نشرت مقالة قبل اكثر من اسبوع بعنوان مطبخ المفوضية ,حذرّت فيها من ان يكون مطبخ المفوضية هو مكان عدّ و فرزالاصوات لأنتخابات مجالس المحافظات الاخيرة .لقد حدث الذي كان في البال .أحاول ان أكون منصف , و أحاول ان اكون حسن النية في تفكيري . احاول تصديق ان الحكم في العراق يتمّ عن طريق الديمقراطية , و يتم عن طريق صناديق الاقتراع . تبيّن لي بأن تفكيري كان ساذج , و ان حسن نيّة التفكير لا مكان لها في عراق اليوم .لقد قتلها السياسيون و علّقوا جسدها البريء على الاعمدة لكي تكون عبرة لمن يعتبر .
اشارت كلّ التقارير و البيانات الاولية أنّ حزب الدعوة هو الخاسر الاكبر في الانتخابات الاخيرة خاصة في محافظة النجف .بيّنت هذه البيانات على ان حزب الدعوة لن يحصل على ايّ مقعد في المجلس الجديد . فكيف تغيّر الحال بعد عشيّة و ضحاها ؟ الظاهر (و ان كان مكتوما عنّا) أن طباخوا الدعوة كانت لهم خطّة اخرى و تفكير آخر .علام تدخل الانتخابات و قد تفوز او تخسر , ما دام هناك مطبخ خاص تعدّ فيه هذه الطبخات ؟ ها هم طبّاخوا الدعوة يحضرّون اربعة نفرات سفري خاصة بالنجف . ثلاثة منهم دخلوا المجلس , و الرابع على الباب ينتظر ان يفتح له .
لا يريدون ان يكون الزرفي محافظا للنجف في هذه الدورة , أنّه خط احمر كما قال البعض .خاصة بعد ان اكتسحهم و بيّن للناس مكانهم الحقيقي .لن يغفروا له هذا , و سيحاولوا المستحيل لمنعه من اخذ كرسي المحافظة هذه المرّة . فهذا يعني بأنه سيحصل على الغالبية المطلقة في الانتخابات المقبلة , و هذا خط احمر قاني بلون الدم .لذلك ,سيتحالفون مع الشيطان لأزاحته .فالاضواء لا يمكن الاّ ان تسلط على هبلهم , و هبلهم فقط . و لا مكان لشخص آخر ,أنّه ضرورة اخرى من ضرورات العراق الجديد . لقد جاءوا بالزرفي في الدورة السابقة لضرب عدوّهم القديم ,المجلس الاعلى . امّا الآن فأن التقارب الذي حصل بين المجلس الاعلى و دولة القانون بدا واضح جدا , خاصة بعد موجة الاعتصامات في المناطق الغربية .لذلك اختار قادة دولة القانون تأجيل وقت المنازلة مع المجلس الاعلى الى وقت آخر ,لأنشغالهم في امور اخطر في الوقت الراهن .انّه وقت توكيد الدورة الثالثة للمالكي و لا حدث مهم يجب الانشغال به الاّ اذا كان مرتبطا بهذا . و أنّ المجلس الاعلى مهم جدا في حسابات هذا الهدف الأهمّ في الوقت الحاضر .
لنرجع للنجف و بسيارة دكّ النجف .اردّت يا حيدر الشافعي ان تكون خادما لا حاكما ,و فزت .ارادوا ان يكونوا حكاّم و الناس لهم خدّام , و خسروا .فجاءوا بكلاب الدعوة المسعورة ,لتنهش لحم الديمقراطية على مرئى و مسمع الجميع . أنّه اغتصاب حيوان مفترس لكلّ ما ترتكز عليه الديمقراطية و التي يتغنون بها ليل نهار .يريدون أن يبيّنوا للناس بأنّ لا امل يرجى بتغيير الواقع المرير الذي يعيشه العراق و شعبه المسكين .فالديمقراطية جميلة و مرادة عندما تأتي بهم , و هي قبيحة و مرفوضة عندما تأتي بغيرهم .فها هم قادة حزب الدعوة قد ابتكروا نظام انتخابي جديد , هو نظام القائمة المغلقة داخل القائمة المفتوحة .حيث السيطرة على اعداد الاصوات التي يحصل عليها المرشحون داخل القائمة نفسها , و التلاعب عن طريق التزوير بالفرز و العدّ و ادخال البيانات داخل القائمة , و بدون التصادم مع القوائم الاخرى .فلا اعتراض سيأتي من القوائم الاخرى ما دام ان التزوير لا يأتي على حساب اصواتهم او على حساب قوائمهم.و قد حذرّت من ذلك و قلت سابقا بأن التزوير هذه المرّة سيأتي من داخل القائمة نفسها , و السبب بسيط جدا ,حيث ان الكثير من الناخبين يصوّت للقائمة بدون اختيار مرشح بعينه و بالتالي فأن الاصوات ستذهب للقائمة كلّها , و على ضوء الاصوات التي تحصل عليها القائمة ,ستحصل على عدد معين من المقاعد في مجلس المحافظة .بعد ذلك سيتّم ترتيب الاسماء داخل القائمة بالاعتماد على عدد الاصوات التي حصل عليها كلّ مرشح , و يصعد المرشحون الحاصلون على اعلى الاصوات لملء المقاعد المخصصة لهذه القائمة . ايّ ان القائمة لا تستطيع ان تحدد,كما في الانتخابات السابقة ,من هو الفائز و من هو الخاسر داخل القائمة و هذا ما يتم داخل نظام القائمة المغلقة .
تراهم من بعيد فتقول أنّهم الاخيار ,انّهم الكرام .تقترب منهم و تعرف ألاعيبهم ,فأذا بهم أنجاس لئام .بعد ازالة اللثام ,تفرّ البلابل منهم و يهاجر الحمام .في الخضراء لهم امام .محاط بسرّاق صبغوا له العراق بألوان زاهية و ان كان سخام في سخام .نجونا من عدي و طلفاح و من اللقيط صدام .و قلنا سيكثر الخير في بلدنا و سيعمّ السلام .اشبعونا لغوا و اشبعونا من الكلام .ما تغيّر شيء فقد اتبعوا اهوائهم و مالوا الى الحرام .يا لك من زمن عاهر ,صعد فيك الخفّ و اصبح سنام .
قبل اكثر من عشرين سنة ,دار حديث بيني و بين احد افراد الحرس الوطني السعودي(بدوي اصلي ),فقلت ان القدس محتلّة و ان ناسها في محنة و ان معاناتهم في فلسطين مريرة .فتعاطف الرجل و ردّ و قال , و الملك (السعودي) يدري؟ لم استطع الاجابة ,لعلّه(الملك) لا يدري. سؤالي هل المالكي يدري ماذا حصل في الانتخابات الاخيرة ؟و كيف حصل حزب الدعوة على اربعة مقاعد في النجف ؟
يا لك من قنبرة بمعمر
خلا لك الجو فبيضي و اصفري
