خاص : ترجمة – بوسي محمد :
رغم ردود الأفعال المتباينة التي قوبل بها فيلم (Bohemian Rhapsody)، والذي تدور أحداثه حول المغني العالمي الشهير، “فريدي ميركوري”، المعروف بشذوذه داخل فريق “Band Queen” ويتتبع الفيلم صعود الفرقة من خلال أغانيهم الإيقونية، حتى يصلوا إلى نجاح لا مثيل له، لكن اجتمع النقاد على أداء الممثل الأميركي ذو الأصول المصرية، “رامي مالك”، مثمنين على موهبته وأداءه الذي تفوق فيه على نفسه.
نجح “رامي مالك” بشخصية، “فريدي ميركوري”، أن يصبح بين ليلة وضحاها حديث العالم، لدرجة تجعلك تتساءل بإستهجان بين ذاتك من صاحب الفضل على الآخر، ولكن بالتأكيد أن “رامي” ساهم في تعريف الأجيال الجديدة الذين لم يحالفهم الحظ في معاصرة “فريدي ميركوري”.
بائع الفلافل.. حاصد جوائز هوليوود..
“لكل مجتهدًا نصيب”.. مقولة طالما رددها الكثير بمختلف مشاربهم وطموحاتهم، ولكنَّ القليلَ من يدركها إدراكًا صحيحًا ثم يعمل بموجبها. ويبدو أن “رامي” أدرك ذلك وعمل بهذه الحكمة، إذ نال من وراء مجهوده إشادات واسعة وجوائز عالمية، أهمها “غولدن غلوب أفضل ممثل”، وجائزة “أفضل ممثل” من حفل توزيع جوائز الـ”بافتا” البريطانية، و”أفضل ممثل” في حفل “نقابة ممثلي الشاشة” المعروف، بـ (SAG).
لم يعتمد “رامي”، الشاب البسيط الذي عمل بائع فلافل في أحد مطاعم “هوليوود” قبل اقتحامه قطاع الفن السابع، على المظهر الداخلي ليبدو مثل هيئة “فريدي” اليافع بشعره الطويل والأسنان البارزة، والماكياج، وكل صيحات السبعينيات، ومظاهر فناني موسيقى “الروك”، (Glam-Rock)، المبكرة. إذ تقمص أدائه وإيماءاته وحركاته على المسرح الذي اشتهر بها، لتكاد تظن أنك بالفعل أمام “فريدي ميركوري”. وهي خطوة تحسب لـ”رامي”، الذي نجح في إقناع الجمهور بأنه “فريدي”.
قصة الفيلم تتناول حياة “فريدي” الجنسية، ومن المعروف أنه كان شاذًا، ولكن حرص صُناع العمل في تناول حياته الجنسية بشكل أخلاقي تجعل المشاهد يتعاطف معه. حسبما أوضح مصمم الأزياء العالمي، “أليكسيس بيتريديس”، قائلاً: “يبدو أن الفيلم ينظر إلى حقيقة أنه كان شاذًا؛ على أنه قليل من المأساة”.
أسلوب راقي نجح في جذب التعاطف..
نجح الفيلم في تصدر شباك الإيرادات بمبلغ وصل، حتى الآن، 844 مليون دولار، (645.5 مليون جنيه إسترليني)، متفوقًا بذلك على فيلم (A Star Is Born)؛ لنجمة “البوب” الأميركية، “ليدي غاغا” و”برادلي كوبر”.
تناول المخرج، “برايان سينغر”، مشاهد الشذوذ الجنسي في الفيلم، دون أن يجعلك تنتقص من نظرتك لـ”فريدي” أو من صديقه الذي يمارس معه الشذوذ، وهنا تكمن خبرة المخرج الذي احترم حب الجمهور وتقديره لشخصية “فريدي”. وهي واحدة من الأسباب الجوهرية التي تؤكد على أحقية فوز الفيلم بـ”أوسكار أفضل فيلم”، في الحفل المقرر إنطلاقه يوم 24 شباط/فبراير الجاري.
أقتبس الفيلم اسمه من أغنية فرقة “Queen”، الفرقة التي سُرعان ما احتلّت المراكز الأولى لتصنيفات الأغاني في كلّ من “بريطانيا” و”الولايات المتّحدة الأميركيّة”، الشهيرة (البوهيمي الرابسودي)، تلك الأغنية التي حققت صدى واسع وقتذاك، وكانت نقطة إنطلاق الفرقة عالميًا. والتي كتبها “ميركوري” بنفسه، وكانت من نوع “الروك الرّوائي” وبطول سبع دقائق.
أهم ما يميز هذه الأغنية، إبراز “ميركوري” لموهبته الفريدة بقدرته على أداء أصوات يتراوح مداها بين أربعة أوكتافات، حيث سجّل أداءه لتلك النغمات فوق صوت الأغنية الأساس. وسرعان ما أصبحت هذه الأغنية الفريدة الأولى في لوائح الأغاني البريطانية، والعاشرة في “الولايات المتحدة الأميركية”.
رغم أن الفيلم ينتمي لنوعية الأعمال الاستعراضية الغنائية، لكنه تضمن مشاهد حميمية تجعلك تبكي من شدة تأثرك بها، وذلك عندما سلط الضوء على رحلة مرضه وإعترافه بأنه مصُاب بـ”الإيدز”، لتنهي مسيرته الفنية الحافلة بالمحطات الناجحة وهو بعمر الخامسة والأربعين، بتاريخ الرابع والعشرين من تشرين ثان/نوفمبر عام 1991، وذلك إثرَ إصابته بذات الرّئة الناتج عن إصابة “ميركوري” بمرض نقص المناعة المُكتَسب، (AIDS). وأُقيمت جنازته طبقًا لشعائر إحدى الطوائف الهندية التي كان ينتمي لها، (Parsi).
“رامي مالك” و”فريدي ميركوري” متشابهان في الهجرة والهدف..
بالتمعن في تفاصيل حياة كلاً من النجمين، “فريدي ميركوري” و”رامي مالك”، تجد أن حياتهما متشابهة إلى حدَ ما، فالاثنين بدأوا في شق طريقهم نحو العالمية من داخل “هوليوود”، فقد هاجر “رامي” وأسرته إلى “الولايات المتحدة الأميركية” وعاش فيها، وكذلك “فريدي” ذا الأصول الهندية، حيثُ تلقّن أصول العزف على البيانو في “مومباي”. ثم انتقل في الستّينيات مع عائلته إلى “لندن”، حيثُ إرتاد هناك كليّة الفنون “Ealing College of Art”. وأصبح صديقًا مقربًا مع العديد من الموسيقيين، من بينهم زملاؤه في فرقته “Queen”، وهم عازف الآلات الإيقاعية، “روغر تايلور-Roger Taylor”، وعازف الغيتار، “برايان ماي-Brian May”.
في عام 1969؛ أصبح “ميركوري” المغني الرئيس ضمن مجموعة موسيقية حملت اسم، “Ibex”، كما أنه عمل مع العديد من الفرق الأُخرى قبل أن يتعاون مع زملائه، “تايلور” و”ماي”، على إنشاء فرقتهم الخاصّة، حيث اجتمعوا عام 1971، مع عازف الغيتار، “جون ديكون-John Deacon”، وبذلك أنضمّ الرّباعي في فرقة واحدة أطلق عليها “ميركوري” اسم؛ “Queen”.