تعتبر مشكلة الهوية من أصعب المشاكل التي نعاني منها في منطقتنا وتعود بجذورها الى فترة أواخرعمرالخلافة العثمانية ووصول أفكار الدولة القومية من أوربا.ففي العهد العثماني كانت الهوية الجامعة إسلامية ،أما بعد ذلك وفي نهايات الحكم العثماني ظهر حزب تركيا الفتاة وتبعتها في الفكرة أحزاب قومية عربية وحصول مايسمى ،،بالثورة العربية،،أثناء الحرب العالمية الأولى بتشجيع من بريطانيا.إن وجود تيارين رئيسين هما القومي العربي والأسلامي ثم ثالث هو العلماني بعد نجاح الثورة البلشفية أدخلهم في صراع على السلطة وصل لحد إبادة الآخر أحياناً .كانت الأقليات الدينية والقومية تصطف بشكل عام مع هذا التيار أو ذاك لحماية مصالحها.فأغلب المسيحيون أنتموا للأحزاب القومية العربية والعلمانية في حين الأقليات الأثنية المسلمة أنتمت للأحزاب الأسلامية والعلمانية كالحزب الشيوعي ثم إن تنامي هذا الصراع أدى لظهور فئات بدأت تنادي هي أيضاً بمظلوميتها وحقوقها القومية والدينية والأنفصالية، كالمسيحيين والكرد والتركمان والبربر وسكان جنوب السودان وغيرهم.وهكذا أصبحنا في دوامة وحلقة دوارة فأن صعد تيار ما وأستلم السلطة ثارت عليه التيارات الأخرى,وبتشجيع ودفع أحيانا من قوى أجنبية, لتعارض المصالح والأهداف.ولقد تفاحل أمر هذا الصراع منذ بداية القرن الحالي وخصوصا بعد أحتلال العراق وضعف الدولة المركزية ليهدد الدول بالتقسيم والتشضية وربما نهاية الدولة تماما.كيف نعالج هذه المشاكل وماهي الهوية الجامعة لنا؟ للأجابة على هذا السؤال يجب أولا أن نجيب على السؤال التالي ما علاقة القومية أوالدين أو الطائفة أوالآديولوجيا الحزبية بالوطن والهوية الجامعة؟إذ يتوجب أن نعلم أننا نستطيع أن نكون مسلمون عربا أو كردا أو مسيحيون أو شيوعيون أو بعثيون أو أو… ونعيش في سوريا أو في اليمن أو تونس أو في الصين أو حتى في جزرالواق واق ونستطيع ان نتعاون مع بعضنا البعض على أساس هوياتنا المزعومة تلك ولكن هل هذه الهوية تمثل أو تعطي أو تحل محل الوطن؟ والجواب طبعا لا ،ذلك أن الوطن دار وموقع جغرافي محدد ولا يمكن للهوية القومية أو الدينية أو الفكرية،الآيديولوجية، أن تكون بديلاً عنه لأنها بالأساس إنتماءات فكرية بالدرجة الأولى وليس انتماءً جغرافياً فالعراقي الشيعي أوالسني أو الكردي أو التركماني والمسيحي أو العلماني… يستطيع أن يعيش في إنكلترا ولكن إنكلترا لن تصبح عراق في حين أن كلا واحد منهم يستطع أن يقول بأن العراق وطني.الوطن هو الدار الكبيرة لهؤلاء جميعا وهو هويتهم الجامعة الحقيقية الثابتة التي لاتتغير بتغير الضروف والأنتماءات القومية أو الدينية أوالآيديولوجية فالأرض ثابتة وكل وطن هو خلية وكيان مستقل محدد في منظومة أوطان الأرض المعترف بها دوليا عدا الكيانات الغريبة والمزيفة وبالمقابل هذا لايمنع , أن يتعاون العراقي العربي مع أخوه العربي المصري والعراقي الكردي مع أخوه الكردي في تركيا والعراقي المسيحي مع أخوه اللبناني أو المصري ولكن لكل منهم داره وعائلته فبالمقياس الصغير الأخوة والأخوات لأب واحد لهم دورهم وعوائلهم يتعاونون مع بعض وان سكنوا دورا منفصلة وبالمقياس الكبير للمصريين دارهم ولنا دارنا ولليمنيين دارهم وللفرنسيين دارهم ولكل منا هويته الوطنية الخاصة به برسم وطنه أي أرضه، وأيضا تجمعنا مع أخوتنا في أوطانهم المختلفة ثقافتنا الواحدة في الذوق والمأكل واللغة السائدة والتاريخ المشترك والهموم المشتركة والتطلع المشترك لرقي وسعادة شعوبنا .فلتكن هويتنا أرضنا فهي الأم التي تحب وتحنو على كل ابنائها دون تمييز.هكذا حققت الشعوب الغربية أهدافها بتبنيها الهوية الجغرافية فوق جميع الهويات الأثنية والطائفية والفكرية بالرغم من أن حتى أصغرها كسويسرا مثلا مؤلف من عدة أثنيات وثلاثة لغات مختلفة فرنسية وإيطالية والمانية