15 أبريل، 2024 10:59 ص
Search
Close this search box.

العالم يحتاجها اليوم … معاهدة دولية لحظر الاستخدام السياسي للدين

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص / لندن – كتابات
أعلن في لندن عن تأسيس منظمة غير حكومية تسعى لمصادقة الدول على معاهدة دولية ملزمة لحظر الاستخدام السياسي للدين من قبل الدول والكيانات السياسية ومنع انتهاكات استخدام الدين لتقويض العدالة وحقوق المواطنة المتساوية للأفراد حفاظا على كيان الدول وضمان الاستقرار ومعالجة جذور أخطر الصراعات العالمية.
ملخص طرح جريء قدمه الكاتب سلام سرحان الذي أطلق فكرة المعاهدة في مقال له في صحيفة الاندبندنت البريطانية، تحت عنوان “لماذا أطلقت حملة عالمية لحظر الاستخدام السياسي للدين؟”.
يقول الكاتب إن القوى العالمية الكبرى ارتكبت في الماضي أخطاء فادحة في التعامل مع الصراعات الإيديولوجية والدينية، وقدمت بذلك خدمات كبيرة للجماعات الإرهابية والمتطرفة، وأنه حان الوقت لإطلاق معاهدة دولية لحظر الاستخدام السياسي للدين.
يبدأ المقال بالتأكيد على أنه من البديهي أن استخدام الدين لأغراض سياسية كانت له آثار سلبية على مدى تاريخ البشرية، وأنه يمثل اليوم السبب الرئيس في استمرار إشعال وتأجيج أخطر الصراعات العالمية المستعصية.
ويعبر كاتب المقال عن أسفه لأن معظم انتهاكات الاستخدام السياسي تحدث اليوم باسم الدين الإسلامي، ثم بنظرة أشمل يؤكد أن الاستخدام السياسي لجميع الأديان أدى ولا يزال يؤدي إلى ذات النتائج ولذلك ينبغي أن تكون هناك وقفة دولية على أعلى مستوى لحظر استخدام جميع الأديان لأغراض سياسية.

الثورة الإيرانية أيقظت قوى الظلام في المنطقة

ويرى كاتب المقال أن الثورة “الثيوقراطية” في إيران التي تركز على تصدير إيديولوجية طائفية، كانت نقطة تحول أيقظت على مدى 40 عاما الكثير من قوى الظلام في الشرق الأوسط وأنحاء العالم.
كما يلفت النظر إلى أن الأوضاع ازدادت سوءاً منذ زعزعة استقرار العراق بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 والثورات اللاحقة في العديد من بلدان المنطقة في عام 2011، التي أدت لظهور تنظيمات إرهابية كثيرة، وهو ما يحصل دائما في حالات الفوضى، على حد قوله.

دول كثيرة تستخدم الدين في السياسة

وضرب سلام سرحان المثل ببعض الدول التي توظف وتتاجر بالدين في السياسة، وكيف أنها تسببت في ازدياد حمى الاستخدام السياسي للدين، وعلى رأسها إيران، العراق، تركيا، لبنان، سوريا، أفغانستان، باكستان، ليبيا، اليمن ونيجيريا وميانمار، فضلا عن تأكيده أنها تهدد بشكل خطير حياة الكثير من الجماعات والأقليات والأفراد في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الدول الغربية.
يلوم كاتب المقال الدول الكبرى التي أخفقت في التعامل مع الصراعات ذات الطابع الديني والايديولوجي، مؤكدا أنه من السهل إلقاء اللوم على الأنظمة الإقصائية القمعية المتهورة، لكن لا يمكن في الوقت نفسه إغفال الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها القوى الكبرى في العالم بشكل متواصل عند التعامل مع تلك الصراعات، بل يرى أنها خدمت بشكل مباشر الجماعات الطائفية والمتطرفة.
على المجتمع الدولي التحرك الآن
سرحان يقول إن المجتمع الدولي يجد نفسه اليوم مضطرا لبذل جهود وموارد هائلة للتعامل مع نتائج الاستخدام السياسي للدين، لكن تلك الجهود يمكن أن تكون أكثر فاعلية لو قام المجتمع الدولي بتنسيق تحرك عالمي منظم لمعالجة أسباب تلك الصراعات، من وجهة نظره.
فهو يقول في تفاصيل طرحه أن هناك الآن حاجة ماسة للتحرك نحو بناء إجماع دولي لمنع أي إساءة استخدام للدين من قبل الحكومات والجماعات الدينية لتحقيق أغراض سياسية، بل الأفضل حاليا هو إطلاق حملة لوضع معاهدة دولية لحظر الاستخدام السياسي للدين، على أن تبدأ تلك الحملة من خلال جذب دعم شخصيات مؤثرة لتكريس حركة عالمية تؤدي في وقت لاحق إلى وضع معاهدة رسمية لممارسة الضغط على الدول التي تنتهك بنودها.
ويتوقع كاتب المقال أن تصادق معظم دول العالم على معاهدة من هذا النوع؛ لأن جميع الدول المسؤولة والتي فيها سيادة للقانون لا يمكن أن تسمح باستخدام الدين لتحقيق مكاسب سياسية، فضلا عن أنه يرى أن هناك العديد من الحكومات التي ستستثمر المعاهدة في مواجهة ضغوط الجماعات الدينية وإزالة الانتهاكات التي تعاني دولها منها.

