منعه لعدة اسباب فقال مقولته الشهيرة ما خرجت اشرا ولا بطرا انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي ، وخروجه جاء بعد ان تهيات الجماهير والقضية والقائد المتمثل بشخصه .

في الثعلبية علم باستشهاد مسلم عن طريق عبد الله بن سليمان والمنذر بن المشعل، وهذه المنطقة اقرب الى الكوفة من مكة أي ان المسافة التي قطعها الحسين عليه السلام اكثر من النصف ، هنا قرر اكمال مسيرته لانه ليس من المنطق مع اول شهيد يتراجع عن غايته وفي نفس الوقت تراجعه يكون حجة للذين راسلوه بان الحسين لم يستجب لهم ، لذا قرر المسير الى الكوفة .

عندما التقى الحسين بالحر قبل توبته جرى بينهما حوار ومن ضمن ما قاله الحسين عليه السلام لجيش الحر “وإن لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين اِنْصَرَفْتُ عنكم إلى المكانِ الذي جئتُ مِنه إليكم”، بمعنى لو تغير رايكم فانا انسحب ، وهنا السؤال الم يخرج الحسين لطلب الاصلاح فلماذا ينسحب ؟ ينسحب لان احد مستلزمات الاصلاح فقدت ، الا وهي الجماهير، ولكن الاصلاح سيستمر باسلوب اخر لانه رسالته .

موقف اخر عندما التقى الحسين بعمر بن سعد قال له دعوني ارجع فاقيم بمكة او المدينة او اذهب الى بعض الثغور فاقيم به كبقية اهله( موسوعة كربلاء 1/632)، وهنا نسال مرة اخرى الم يخرج الحسين لطلب الاصلاح فلماذا تراجع؟ لان الجماهير فقدت .

واما موقفه هذا فان ابن زياد ويزيد هما من جعلاه فيه ولانه امام معصوم مكلف بامر الهي ولا يقبل الذلة لانه يمثل رسالة فقال هيهات منا الذلة وحدث ما حدث .

وفرق بين من ان يقحم شخص ما ـ قائد ، عالم، فقيه ـ نفسه وبارادته في موقف معروفة عواقبه، وبين الموقف الذي تعرض له الحسين ليس بارادته بل بارادة الطغاة .

ومثل هذه الامور حدثت في واقعنا فالمرجع الفلاني قرأ المشهد بشكل دقيق وعرف عواقبه واتخذ موقفه حفظا لبيضة الاسلام واخر اتخذ موقف مخالف ايضا لحفظ بيضة الاسلام فلكل رايه .

وفيما يخص السيد الشهيد محمد باقر الصدر فان قراءته للمشهد كانت بخلاف قراءة بقية المراجع والا جميعهم متفقون على ظلم وطغيان الحاكم وبعثه الفاسد ، السيد الصدر حرم الانتماء لحزب البعث بفتوى ولكن هل يعني ان السيد الخوئي يجيز الانتماء للبعث؟ فعندما يحرم نصرة الظالم فهذا لا يحتاج الى تاويل ، واما تاييد الثورة الايرانية فالسيد الخوئي رفض الاستجابة للطاغية باصدار فتوى تجيز مقاتلة ايران ايام الحرب ، الامام الصادق عليه السلام امام معصوم وعمه زيد الثائر شهيد في الجنة وهذا اشبه باليوم.

واليوم ممن كانوا مع السيد الصدر استلموا زمام الامور بيدهم والبعض منهم سمح للبعثيين مشاركتهم بالحكم وهذا لا يتفق مع تحريم الانتماء للبعث .

الاعتقال الاول للسيد الصدر خرجت مظاهرات مطالبة باطلاق سراحه وبالفعل رضخ البكر لذلك ، وبعد استبدال البكر بالطاغية وبامر صهيوني امريكي وهابي لانهم يتابعون الموقف في العراق وايران وعلاقة السيد الصدر بالسيد الخميني لذا قرر طاغية العراق اعدام الصدر ، وعندما صعّد السيد الصدر من موقفه ظنا منه بان الجماهير معه ، حدث العكس ، وحتى العلوية بنت الهدى رحمها الله خطبت في صحن الامام علي عليه السلام تستنصرهم فلم يفعلوا شيئا ، علما ان السيد ظل مدة تحت الحصار ولم تفعل الجماهير شيئا ، والنتيجة اعدام السيد واخته .

طاغية العراق اغتال مجموعة من العلماء الكبار ( الغروي، البروجردي، الصدر وولديه) ومحاولة فاشلة لاغتيال السيد السيستاني، ماذا كانت ردود افعال من يدعي الثورية والاستشهاد بموقف الحسين عليه السلام؟ هذا ناهيك عن المنظمات العالمية التي تتبجح بحقوق الانسان والحرية فقد اصابها الخرس الخياني.