خاص : ترجمة – آية حسين علي :
طرحت صحيفة (سي. إن. إن) الأميركية سؤالًا هو: ترى كم سوف يبلغ عدد المعتقلين والمتهمين والذين يقضون فترات العقوبة؛ حتى يتمكن النظام القضائي والسياسي من وضع حل للمأساة الوطنية التي تدور في “الولايات المتحدة” بالتصوير البطيء منذ وصول الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، إلى الحكم ؟
وذكرت الصحيفة الأميركية، في تقريرها، أن هذا هو السؤال المنطقي الذي نطرحه على ضوء ما كشفته صحيفة (نيويورك تايمز) بشأن محاولات “ترامب” لعرقلة سير التحقيقات حول علاقته المزعومة بـ”روسيا”.
“ترامب” يحاول عرقلة التحقيقات..
أشار تقرير لـ (التايمز) إلى أن الرئيس انتقد التحقيقات حول مزاعم علاقته بـ”روسيا” بشكل علني أكثر من ألف مرة، وشكل ضغطًا على مسؤولين عدة بهدف عرقلتها أو التأثير عليها، وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الإستراتيجية تضمنت محاولات للتخويف والإذلال، وضعت مصير عدد من المسؤولين في خطر؛ سواء من خضع منهم أمام التهديد ومن صمد.
وبحسب الصحيفة؛ بدأ نواب “الحزب الديموقراطي”، في مجلس النواب، التحقيق حول ما إذا كان المدعي العام السابق، “ماتيو ويتاكر”، قد أدلى بشهادة زور عندما نفى تعرضه لأي ضغوط من جانب الرئيس، وذكرت متحدثة باسم “وزارة العدل” أن “ويتاكر” صرح بأن: “البيت الأبيض لم يطلب منه أي شيء، ولم يوعده أو يطلب منه إلتزامًا بالقيام بأي أمر يخص التحقيقات”.
وفي تكرار للمحاولات الحثيثة لـ”ترامب” كي يمنع المدعي العام الذي خلف ويتاكر، “غيف سيشنز”، من التدخل في التحقيقات؛ يعتقد بأن الرئيس طلب من “ويتاكر” أن توكل مهمة استكمال العمل الذي كان يقوم به مكتبه حول القضية إلى المدعي العام الفيدرالي في نيويورك، “غيوفري بيرمان” – الذي منع من التدخل أيضًا بسبب صراع المصالح -، وفي الواقع إذا كان “بيرمان” قد تولى هذه المهمة لقام بتوجيه اتهامات لمحامي الرئيس سابقًا، “مايكل كوهين”.
واتهم “كوهين” بدفع رشوى لممثلة الإباحية، “سترومي دنيالز”، بعدما أبرم معها اتفاقًا بعدم التحدث في الإعلام عن علاقاتها بـ”ترامب”، خلال فترة الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها عام 2016، بينما نفى الرئيس الواقعة، ومع ذلك، يعكس الدور الذي لعبه “كوهين” مدى ولاءه الشديد للرئيس؛ ويؤكد أن “ترامب” أئتمنه على أسراره لفترة طويلة.
“ترامب” حول رجاله إلى ضحايا..
وذكرت (سي. إن. إن) أن “ويتاكر” ينضم إلى قائمة طويلة لأسماء أشخاص أغتيلوا معنويًا؛ نظرًا لعلاقاتهم بالرئيس الذي يعتبر كسر المعايير مبدأ أساسيًا، بداية من “كوهين”، ثم مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق، “مايكل فلين”، ورئيس حملة “ترامب” الانتخابية الأسبق، “بول مانافورت”، ومساعد رئيس الحملة الأسبق، “ريك غيتس”، ومستشار الرئيس الأسبق، “جورج بابادوبولوس”، وجميعهم يخضعون للتحقيقات لضلوعهم في إرتكاب جرائم، وتعتبر علاقاتهم بـ”ترامب” أحد أبرز أسباب هذه الاتهامات، حتى ولو لم تكن التهم المنسوبة إليهم لها علاقة بالحملة، كما يضاف للقائمة، أسمًا بارزًا هو، “روغر ستون”، الذي كان صديقًا لـ”ترامب” لفترة طويلة.
ويبدو أن مبدأ كسر القواعد الذي يتبعه “ترامب” مهد الطريق أمام سلوكيات مشابهة مع رجاله، وتكرار الإقالات والفصل والفضائح التي تطال كل من حوله يثبت ذلك، وبالنظر إلى الطريقة التي أعتاد “ترامب” التعامل بها مع رجاله، حتى قبل أن يعلن ترشحه للانتخابات في 2015، نجد أن تاريخه مليئًا بالإساءة، ومثال على ذلك قيامه بالاحتيال على طلاب “جامعة ترامب”، والتعامل السيء مع الموردين والدائنين، بالإضافة إلى تعرض شركاته للإفلاس عدة مرات.
ثم جاءت انتخابات عام 2016، وأعلن “ترامب” ترشحه مستخدمًا وعودًا كاذبة حول الهجرة والجريمة، وهنا فرق بين الداعمين له ومن يعارضوه وشن حربًا شرسة تفتقر إلى الآداب مع المعارضين له، ومثال على ذلك اتهامه لوالد منافسه السيناتور الجمهوري، “تيد كروز”، بالضلوع وراء اغتيال الرئيس الأميركي الأسبق، “جون كينيدي”، لكنه بعدما نجح في الانتخابات لم يعد يرى أي ضرورة لكشف الحقيقة، ودعا إلى سجن معارضه.
مبدأ “الفتوة”..
وكشف النائب السابق لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، (أف. بي. آي)، “أندرو مكيب”، في كتابه حول عهد “ترامب”، عددًا من أسرار “وزارة الدفاع”، ومنها تقاريره حول القلق من إمكانية عمل “ترامب” لصالح “روسيا” وليس الأميركيون، ورغم توجيه الكثير من الانتقادات لـ”مكيب” لنشره هذه التفاصيل إلا أنه على ما يبدو أن شعوره بالواجب الوطني هو ما دفعه إلى التحدث.
وذكرت (سي. إن. إن)، في تقريرها، أن الأصوات الناقدة لـ”مكيب” تقول بأنه استهدف من وراء نشر هذه الأسرار تحقيق المزيد من المبيعات، لكن في الحقيقة أنه يدق ناقوس الخطر، وأن الأجراس لم تكف عن إصدار الصوت منذ اللحظة التي أعلن فيها “ترامب” ترشحه، وتزداد قوتها كل يوم، خاصة أن الرئيس يتبع مبدأ “الفتوة” والتخويف والإذلال والتهديد طوال حياته حتى قبل ووصوله إلى “البيت الأبيض”.