5 نوفمبر، 2024 5:50 م
Search
Close this search box.

وحدة النص وإختلاف القراءات

وحدة النص وإختلاف القراءات

معذور من يتحامل عليك او على غيرك ولكنه ليس معذورا أن لا يقرأك فالإنسان بما ميّزه الله ومنحه العقل وضعه في مقام مسؤول. ولا يختلف إثنان رغم إختلاف الناس جميعا إلى مشارب ومذاهب أنهم أمام سؤال تعليلي عن كل ما يصدر عنهم من قول او فعل تجاه انفسهم والاخريين . فالقراءة الواعية هي التي تمنح الانسان الدليل وتوضح له الصورة كما هي،  فمن هنا نعلم حكمة إفتتاح الوحي بالدعوة الى القراءة قبل الدعوة الى الصلاة والصيام وبقية تفاصيل الشريعة … إقرأ بإسم ربك الذي خلق…
من لم يقرأ نفسه والخلق والتاريخ ومن لم يتدبر ويعقل لن يهتدي الى دليل مرشد سبيلا . وبناءا على هذا المنطلق والدعوة الازلية للقراءة نقف مع اهم قضايانا المعاصرة بما تموج فيها الفتن والأحداث موجا وقفة مسؤول نتمعن في مناشئها واسبابها وطرق معالجتها، كم هي قاسية أن ترى الرجل يحمل فأسه ليقطع جمال حديقته فتتساقط الأشجار أخشاب مواقد فتضيع الشجرة والثمرة والظلال . لا أظن أحدا لم يدرك مقاصد هذه الكلمات  وماذا يرا د منها .
 التاريخ ورغم ما فيه من خليط وحق وباطل يذكرنا بالتجارب الناجحة تارة والمخيبة اخرى ويدعونا ان نقف مح أحداثه نقرأها بدقة وإمعان وما الذي جعل الامم الاخرى مستعمرا  – بكسر الميم – وجعلنا مستعمرات نتحمل اتعاب رفاههم . نستنزف أنفسنا بأيدينا , إن إلهنا واحد وفي داخل كل مخاصم إله يحكم على خلاف الاخر ونبينا واحد وفي داخل كل مخاصم نبي يخالف حكم الاخر وقرآننا واحد يثني علينا بأننا خير أمة نتقاتل على ضوءه فنذبح بعضنا بعضا  إنها القراءات الغريبة وإختلافها  فلدينا عشرات التفاسير للقرآن وتضارب عجيب والاحاديث النبوية المنسوبة ما لم ينزل الله بها من سلطان جعلت الامة تكفر بعضها بعضا حتى تحولت بعض القراءات نصوصا لا يجوز الخروج عليها لقداسة الراوي،  والغرب بعقليته التحقيقية تصرف المليارات لتجربة تصادم الهيدرون لمعرفة كيف نشأ الكون والخلق بينما نحن  نتعامل مع صبغ اللحية بالحناء سنة ، لقد أضحت الدول الاسلامية والعربية وشعوبها  مثار تعليقات كبريات الصحف العالمية ومحل إستهزاء قرائها  .
لماذا بدأ الربيع العربي كما يسمونه يدمر جمال الحديقة ويقطع رؤوس الازهار.  العراق خزين العبر والتجارب, وهلا توقفنا مع مختبراته ومحطاته وما الذي يدعونا أن نكرر تجاربه الفاشلة ومأساته المستديمة , أما آن لنا أن نعيد قرأتنا من جديد لنضع النقاط على الحروف لننطلق الى فرز الصحيح الذي يغنينا جميعا . فنحن كلنا في سفينة واحدة نحيى او نموت معا إذا ما سلمت او غرقت السفينة  فلنكن خير ربانها وخير راكبيها .
والقراءة هذه تبين لنا صافيا أن  وراء الأجمة من وراءها فلا يستغبين أحدا بريق درهم ذهبا فليس كل بريق ذهبا أو رأي رشدا . إن مخالب الاطماع  تنشب في أجسادنا وستمزقنا جميعا الى جيوب هزيلة هنا وهناك ما لم نأقلمها بمقصات وعينا وقرائتنا الواعية لما حولنا . فالأطماع من أدنى الشرق الى أقصى غربنا من كولالامبور الى الدار البيضاء دول تختفي ودول تظهر وهذه سياسة الغرب تجاهنا فضحتها كونداليزا رايس في 2003 حين أعلنت في مقالة عن الفوضى الخلاقة ومشروع الشرق الأوسط الجديد القائم على الأبعاد الطائفية والقومية وهي ما تجري تطبيقها اليوم في معظم البلدان العربية والاسلامية وعلى امواج بحور من الدماء والاحقاد التي ستولدها , وما تجري في سوريا  اليوم خير شاهد على طبيعة الصورة والنتائج  حيث تصفق لها إسرائيل نهارا جهارا دون ان يثير في الشارع العربي والإسلامي شعرة أو شعورا او اي ردة فعل لقراءة النتائج. أن الأحداث في سوريا  وقبلها العراق وقبله لبنان واليمن ولاحقا في مصر وتركيا  في الطريق وغيرهما هي مخاضات دراسات عميقة لثقافتنا المحلية وصراعات تاريخنا  الدامي تبناها خبراء وفلاسفة ومختصون غربيون وهي بداية المشروع لتفتيت العالم الاسلامي وفرض الهزيمة عليه مجانا، وسوف لن تتوقف في حدودها السورية والعراقية وكل الملامح والموجات تشير الى ان الاحداث مرشحة في مصر ولن تسلم منها تركيا ولا اي بقعة اخرى من العالم الاسلامي . إن تقييمنا وفرزنا للعناصر الايجابية من الواقع وتفعيلها واجب وطني ملح تقع مسؤولييته على كل مواطن للخروج بمعادلة الوطن كما رسمها نيكسون في مذكراته
القوة الوطنية= (الموارد الطبيعية المستخدمة  + القوة البشرية) الإرادة 
فإذا كانت المواد الطبيعية يختصرها نفطنا الغالب ويستخدم في حروبنا وصراعاتنا الداخلية،  وقوانا البشرية تفجرها العبوات والقنابل البشرية الروبوت،  ومهما بلغ مجموع القوتين فالإرادة هي التي تعطي القيمة النهائية للقوة الوطنية. فإذا كانت  الإرادة= صفرا  تكون القوة الوطنية صفرا وفق ابسط القواعد الرياضية في حساب المجموع الكلي مضروبا . إننا مطالبون وفق هذه المعادلة الرياضية والشعور الانساني والوطني ان نعيد حساباتنا ونبرمج عقولنا على اساس قراءة واعية للأخطار ولبناء مستقبل سعيد لأبناءنا والجيل الجديد.
 فالإرادة هي التي صنعت الحضارات وأسست قيمها وأبراجها وفنونها وحين ضعفت انهارت الحضارات وأصبحت خبرا لكان فهل ننتبه الى مخاطر هذا التمزق والاختلافات ونعي خطورة المرحلة وما يجب علينا التحلي بها  من وحدة الصف والارادة وتحشيد القوى لردع عوادي الايام ومن يقف وراءها من الأدوات. لقد وضح النص للجميع وقرأناه صوتا وصورة فلا عذر للمتحامل بعد اليوم،  نعم التاريخ أستاذ عظيم ولكن تلاميذه قليلون كما قال فردريك . 

أحدث المقالات

أحدث المقالات