خاص: إعداد- سماح عادل
“خالد علي مصطفى” شاعر فلسطيني عاش في العراق، ولد في قرية عين غزال قرب حيفا 1939، وحينما وقعت النكبة التجأت عائلته إلى الأقطار العربية المجاورة وأخيراً أقامت في بغداد، وهناك أتم دراسته فحصل على الماجستير في الأدب 1976 حول موضوع: (الشعر الفلسطيني الحديث من 1948-1970)، ثم الدكتوراه من جامعة بغداد، وعمل مدرساً في الجامعة المستنصرية منذ 1966، عمل في الصحافة الأدبية سكرتيراً للتحرير ورئيساً للتحرير، وكان عضو اتحاد الكتاب العراقيين، وعضو نقابة الصحفيين العراقيين واتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين.
من كتبه:
- سفر بين الينابيع (شعر) بغداد.
- موتى على لائحة الانتظار (شعر) النجف، دار الحكمة، 1969.
- البصرة ـ حيفا (شعر) بغداد، 1975.
- المعلقة الفلسطينية، بغداد، 1989.
- الشعر الفلسطيني الحديث (بحث بغداد، وزارة الثقافة دار الحرية للطباعة، 1978).
- شاعر من فلسطين (مطلق عبد الخالق) بغداد، 1988.
شاعر عراقي..
في مقالة بعنوان (خالد علي مصطفى: شهادة موجزة عن رجل مسهب) يقول “سامي مهدي”: “والرجل هو صديقي الشاعر خالد علي مصطفى، عرفته منذ عام 1958، عام دخولنا كلية الآداب، ولكن علاقتي به توثقت في أواسط الستينيات، حتى صرنا صديقين حميمين. إذن فهي صداقة عمرها نحو نصف قرن. وخالد شاعر مبدع مجتهد، ولكن النقد لم يولِ شعره من الاهتمام ما يستحقه، ومن الدراسة ما هو جدير بها، والسبب يعني النقاد وعددهم النقدية وانحيازاتهم الخاصة، ولا يعني شعره وعافيته الإبداعية. أما هو نفسه، أما خالد، فقد كان، دائماً، متحرجاً، زاهداً، في الحديث عن نفسه وعن شعره. وأما أنا فقد كتبت عنه وله أكثر من مرة، كتبت مرات:- كتبت قصيدتين أهديتهما له هما قصيدتا: القيامة، ورغبة، وكتبت عنه، عن شخصه قصيدة عنوانها: خالد علي مصطفى.. وحين ألّفت كتابي (الموجة الصاخبة) كان اسم خالد يتردد في الكثير من صفحاته، وعدا ذلك خصصته بصفحات منه حللت فيها إحدى قصائده المبكرة هي قصيدة: ملاح الصحراء. وحين نشر ديوانه الأخير (غزل في الجحيم) كتبتُ عن هذا الديوان دراسة موسعة من ثلاثة مباحث عنوانها: في شعرية خالد علي مصطفى، ونشرتها أكثر من مرة. وكتبت عن خالد وشعر خالد غير هذا وذاك، وها أنا أكتب الآن هذه الشهادة الموجزة.. خالد علي مصطفى شاعر جاد، مثقف، واسع الثقافة، عميقها، وهو معروف بطلاقة لسانه، وخصب حديثه، لم تغره السهولة ولا بهارج اللعبة، ولم يعنَ بالادعاء، أو الاستعراض، ولا البحث عن الأضواء. إنه يكتب قصيدته ويتركها لنا، ولا يمنّ بها علينا. أرى أن شعر خالد ينتمي إلى الشعر العراقي الحديث في خصائصه الفنية، قبل أن ينتمي إلى غيره، حتى ليمكن القول: إنه شاعر عراقي، قبل أن يكون شاعراً فلسطينياً. ولعل من المفارقة أن يعده العراقيون شاعراً فلسطينياً في حين ينظر إليه الفلسطينيون وكأنه شاعر عراقي!”.
الشعر الستيني..
