17 نوفمبر، 2024 1:45 م
Search
Close this search box.

الدولة : موقف بلا موقف!

الدولة : موقف بلا موقف!

الدولة العراقية في وضعها الحالي تنفرد بتوصيفها عن كافة دول العالم ومنذ الحرب العالمية الثانية , بل تكاد تفتقد لأيّ توصيف لمفهوم الدولة – Concept of State في علم السياسة و وفق مواصفات الأمم المتحدة وحتى منظماتها الفرعية . فهذه الدولة او الحكومة تقودها مراكز قوى تمتلك تشكيلاتٍ مسلحة ذات ثقلٍ عسكري يوازي تسليح الجبش العراقي , ومراكز القوى هذه هي من خارج الكابينة الوزارية ولا ترتبط بالرئاسات الثلاث < وهو مصطلح عراقي مبتكر > , كما أنّ هذه المراكز هي التي تتحكم بالسياسة الخارجية للبلاد وتمتلك مواقف مسبقة وثابته تجاه بعض الدول العربية في المنطقة وبما يتجاوز المصالح الأقتصادية للعراق حتى ولو كانت مسببة للإضرار بهذه المصالح من زاويةٍ ما واكثر من ذلك .

والحكومة الحالية واحزاب السلطة ” ذات الصنف الواحد ” على ادراكٍ كامل بأنها غدت مرفوضة على الصعيد الجماهيري إنْ لم نقل منبوذه , وهذا الصعيد الجماهيري لا يستثني طوائفاً واعراقاً وادياناً وقوميات , بل أنّ الدولة العراقية الحالية هي التي تساعد على تشكيل رأيٍ عامٍ وموحّد بالضدّ منها ” ودون أن تستشعر ” وذلك جرّاء سياستها الداخلية المتّسمة بفشلٍ ذريعٍ ومدقع وفي كلّ المناحي والميادين والزوايا .

الرأي العام العراقي امسى واضحى مُعلناً وبعلانيةً بما يوازي ويوائم التظاهرات التي تندلع في اوقات الضغط الحكومي والحزبي كي تمارس حداً ادنى من التنفيس عن الإحتقان والغضب – Decongestion & fury , فالرأي العام هذا الذي يعبر عن نفسه من دونِ ناطقٍ رسمي ! قد باتَ سريع الإنتشار والترسّخ , فالى جانب حضوره الفاعل في الأماكن العامة وفي وسائط النقل وفي الأسواق والمحلات , وبلغ درجةً أنّ ايّ شخصين يلتقيان مصادفةً ودون معرفةٍ مسبقة بينهما , فالقاسم المشترك في حديثهما هو النقد الحاد للحكومة واحزابها المتحكمة .!

اصعب واعقد ما تواجهه حكومة السيد عبد المهدي بالإضافةِ الى بعضٍ من مراكز القوى , لايكمن في استحالة او شبه استحالة تقديم الخدمات الحياتية الأولية للجمهور العراقي , إنّما في اضطرارها للجوء بالتلاعب بالألفاظ والكلمات حيال الموقف من وجود قوات امريكية في العراق ” تحتَ أيّة مسميات ومواصفات ” , ويمكن القول من زاويةٍ ضيّقةٍ ما , بأنها في موقفٍ لا تُحسد عليه < ومَن ذا الذي يحسد هكذا حكومة غير مستقلة حتى بأرادتها .! > , فحكومتنا الرشيدة حيرى < وفي معيشةٍ سيكولوجيةٍ ضنكا > ! بين خشيةٍ لنتائجٍ غير محمودٍ عقباها اذا ما رفضت رفضاً قاطعاً للوجود الأمريكي في العراق وطالبت رسمياً بإخراج آخر جندي امريكي مكلّف من الأراضي العراقية , وبين الحالة الغريزية ” على الأقل ” في الأنتماء والأستجابة القلبية لأيّ مطالبٍ من الجارة الشرقية , فما هو الموقف من هكذا موقفٍ بلا موقف .!

أحدث المقالات