23 نوفمبر، 2024 5:15 ص
Search
Close this search box.

المتلاعبون بالقانون، قانون الموازنة الاتحادية ومنصب الممثل الدائم للعراق لدى منظمة اليونسكو؟

المتلاعبون بالقانون، قانون الموازنة الاتحادية ومنصب الممثل الدائم للعراق لدى منظمة اليونسكو؟

عند صدور أي قانون ونشره في الجريدة الرسمية يعتبر ذلك القانون نافذا من يوم نشره ويصار الى تنفيذه بكل حذافيره خصوصا إذا لم يكن هناك غموضا في النص، فعندها يتم الاستعانة بالتعليمات المرافقة لكل قانون او بأهل التفسير القانوني ولا يستثنى أحدا من تطبيق القانون مهما علا منصبه الا إذا كان هناك استثناءً صريحا في القانون نفسه أو أن القانون قد فوض صراحة و ضمن فقراته جهة معينة باستثناء البعض وعدا ذلك فأن الاستثناء يعد تعطيلا للقانون وتحاسب الجهة التي تعطل القانون ويحاسب الشخص المعنوي او الطبيعي الذي يخالف القانون.
حين صدر قانون الموازنة الاتحادية لجمهورية العراق رقم 9 للعام 2018 كان الدافع الرئيسي في معظم فقراته هو تقليص المصاريف غير المبررة التي اثقلت كاهل العراق وسببت له المديونية والعجز فألغى بعض المناصب وقلص الكثير من الوظائف واسند عمل بعض المؤسسات لجهات أخرى قادرة على إدارتها وقلص الكثير من المصاريف الزائدة التي لا داعي لها ومن تلك المناصب التي تم الغائها مناصب ممثلي البعثات الدبلوماسية العاملين في المنظمات العربية والإقليمية والدولية (المادة 26 خامسا د), ومنها منصب الممثل الدائم للعراق في منظمة اليونسكو في باريس بعد أن ارتأى المشرع بأن هذا المنصب لا مبرر له لا سيما وأنه يكلف الدولة مبالغ طائلة في الوقت الذي يمكن لسفارة جمهورية العراق في فرنسا ان تديره بموظف دبلوماسي واحد!!
في المادة 26 (خامسا د) ذكر القانون صراحة على إعادة رؤساء الممثليات الدبلوماسية باستثناء ممثلية العراق في جنيف ونيويورك وهذا نص الفقرة المذكور (د-على الجهات المختصة اعادة رؤساء الممثليات والبعثات العراقية الدبلوماسية من العاملين في المنظمات العربية والاقليمية والدولية الى مركز الوزارة المعنية على ان يبقى التخفيض لموظفي الملاك الدائم والمستخدمين المحليين على حاله والتي تم اقراره في موازنة عام 2017، ويتولى سفير العراق في تلك الدولة ادارة شؤون الممثلية المالية على ان يتولى موظفو الممثلية او البعثة تسيير الامور الادارية، ويستثنى من ذلك بعثة العراق في نيويورك والمنظمة الدولية في جنيف.) فالنص واضح وصريح ولا يحتمل التفسير واللبس وليس فيه أي غموض.
وفي قانون الموازنة الاتحادية للعام الحالي 2019 وفي المادة 30 (ثانيا د) أعاد نفس النص السابق الذي ذكر في قانون الموازنة للعام 2018 وفيما يلي نص الفقرة المذكورة ( د-على الجهات المختصة اعادة رؤساء الممثليات والبعثات العراقية الدبلوماسية من العاملين في المنظمات العربية والاقليمية والدولية الى مركز الوزارة المعنية على ان يبقى التخفيض لموظفي الملاك الدائم والمستخدمين المحليين على حاله والتي تم اقراره في موازنة عام 2018، ويتولى سفير العراق في تلك الدولة ادارة شؤون الممثلية المالية على ان يتولى موظفو الممثلية او البعثة تسيير الامور الادارية، ويستثنى من ذلك بعثة العراق في نيويورك والمنظمة الدولية في جنيف.) وبهذا النص المكرر فقد حسم المشرع العراقي أي نقاش بشأن تلك المناصب وأوجب إعادة الممثلين الى وزارتهم المعنية.
لكن ما حصل فعلا هو العكس فلم يلتزم ممثل العراق الدائم لدى اليونسكو بهذا القانون رغم ان وزارة التربية وهي صاحبة القرار كون المنصب يعود لها فقد اتخذت الإجراءات اللازمة وارسلت عدة أوامر وزارية بهذا الصدد وباسم الممثل الدائم بالحرف وفيما يلي ارقام وتواريخ تلك الأوامر
الامر الوزاري ذي العدد 6377 في 14 /3 / 2018 والصادر من وزارة التربية وبتوقيع د. محمد اقبال وزير التربية السابق والقاضي بأعاده الممثل الدائم الى مقر الوزارة (مرفق مع المقال)
كتاب اللجنة المالية في مجلس النواب ذي العدد 2411 في 10 / 4/ 2018 المعنون الى وزارة الخارجية وبتوقيع رئيس اللجنة د. محمد تميم والذي يطلب فيه استنادا الى المادة 26 خامسا د من قانون الموازنة الاتحادية للعام 2018 بالإيعاز الى بعثات العراق الدبلوماسية (السفارات والقنصليات العامة) في الخارج بالقيام بإدارة شؤون ممثليات العراق لدى المنظمات العربية والاقليمية والدولية وحضور الاجتماعات على مستوى السفراء إضافة لمهامهم). (مرفق مع المقال)
