مع الجهود الأميركية .. طالبان “عظْمة” في حلق “كابل” !

مع الجهود الأميركية .. طالبان “عظْمة” في حلق “كابل” !

خاص : ترجمة – محمد بناية :

بعد المفاوضات الأميركية مع نواب “طالبان” في “الإمارات”، وإعلان إجراء الطرفين مفاوضات بشأن وقف إطلاق النار، وكذلك المسار السياسي بخصوص دمج الحركة في الحكومة الأفغانية المقبلة، فقد تم الاتفاق؛ في مفاوضات الأيام الستة الأخيرة، بين “واشنطن” و”طالبان” في “قطر”، على مقدمة لاتفاقية خروج القوات الأميركية من “أفغانستان”، وكذلك بدء عملية الحوار السياسي بين “كابل” و”طالبان”.

وفي هذا الصدد؛ وبعد المفاوضات، أعلن “ذبيح الله مجاهد”، المتحدث باسم “طالبان”، عدم وجود اتفاق بشأن بدء الحوار مع “كابل”، لكن أعلن “زلماي خليل زاد”، المندوب الأميركي الخاص، وصول الطرفين إلى اتفاق بشأن الإطار العام للسلام، نص على التأسيس لانسحاب القوات الأميركية من “أفغانستان”، ومكافحة التنظيمات الإرهابية، وكذلك إقرار وقف إطلاق النار في الأراضي الأفغانية.

وفي السياق ذاته؛ كان “ينس إستولتنبرغ”، أمين عام حلف (الناتو)، قد أستلم تقرير، “خليل زاد”، بشأن عملية السلام في “أفغانستان”، ووصف أجواء المفاوضات بالإيجابية وأعلن دعم الحلف للمفاوضات.

وطبقاً لأمين عام حلف (الناتو)، مازال الحديث عن خروج قوات الحلف من “أفغانستان” مبكرًا، لكن كان “باتريك شاناهان”، القائم بأعمال وزير الدفاع؛ والذي استضاف “إستولتنبرغ” في “واشنطن”، قد أكد عدم إستلام “البنتاغون” لأي مهمة بشأن انسحاب القوات الأميركية الكامل من “أفغانستان”، ووصف فكرة “الولايات المتحدة” تجاه “الجمهورية الأفغانية”، بـ”المشجعة”. بحسب صحيفة (المبادرة) الإيرانية.

تغيير المواقف الأميركية على مدى عام !

تُطرح هذه الواقف؛ بينما أعلن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، قبل نحو شهرين وبشكل مفاجيء عزمه سحب نصف القوات الأميركية من “أفغانستان”، فضلاً عن سحب كامل القوات الأميركية من “سوريا”، الأمر الذي أثار إحتفاء حلفاء “واشنطن” فيما يتعلق بـ”الجمهورية الأفغانية”، وكذلك مخاوفهم حيال “سوريا” !..

في حين كانت “الولايات المتحدة”؛ قد أعلنت إستراتيجيتها حيال “أفغانستان”، صيف العام الماضي، والتي تنص على عدم خروج القوات الأميركية من “أفغانستان”. كذلك نصت الإستراتيجية الأميركية الجديدة عزم “واشنطن” عدم التدخل في مسار الحكم بـ”أفغانستان”، فضلاً عن تقوية قوات الأمن الأفغانية، وأنها تولي أهمية لمسألة إسناد دور أكبر في تنمية الاقتصاد الأفغاني إلى “الهند” في إطار مساعيها الرامية إلى إضعاف مكانة “باكستان”.

وعليه؛ لمس العام بعد عام التحول الأميركي تجاه “أفغانستان”، حتى أن الأميركيون التقوا مرارًا، وعلى مدى العام الماضي، نواب عن “طالبان”، وأعرب المندوب الأميركي، في إطار مفاوضات الأيام الستة بدولة “قطر”، عن رضاه لمسار المفاوضات، وأعلن أن الهدف هو إقامة علاقات بين الحكومة و”طالبان”.

بينما طلب الرئيس الأفغاني، “أشرف غني”، بعد لقاء “زلماي خليل زاد”، إلى جماعة “طالبان” بدء مفاوضات جادة مع “كابل”، للحيلولة بأسرع وقت دون وقوع المزيد من الحوادث مستقبلاً. وصرح “غني”، في بيانه، أنه مطلع على المسارات الإقليمية والدولية تجاه “أفغانستان” ويعلم أيضاً بالمخاطر المحتملة بعد السلام. وحذر كذلك من تشابه الأوضاع مع حكومة “نجيب الله”، أوائل السبعينيات، وأكد: “جميعنا نعلم كيف إنخدع نجيب الله. وكانت منظمة الأمم قد وعدته، لكن إنتهى الوضع بكارثة”.

ماذا تريد “طالبان” ؟

الأوضاع الأفغانية الراهنة ومسار مفاوضات السلام؛ التي بدأت مع تغيير الرؤية الأميركية حيال “طالبان”، في ظل الظروف الأفغانية الحالية، التي تواجه بخلاف التحديات الأمنية معضلة سياسية، إذ ربما تؤدي الانتخابات المقبلة، بحسب المحللين، إلى اندلاع تصدع عنيف في المسار السياسي لـ”أفغانستان”.

إذ توجد أربع تيارات مختلفة تدعي إجراء تغييرات أساسية على السياسة والسلطة في “أفغانستان”، وكذلك من غير المعلوم شكل البرلمان الأفغاني بعد الانتخابات.

من جهة أخرى؛ عملية السلام مع “طالبان” والإعتراف الرسمي بالحركة وتقوية احتمالات عودتها إلى هيكل السلطة الأفغانية، لا توضح إذا ما كانت “طالبان” سوف تنهج نفس مسارها السابق، وهل ما تزال الحركة تسعى لتشكيل إمارة إسلامية، أم أنها تعتزم في إطار اتفاقياتها مع الأطراف الإقليمية وفوق الإقليمية الدخول في مرحلة جديدة من النشاط السياسي ؟.. فإذا يكون موقف “طالبان”، كما هو في السابق، فالاحتمالات كبيرة لإزدياد وتيرة الصراع مع كثرة التنظيمات الإرهابية في “أفغانستان”.

كذا لو تريد “طالبان” تغيير مسارها ودخول المرحلة السياسية بشكل جديد، فما تزال كيفية دعمها التنظيمات الإرهابية المحسوبة عليها غير ملعومة، وكيف تحافظ على شرعيتها بين الأطياف الداعمة في المناطق التي تسيطر عليها.

الملاحظة الأخيرة؛ ما تزال “طالبان” تقاوم بشدة إزاء المفاوضات مع حكومة “كابل”، وتُعلن باستمرار أن حكومات ما بعد الاحتلال الأميركي هى دمى غربية وتفتقر إلى الشرعية اللازمة للسيادة، وهي مسألة، بحسب الخبراء، بالاضافة إلى كونها نوع من الإستراتيجية للحصول على إمتيازات أكبر في عملية المفاوضات، قد تُعتبر نوعًا من الضغط على المواقف السابقة ورغبة هذه الجماعة للعودة إلى تشكيل الحكومة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة