يحضرني كلمة لأحد النواب في برلمان المغرب على ما أظن (وربما يكون مفبركا لكنه يمثل واقعا) , عندما وقف على منصة الكلام وراح يترنم بمواله المعبر عن الإستهزاء بالخطابات والكلمات الملقاة في البرلمانات والمؤتمرات لأنها لا تجدي نفعا , بل ضررها وخيم ومقيم , ويا حبذا لو إستمعنا إلى شخير الحاضرين في القمة عوضا عن كلماتهم , ولغات أبدانهم المعبرة عن الإحباطات والإنكسارات والتداعيات الذاتية والموضوعية.
أما قسمات وجوههم فحدث ولا حرج!!
بربكم هل سمعتم وشاهدتم مؤتمر قمة لقادة دول بهذه الإستعراضية النادرة , فمعظم الذين شاهدناهم على شاشات التلفزة كأنهم يغطون في نومهم , حتى ليشك المتابع بأنهم قد تم سقيهم بالمنومات , أو أنهم لعدم قدرتهم النفسية على تحمل بعضهم تسارعوا إلى ميادين الغفوات.
فكلمة إفتتاح المؤتمر أثارت ضجيجا وصخبا , وأذكت مضطربا فتسارع بعض الحاضرين إلى المغادرة والإحتجاج وإشاعة التشويش , حتى ليذكرك المنظر بقصيدة مظفر النواب ” قمم…قمم”!!
وبعد هذه الكلمة المُشظية للمجتمعين , توالت الكلمات المتخومة بالأغلاط النحوية , وكأن الناطقين بها ليسوا من العرب , إلا البعض النادر منهم , وما أن يتم الواحد منهم كلمته حتى يغط بإغفاءة يائسة , وحيرة بائسة.
والجيد في المؤتمر أنه عبّر عن حقيقة واضحة , مفادها أن العرب يولّون عليهم مَن فقدوا الصلاحية للقيادة والحكم , ويتمسكون ببقائهم والإنصياع لأوامرهم ونومهم الطويل.
حصل ذلك في مصر التي غطت بنوم عميق لثلاثة عقود , وفي السودان وليبيا وسوريا ومعظم الدول الأخرى , التي قدمت قادة منومين أو مخدرين , وتتوهم أنها صاحية ومتفاعلة مع الحياة المعاصرة.
نعم إن الأمة نائمة والدليل القاطع على ذلك أنها توصلت إلى عقد مؤتمر قمة للشخير وأمام عدسات المصورين , وتقدم قادتها للنوم لأن المشاكل الكبيرة والتحديات العظيمة يمكن حلها بالنوم , فالعقل اللاواعي سيعمل ويبتكر الحلول , فلا بد من النوم لكي يجدون الحل الصائب.
فناموا ولا تتنبهوا ولا تستفيقوا أيها العرب , ولن يوقظ العرب إلا العرب , ولا تزال صرخة إبراهيم اليازجي تدوي في رحاب وعيهم , لكنها عجزت عن تنبيههم وإيقاظهم , وكأن نومة أهل الكهف المعاصرة تقدر بآلاف السنين , أو عشرات القرون , فابعثوا بأحدكم إلى السوق ليشتري بغطيطكم بعض ما تشتهون!!
“الله أكبر ما هذا المنام؟ فقد….شكاكم المهد واشتاقتكم الترب”!!
والنوم مفتاح الفرج!!