الكتاب الوزاري ذي العدد 13 / 3/ 12298 في 16 / 4/ 2018 (عاجل وعلى الفور) م/ توجيه بتوقيع الأمين العام للجنة التربية والتعليم بإعادة الممثل الى الوزارة وفقا للمادة 26 خامسا د من قانون الموازنة الاتحادية للعام. (مرفق مع المقال)
الكتاب الوزاري الصادر من وزارة التربية ذي العدد 237 / 3 / 15359 في / 4/ 2018 بتوقيع د. محمد اقبال وزير التربية السابق والموجه الى مجلس الوزراء لاستحصال موافقة السيد رئيس الوزراء على إعادة الممثل الدائم الى ديوان الوزارة وفقا المادة 26 خامسا د من قانون الموازنة الاتحادية رقم 9 للعام 2018، وفي رأيي الشخصي أنه لا حاجة لهذا الكتاب لأن القانون صريح وواضح وواجب التطبيق دون العودة الى رئاسة الوزراء لكن الوزارة اتخذت هذا الاجراء بعدما عجزت عن إعادة الممثل الدائم الى مهام عمله السابق (مرفق مع المقال).
من ملاحظة الكتب أعلاه يظهر بشكل واضح وجلي أن هناك تعطيل لقانون مهم وهو قانون الموازنة الاتحادية الذي يعد من أهم القوانين في الدولة لأنه يحدد مسارها المالي لسنة كاملة.
وهنا نوجه الأسئلة التالية لمجلس الوزراء والبرلمان وهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية ووزارة التربية
من يقف وراء تعطيل هذا القانون بعد أن مضى على صدوره ونفاده عاما كاملا؟
أين ديوان الرقابة المالية من صرف الرواتب الفلكية ومخصصات السكن والإقامة والتأمين الصحي وغيرها في بلد غالي مثل فرنسا بعد نفاذ القانون منذ سنة وانتهاء سنة مالية من المفترض أن تكون قد تمت مراجعة حساباتها والسؤال موجه لوزارة التربية وهيئة النزاهة؟
لماذا تستمر وزارة التربية بصرف مخصصات ورواتب الممثل الدائم رغم أن قانون الموازنة الاتحادية للعام 2018 والعام 2019 قد ألغى هذا المنصب، والسؤال موجه للأمانة العامة لمجلس الوزراء وهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية؟
ما صلاحية الأمين العام للأمانة العامة لمجلس الوزراء السيد مهدي العلاق في ارسال كتاب يحمل العدد ( ق / 05 / 262 في 3/ 1/2019) معنون الى وزارة التعليم العالي يطالب فيه تمديد خدمة ممثل العراق الدائم لدى اليونسكو وشموله بقانون الخدمة الجامعية لبقائه في منصبه علما أنه وبالأصل لا يشمل بقانون الخدمة الجامعية لعام 2008 لأنه أساسا لا يمارس مهام الأستاذ الجامعي وقد تجاوز السن التقاعدي البالغ 63 عاما منذ العام 2016 كونه من مواليد شهر نوفمبر للعام 1953 من جهة وأن قانون الموازنة للعامين الحالي والماضي قد قرر اعادته لمكان عمله في الوزارة فكيف يحشر الأمين العام للأمانة العامة لمجلس الوزراء نفسه في هذا المطب الذي يوحي لمن لا يعرفه بأنه أما يقف وراء دعم شخص معين خلافا للقانون أو أنه لم يقرأ القانون ولم يفهمه وكلا الاحتمالين غير واردين فالسيد مهدي العلاق أحد أعمدة وزارة التخطيط العراقية سابقا ويفهم القانون ومشهود له بأنه لا يجامل على حساب القانون ولا يقف وراء أي شخص مهما كلف الامر اذا كان وقوفه خلافا للقانون ؟ لكن يبدو لي أنه قد خدع من قبل الممثل الدائم لدى اليونسكو. (مرفق مع المقال)
كيف تسكت هيئة النزاهة عن مثل هذا الخرق الفادح وهي تبحث عن الخروق القانونية بالمجهر لتعالجها وتوقفها وتحاسب المتسبب بها؟ فكيف فاتها هذا الخرق الجسيم؟
كيف يسكت مجلس الوزراء عن تعطيل القانون فيما يخص منصبا مهما ومعروفا للجميع ولا يمكن اخفاءه لأنه ليس منصبا إداريا بسيطا في احدى النواحي النائية؟
أين لجنة التربية والتعليم النيابية؟ وأين هيئات الرقابة الأخرى في البرلمان؟ ألا يعد ذلك تعطيلا لقوانين الهيئة التشريعية؟
أين القضاء العراقي من هذه الجريمة الواقعة على القانون والمتسببة بهدر مئات الالاف من الدولارات بغير حق وخلافا للقانون؟
اترك الإجابة لأصحاب القرار في الدولة العراقية خصوصا وإننا اليوم بلد مستقر والحمد لله وليس لأي جهة العذر في تعليق أخطائها على شماعة الإرهاب والحرب وأن الكابينة الوزارية الجديدة قد قطعت عهدا على نفسها بمحاربة الفساد أينما كان ومحاسبة الفاسد أيا كان، فهل هي مجرد وعود كسابقاتها أم أنها فعلا عازمة على ذلك، وأختم مقالي الاستقصائي هذا بقوله تعالى، بسم الله الرحمن الرحيم (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ) صدق الله العظيم.

أحدث المقالات

أحدث المقالات