تفنيد مزاعم المتطرفين المستخدمة لتجنيد البسطاء في الجماعات الإرهابية

من ضمن أهداف المعاهدة التي يدعو إليها “سرحان”، توفير قواعد واضحة للمجتمع الدولي لكيفية التعامل مع الصراعات ذات الطابع الديني، لمنع وقوع الأخطاء المدمرة التي ترتكبها الدول الكبرى. كما ستوفر نقطة انطلاق لدحض ادعاءات المتطرفين والإرهابيين بأنهم يدافعون عن الإسلام، أو أي دين آخر.
كما ستعمل على تعطيل الأداة الرئيسية التي يستخدمها المتطرفون في خداع البسطاء وتجنيدهم عن طريق الادعاء بأن هناك حربا عالمية ضد عقيدتهم.
يقول الكاتب إن هناك اليوم حاجة ملحة للضغط على القوى العالمية للانتباه بشكل أكبر إلى الحساسيات الدينية والسياسية والاقتصادية عند اعتماد سياسات وقرارات كبرى من أجل تجنب مفاقمة الصراعات التي تتدخل فيها، ويشير إلى أن الأخطار لا تأتي فقط من أولئك الذين يعتقدون أن لديهم حقا إلهيا يخولهم سحق حقوق الآخرين، بل تأتي أيضا من ردود الفعل المتطرفة ضد الأبرياء، الذين ينتمون لنفس عقيدة المتعصبين.
ويشير الى أمثلة أخرى مثل دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة والاعتداءات ضد المهاجرين والأقليات في أجزاء كثيرة جدا من العالم، وبضمنها أوروبا.

معاهدة لمنع الانتهاكات على غرار معاهدة منع الانتشار النووي

ويعرض “سرحان” مسار المعاهدة التي يدعو إليها، والتي بدأت بتأسيس منظمة غير حكومية تعمل لتأمين مصادقة الحكومات على معاهدة دولية يتم التحضير لها بعناية لحظر الاستخدام السياسي للدين، على غرار معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.
ويشير إلى أن المعاهدة ستضع إطارا واضحا لجميع أنواع انتهاكات إساءة استخدام الدين في السياسة، وأنها ستمثل خطوة كبيرة لتعزيز احترام حقوق الإنسان من خلال تحرير أولئك الذين يعانون من القمع الديني، الذي يعد أحد أكبر انتهاكات حقوق الإنسان، من وجهة نظر كاتب المقال.
ومن ضمن بنود ميثاق المعاهدة التي يدعو إليها “سرحان”، تعزيز احترام الأديان وتشجيع المزيد من الشفافية في العمل السياسي، وهو ما سيؤدي إلى تقويض ترويج المتطرفين لادعاءات بوجود أجندة دولية ضد دين معين.
يخاطب “سرحان” ضمير الحكومات، بقوله إن مصادقة دول العالم على المعاهدة سيعزز كفة قيم الاعتدال والتسامح في العالم، بل يراها خطوة كبيرة نحو جذب الدول المارقة إلى إجماع قيم المجتمع الدولي، مثلما حدث في أعقاب اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 1948.
ويذكر أن تدشين تلك المنظمة غير الحكومية، سيتضمن إنشاء مرصد عالمي لمراقبة انتهاكات الاستخدام السياسي للدين وزيادة الوعي بأضرارها وتزويد المنظمات ووسائل الإعلام والأطراف المعنية الأخرى بإحصاءات وحقائق موثقة وذات مصداقية بشأن الانتهاكات التي تحدث في جميع أنحاء العالم.

معاهدة تقصي رجال الدين من العمل السياسي

في النهاية، يرى الكاتب أن خطوة كهذه تأخرت كثيرا، ومن شأنها تنسيق جهد عالمي لوقف استخدام جميع الأديان لتبرير أغراض سياسية والمغامرة بتهييج التعصب الديني والانقسام لخدمة أهداف سياسية، لافتا إلى أن عددا قليل جداً من الدول قد يتردد في تأييد مثل هذه المعاهدة، ومن بينها دول متورطة في مثل هذه الأعمال والانتهاكات، لكنها تنفي استخدام الدين كأداة سياسية. وقد تصادق عليها تحت وطأة تلك الادعاءات وهو ما يسهل الضغط عليها لمنع استمرار الانتهاكات.
هي مبادرة من شأنها أن تغير طريقة عمل الحكومات والمؤسسات في دول كثيرة ومراقبة انتهاك بنودها في جميع دول العالم وبضمنها الدول المتقدمة، من خلال إقصاء تأثير رجال الدين على قواعد العدالة الاجتماعية وحقوق المواطنة المتساوية لجميع الأفراد ومطاردة أي انتهاك وتلاعب بمصائر الشعوب والبسطاء من أجل تعزيز السلام في العالم ومعالجة أسباب اندلاع الصراعات قبل حدوثها.
في نهاية مقاله في صحيفة الاندبندنت وضع الكاتب بريده الإلكتروني، داعيا من يرغب في المساهمة في جهود دعم هذه المبادرة إلى مراسلته عبر هذا البريد الالكتروني:
[email protected]

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب