“الكاتب فى وطنى
يتكلم كل لغات العالم
إلا العربية
فلدينا لغة مرعبة
قد سدوا فيها كل ثقوب الحرية”
― نزار قباني
من كان يُتابع البارحة الأخبار ويبدي رأيهُ يُعارض ،ويَعترض يختلف ويَتفق ، أصبح ذلك من الماضي وبات هو اليوم الخَبر العاجل والمادة الدسِمة لوكالات الأنباء المَحلية ، أو العالمية ومواقع التواصل التي تحولت لسبب من أسباب القتل فوق منصاتها . نمارس من خلالها الجهل والتخَلف والهمجية ولكن بصورة عصرية رقمية وأكثر جاهلية ..!
عن ماذا أكتب وكل من كتب بحرية الفكر والعقل والمنطق تحول لمشروع ضحية ومَشروع مغدور بثلاث عشرة رصاصة أو منشار !
وأحيلت القضية للتحقيق من قبل الجهات الحكومية وكأنها تجهل السيناريو الذي تم إعدادهُ وتنفيذه على مرأى ومسمع من ينادون أمام عدسات الكاميرات بالحرية وحقوق الإنسان ، ويمارسون أبشع الأساليب وأرخصها لمصادرة الأفكار والآراء التي تخالف توجهاتهم وثوابتهم الجَليّة .
– حصر السلاح بيد الدولة !
جُملة سمعناها كثيراً في الأونة الآخيرة يرددها قادة العملية السياسية وصانعي القرار في العراق في كل مرة يحاولون فيها التحسين من صورة الحكومة العراقية لدى المواطن وإعادة بناء الثقة أو البحث عن بصيص أمل لواقع سياسي وإجتماعي يبشر بمستقبل أفضل يسود فيهِ القانون لتُطبق من خلالهُ أحكام الدستور العراقي .
بالرغم من ذلك مازالت هذه القيادات تدور في حلقة مُفرغة من اللاجدوى في حالة الإنفلات الأمني التي تشهدها المُدن العراقية حيث ازدادت وتيرتها في الأشهر القليلة الماضية ويعود ذلك لعدة أسباب يأتي في مقدمتها انتشار السلاح غير المرخص خارج إطار الدولة ،وغياب سلطة القانون حيث أصبح المستهدفين من الشخصيات الإجتماعية المشهورة ، صحفيين ، أدباء حتى أصحاب المطاعم والمَحال التجارية من المَدنيين .
فيما تأتي تصريحات الجهات الأمنية مقاربة لبعضها في أغلب الجرائم المرتكبة حيث يتم إلقاء القبض على الجناة وتقديمهم للعدالة ويكون ذلك مجرد تحصيل حاصل من خلال وسائل الإعلام .
وبحسب مصادر امنية عراقية تابعة لوزارة الداخلة أن السلطات الأمنية سجلت خلال شهر كانون الأول ٢٠١٨، أعلى معدل للجرائم المنظمة في البلاد منذ سنوات، بلغ أكثر من ألفي جريمة قتل وسطو مسلح، وسرقة واعتداء، وابتزاز واتجار بالمخدرات وسرقة الأعضاء في عموم مدنها .
أما فيما يتعلق بالمحاولات الحثيثة من قبل حكومة رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي ، وخلفهُ عادل عبد المهدي لحصر السلاح بيد الدولة والضرب بيد من حديد على الخارجين عن القوانين ، لا تلقى إستجابة من أي جهة كانت أحزاب ، مليشيات ، فصائل وجيوش وكتائب تنوعت تشكيلاتها و إنتماءتها تستخدم كأدوات تابعة للخارج يتم تنفيذ أجندتها والحفاظ على تحقيق إرادتها وأهدافها داخل العراق من خلال الولاء المستميت لتلك الجهات خارج إطار السلطة العراقية هذهِ العوامل تلعب دوراً مهماً في تفعيل نفوذها وفرض الهيمنة على النواحي الإجتماعية والإقتصادية والسياسية .
الإنتماء للوطن والحفاظ على كرامة ودم المواطن العراقي ، كل ذلك يتم خرقه دون حسيب او رقيب .
الحلول لابد أن تشمل إصلاح المجتمع فكرياً ونفسياً قبل مصادرة تلك الأسلحة غير المرخصة ، نحن أمام جيل شاب نشأ في حالة من الفوضى وحروب هل نتوقع أن يخرج بسلوك وأسلوب حياة طبيعي ، حتى هؤلاء ممن قادتهم الطرق نحو الإجرام لم يختاروا هذا الطريق بأنفسهم بل تم إستغلالهم وإغرائهم بقوة المال والسلاح
الموضوع لهُ أبعاد اجتماعية اقتصادية ونفسية لا يسعنى الخوض بها .
ختاماً إن إستمر واقع الحال في العراق طارداً للتنوع الفكري والمذهبي في بيئة تغتال حرية التعبير التي نصت عليها المادة (٣٨)من الدستور العراقي .
بأسلحة كاتمة للإختلاف تنهي حياة الأبرياء بأرخص الأثمان سوف نشهد موجات هجرة أخرى غير تلك التي ساهمت بتغيير الشكل الديموغرافي لكبرى المُدن العراقية .
تلك الحروب كانت عَلنية مُعلنة أما عمل فرق الإغتيالات اليوم فهو ممارسة صريحة للجريمة المنظمة في وضح النهار .
إكتفينا من حروب حصدت أرواح شباب هذا الوطن إكتفينا من خسارة أعلام في الأدب والفنون والعلوم والفكر .
نحن نغتال الأفكار الحرة الأصوات الكلام ،والأحلام التي لا تشابه ما تُمليه علينا السياسية ، تلك اللعبة السياسية التي لا تترك شيء على حالهُ ، مهما حاولنا الفرار من جحيمها سوف تؤثر علينا وعلى مستقبلنا إن لم نساهم في جعلها تستقيم لنُقيم مجتمعات أفضل .
” نموت كي يحيا الوطن
يحيا لمن ؟
نحن الوطن !
إن لم يكن بنا كريماً آمناً
ولم يكن محترماً
ولم يكن حُراً
فلا عشنا.. ولا عاش الوطن”
– احمد مطر .