ويواصل: “خالد علي مصطفى من صنّاع النموذج الشعري الستيني في العراق على المستويين النظري والتطبيقي. وهو مساهم نشيط، وسبّاق، ومبدع في صناعة هذا النموذج. وقد كان بنماذجه، وحضوره، وإسهامه الفعلي، وفي مجمل فعاليته، النقدية منها وغير النقدية، من أركان حركة الشعر الستيني السبّاقين والفاعلين في العراق. وكان شريكي في فكرة إصدار مجلة شعر 69، وكنا معاً عند تقديم طلب الحصول على امتياز إصدارها، هو سكرتيراً للتحرير، وأنا رئيساً للتحرير، وهذا قبل أن تستضيف المجلة في رحابها الشاعر فاضل العزاوي.. في الوهلة الأولى تبدو قصيدة خالد صعبة عصيّة، ولكنك إن أمعنت النظر فيها تكشفت لك أسرارها، وتبدّت بكل حيويتها وخصبها وثرائها. فهي قصيدة تغلب عليها الصنعة، قصيدة ذات طبقات، مركّبة تركيباً معمارياً دقيقاً، ومعقداً، ولذا تتطلب قراءة صبورة تخترق بنيتها السطحية وتصل إلى بنيتها العميقة، لاكتشاف قوانين اشتغالها، والتعرف على نسيجها الداخلي. وخالد نفسه لا يبخل على القارئ اليقظ بتسليمه مفاتيحها، أو بعض هذه المفاتيح في الأقل. فهو لا يترك قارئه من دون موجهات تقوده في عملية القراءة، سواء أجاءت الموجهات في عنوان القصيدة أم في ثناياها. ولكنه لا يبالغ في ذلك فيكشف له أسرار قصيدته، بل يضع صوى على الطريق ويتركه ومتعة الاكتشاف والتأمل والتأويل. وقصيدة خالد تنطلق عادة من تصور شعري للعالم، أو من لحظة تصورية معينة من لحظاته، ولكنه تصور يقترن برؤية فكرية موازية له، هي في الأصل سابقة عليه. ولهذا يمتزج في قصيدته الوعي باللاوعي، والحقيقة بالحلم، والواقع بما وراءه”.
شعر بعيد عن المباشرة..
في مقالة بعنوان (قراءة في قصيدة رحلة الغجر للشاعر الفلسطيني خالد علي مصطفى) يقول “د. رعد رحمه السيفي”: “وخالد من جيل شعري هام في خريطة الشعر العربي المعاصر، فهو الستيني في كل ما يحمل هذا المصطلح من دلالة تجديدية ورؤيوية وثقافية خاصة. نشر قصائده منذ نهاية الخمسينيات، وعرف اسما بارزاً على خريطة الشعر الفلسطيني المعاصر مع محمود درويش وسميح القاسم ومعين بسيسو وتوفيق زياد ومحمد القيسي وآخرين من شعراء الشتات. وتمتلك قصيدة الشاعر خالد علي مصطفى بعداً رؤيوياً خاصاً، جعلت من شعره يمتاز بفرادة لا يتوافر عليها متن الشعر الفلسطيني، فهو شاعر مثقف، ويمكن لي أن أقول: إن قصيدته مكتنزة بالإيحاءات التي تفضي إلى عدد لا يحصى من الدلالات المتنوعة، وبالتالي بقي شعره خارج حدود الهتاف والاحتجاج والهبوط بالموضوع من أفق علوي إلى المباشرة الفجة التي لا تبقي من الشعر شيئاً على الإطلاق. وعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن فرادة نص خالد علي مصطفى متأتية من هذا الحرص الشديد على ثراء الجملة الشعرية بأفق واسع من الدلالات الموحية والاهتمام الخالص باللغة وتثقيفها والابتعاد عن الجمل الإنشائية المباشرة التي تقتل روح الشعر.. كل هذا، وغيره جعل من خالد بعيدا عن الأضواء على الرغم من أنه احتل مساحة واسعة في الإبداع العراقي، فهو واحد من فرسان البيان الشعري الصادر عام 1969مع زميليه سامي مهدي وفوزي كريم، ذلك البيان الذي دعا إلى تأسيس رؤيا جديدة للشعر، ورسم أفقٍ جديدٍ لحداثة تتكئ كثيرا على المعرفة المستمدة من التراث الأدبي العربي ـ بشعره ونثره ـ علاوة على دور المثاقفه في تطوير الرؤيا والأداة”.
وفاته..
توفي “خالد علي مصطفى” في أحد مستشفيات بغداد يوم 26 فبراير 2019