الإمام علي (ع) رئيس هيئة النزاهة في العالم الإنساني يتحدث بصراحة دون قيود وحدود . (ج 2) حاوره ثائرالربيعي
حمل فكر الرسول (ص) الذي دعا الى التجسيد الفعلي لتعاليم القران السمحاء التي تكرم الإنسانية , وأسس ثورة نادرة لن تكرر على مدار الزمان من نوعها لا تنطفىء نارها سميت (ثورة العدالة الاجتماعية ) وتأسيسه لمبدأ المساواة بين الناس طبقاً لقول الرسول (الناس سواسية كأسنان المشط) لم يفرق بين شريف ومشروف وسيد ومولى الجميع متساوون بالعطاء ، لقد حارب الطبقية والفوقية , الفقر والجوع والفساد وبأساليب ومناهج متعددة للقضاء علية حتى قال عنه (لوكان الفقررجلاً لقتلته) لأنه يدرك تماماً انه آفة تنخر بالمجتمع وبكل شرائحه وتمزق نسيجه الاجتماعي ويولد آثارسلبية وأساس هزيل لبناء الدولة التي سرعان ماتنهارلأتساع الهوة والفجوة بين الحاكم والرعيته ،حتى كان يوصي مالك في عهده عندما ولاه على مصر قائلاً : (الناس صنفان أما اخ لك في الدين أونظيرٌلك في الخلق)،أنه منهج فكري في كون وفكر كوني أسس لحياة مدنية ينعم بها الجميع .
س: سيدي أصبحت صفة التواضع والبساطة والتسامح التي تحلى بها المرء يقال عنها انها صفات أكل الدهر عليها وشرب ولم تعد ذو جدوى ماهو التواضع من وجهة نظركم وماذا تفسره؟
ج: زينة الشريف التواضع,والتواضع يكسوك المهابة ,وبالإحسان تملك القلوب , بكثرة الكبر يكون التلف .
س: سيدي ظاهرة أحتكار المواد في أوقات الأزمات والحروب وبيعها بأسعار عالية جداً , ماهي رسالتك للمحتكر؟
ج: الاحتكار شيم الأشرار ,والاحتكار داعية الحرمان .
س: سيدي ماهي القناعة برايك ؟
ج: القناعة كنز لايفنى, والقناعة الاكتفاء بالموجود , وترك التشوق الى المفقود ,والعبد حر اذا قنع ,والحر عبدا اذا طمع من لم يقنع بالقليل لم يكتف بالكثير ,واعرف الناس بالله من رضي بما قسم له ,والغني من استغنى بالله والفقير من افتقر الى الناس ,ولاغنى الا غنى النفس
س: سيدي الصديق هو المرآة التي تعكس الوجه الاخر للمرء ,فهنالك ظاهرة اسمها الغدر والخيانة وعدم الوفاء ماهو رأيك بالصديق ؟
ج: الصديق نسيب الروح، والأخ نسيب الجسم.,وصديقك من نهاك، وعدوك من اغراك,ولا يكون الصديق صديقا حتى يحفظ اخاه في ثلاث: في نكبته، وغيبته، ووفاته,وأصدقاؤك ثلاثة، وأعداؤك ثلاثة، فاصدقاؤك: صديقك، وصديق صديقك، وعدو عدوك, وأعداؤك: عدوك، وعدو صديقك، وصديق عدوك,ولا تتخذن عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك.
س: سيدي الظلم والجور والطغيان سلاح المستبدين الذين يريدون تصدير ثقافة الخنوع لشعوبهم بماذا تصفه ؟
ج: الظلم يوجب النار,والبغي يوجب الدمار,والظلم ألأم الرذائل ,والعدل قوام البرية والظلم بوار الرعية,والظلم في الدنيا بوار وفي ألأخرة دمار,والظلم يزل القدم . ويسلب النعم , ويهلك ألأمم.
الجور يعود بالجلاء , ويجل العقوبة وألانتقام,وأياك والظلم فإنه أكبر المعاصي , وأن الظالم لمعاقب يوم القيامة بظلمة ,وإياك التجبر على عباد الله , فإن كل متجبر يقصمة الله ,وآفة العدل الظلم الجائر.
وآفة العمران جور الظالم ,وأذا ملك ألأرذال هلك ألأفاضل ..
س: سيدي الفقر أنتشر بشكلاً كبير في أوطاننا وتعدا القارات وخلف أمراض اجتماعية وأنتج شخصية هزيلة في العالم الاسلامي والانساني بماذا تفسره ؟
ج: لقد قلت لابنِي محمّد بنِ الحَنَفِيَّةِ ( يا بُنَيَّ، إنّي أخافُ علَيكَ الفَقرَ، فَاستَعِذْ بِاللّهِ مِنهُ ؛ فإنَّ الفَقرَ مَنقَصَةٌ للدِّينِ، مَدهَشَةٌ للعَقلِ، داعيَةٌ لِلمَقتِ) , لوكان الفقر رجلاً لقتلته ,الفَقرُ المَوتُ الأَكبَرُ,والفَقرُ يُخرِسُ الفَطِنَ عن حُجَّتِهِ، والمُقِلُّ غَريبٌ في بَلدَتِهِ,والفقر في الوطن غربة ,والغنى في الغربة وطن,الفَقرُ أزيَنُ عَلَى المُؤمِنِ مِنَ العِذارِ الحَسَنِ عَلى خَدِّ الفَرَسِ,وأكبَرُ الفَقرِ الحُمقُ,وفَقرُ النَّفسِ شَرُّ الفَقرِ,ولا فَقرَ بعدَ الجَنّةِ،ولا غِنى بعدَ النارِ.
