بكراهية استقبلت بعض الأوساط السياسية و”الإعلامية” العراقية الخبر عن اعتزام مجموعةMBC الإعلامية السعودية الرائدة إطلاق قناة فضائية ترفيهية – عائلية موجّهة الى العراق (MBC العراق) الشهر المقبل على غرار قنواتها الأخرى، وبخاصة MBC مصر.
هؤلاء الكارهون هم في الغالب من وسط الإسلام السياسي المتنفّذ في العراق ومن الوسط “الإعلامي” المرتبط بهذا الوسط السياسي، فأحزاب الإسلام السياسي هي أكبر المالكين، من حيث العدد، لوسائل الإعلام والدعاية (تلفزيون، اذاعة، صحف، صحف ومواقع إلكترونية، فضلا عن منصّات التواصل الاجتماعي الموجهة) بعد الدولة، مالكة شبكة الإعلام العراقي غير المرضيّ عنها شعبياً وإعلاميا.ً المحطات والصحف والمواقع الناطقة تصريحاً أو تلميحاً باسم الأحزاب الاسلامية مموّلة بالكامل من هذه الأحزاب التي يتموّل بعضها بالكامل تقريباً من المال العام بصورة من الصور (بعض العاملين مُعيّنون في مكاتب حكومية يتلقّون منها رواتبهم ومخصصاتهم، لكنهم متفرغون للعمل في هذه المحطات والمواقع التي يتلقى الكثير منها دعماً مباشراً من إيران أيضاً، كما أن لمعظم هذه الاحزاب لجاناً اقتصادية تستقطع لصالحها مبالغ كبيرة من تخصيصات العقود الاستثمارية لدوائر الدولة ووزاراتها التي يتولاها مسؤولون من هذه الأحزاب)…
مثقفون وإعلاميون عراقيون مهنيون، بينهم ممّن يعملون في إعلام الدولة كان لهم موقف مختلف، فهم استقبلوا خبر “AMC العراق” بروح مهنية – رياضية، متنادين الى أن تكون هذه فرصة للإعلام العراقي، وبخاصة إعلام الدولة، لأن يتعلّم ويقبل التحدّي ويعالج جوانب الخلل والقصور في عمله.
الفريق الأول لم يجد غير أن يرمي MBC العراق، قبل انطلاقها، بأنها مشروع لتخريب عقول الشباب العراقي ونفوسهم!
في العراق لا يوجد إعلام إلا في حدود ضيقة للغاية. توجد دعاية صاخبة، مبتذلة سياسياً واجتماعياً، والقائمون على وسائل الدعاية (الحزبية والحكومية) هذه يضطربون في مواجهة الإعلام الرصين الذي يهتك استارهم، وهذا ما يفسّر موجة الكراهية حيال مشروع MBC الجديد الذي يخشى كارهوه أن يكون دعامة وسنداً لمشاريع MBC الاخرى، وبخاصة الأخبارية كالعربية والعربية الحدث اللتين كان لهما تأثير ملموس في الرأي العام العراقي عبر تغطيتهما المميزة لأحداث العراق في الخمس عشرة سنة الماضية، وإن كانت هذه المعادلة تختلّ في بعض الاحيان عندما يعلو في البرامج الإخبارية والحوارية خطاب يضع شيعة العراق جميعاً في سلّة نظام ولاية الفقيه الإيراني، وهو أمر غير صحيح وغير سليم وخطأ مهني، فالمزاج العام العراقي مناهض لأي فكرة تنطوي على القبول بنفوذ أجنبي في البلاد، والوسط الشيعي العراقي، بما فيه الوسط المتديّن وبخاصة وسط المرجعية الشيعية العليا في النجف، لا يؤيد بأي مستوى فكرة ولاية الفقيه ونظامها، وفي العديد من المناسبات أكد المزاج العام العراقي ميله نحو الدولة المدنية العلمانية بخلاف ما تعمل له الاحزاب الاسلامية التي تتدهور شعبيتها السنة بعد الأخرى.
على أية حال .. مشروع MBC العراق مرحب به، وكذا كل مشروع إعلامي رصين محلي أو خارجي، فهو يسدّ فراغاً في الفضاء العراقي المشحون بخطاب الكراهية الديني – الطائفي، ويحفّز شباب الإعلام العراقي على خلق إعلام عراقي وطني رصين.