س: اليوم هنالك ازمة في رجال الدولة ،وأزمة في التعامل مع مكونات الدولة ،وازمة في أدارة من تؤول الية الدولة ,وأنت سيدي لقد كانت لك فلسفة ورؤية عظيمة في ادارة الدولة الانسانية في وصيتك (لمالك الاشتر) ماهي نصيحتك لمن يريد أدارة الدولة اليوم ؟
ج: اولاً : فَلَيْسَتْ تَصْلُحُ الرَّعِيَّةُ إِلاَّ بِصَلاَحِ الْوُلاَةِ، وَلاَ تَصْلُحُ الْوُلاَةُ إِلاَّ بِاسْتِقَامَةِ الرَّعِيَّةِ,فَإِذا أَدَّتِ الرَّعِيَّةُ إِلَى الْوَالِي حَقَّهُ، وَأَدَّى الْوَالِي إِلَيْهَا حَقَّهَا، عَزَّ الْحَقُّ بَيْنَهُمْ، وَقَامَتْ مَنَاهِجُ الدِّينِ، وَاعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ الْعَدْلِ، وَجَرَتْ عَلَى أَذْلاَلِهَا السُّنَنُ، فَصَلَحَ بِذلِكَ الزَّمَانُ، وَطُمِعَ فِي بَقَاءِ الدَّوْلَةِ، وَيَئِسَتْ مَطَامِعُ الاْعداء,وَإِذَا غَلَبَتِ الرَّعِيَّةُ وَالِيَهَا، أَوْ أَجْحَفَ الْوَالِي بِرَعِيَّتِهِ ,
ثانياً: وأشعر قلبك الرحمة للرعية ، والمحبّة لهم ، واللطف بهم ، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم ، فإنّهم صنفان : إمّا أخ لك في الدين ، أو نظير لك في الخلق ، يفرط منهم الزلل ، وتعرض لهم العلل ، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه ، فإنّك فوقهم ، ووالي الأمر عليك فوقك ، والله فوق من ولاك.
س: سيدي اليوم هنالك من يسرق من بيت المال وتحت مسميات عديدة والدنيا زائلة ويترك الفقراء ليس لهم مأوى وملبس ومأكل,وماهي حادثة عقيل أخاك الذي اراد من بيت المال فوق مايستحقه,وماهي نظرتك وانت المتولي على مال المسلمين وخراج الدولة ؟
ج: وَاللهِ لَوْ أُعْطِيتُ الْأَقَالِيمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ أَفْلاَكِهَا، عَلَى أَنْ أَعْصِيَ اللهَ فِي نَمْلَةٍ أَسْلُبُهَا جِلْبَ شَعِيرَةٍ مَا فَعَلْتُهُ، وَإِنَّ دُنْيَاكُمْ عِنْدِي لَأَهْوَنُ مِنْ وَرَقَةٍ فِي فَمِ جَرَادَةٍ تَقْضَمُهَا مَا لِعَلِيّ وَلِنَعِيمٍ يَفْنَى، وَلَذَّةٍ لاَ تَبْقَى!, وَاللهِ لَأَنْ أَبِيتَ عَلَى حَسَكِ السَّعْدَانِ مُسَهَّداً ، أَوْ أُجَرَّ فِي الْأَغْلاَلِ مُصَفَّداً، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اللهَ وَرَسُولَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ظَالِماً لِبَعْضِ الْعِبَادِ، وَغَاصِباً لِشَيْءٍ مِنَ الْحُطَامِ،وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ عَقِيلاً وَقَدْ أمْلَقَ حَتَّى اسْتَمَاحَنِي مِنْ بُرِّكُمْ صَاعاً،وَرَأَيْتُ صِبْيَانَهُ شُعْثَ الشُّعُورِ، غُبْرَ الْأَلْوَانِ، مِنْ فَقْرِهِمْ، كَأَنَّمَا سُوِّدَتْ وُجُوهُهُمْ بِالْعِظْلِمِ ، وَعَاوَدَنِي مُؤَكِّداً، وَكَرَّرَ عَلَيَّ الْقَوْلَ مُرَدِّداً،فَأَصْغَيْتُ إِلَيْهِ سَمَعِي، فَظَنَّ أَنِّي أَبِيعُهُ دِينِي، وَأَتَّبِعُ قِيَادَهُ مُفَارِقاً طَرِيقِي، فَأَحْمَيْتُ لَهُ حَدِيدَةً، ثُمَّ أَدْنَيْتُهَا مِنْ جِسْمِهِ لِيَعْتَبِرَ بِهَا، فَضَجَّ ضَجِيجَ ذِي دَنَفٍ مِنْ أَلَمِهَا، وَكَادَ أَنْ يَحْتَرِقَ مِنْ مِيسَمِهَا ،فَقُلْتُ لَهُ: ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ ، يَا عَقِيلُ! أَتَئِنُّ مِنْ حَدِيدَةٍ أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا لِلَعِبِهِ، وَتَجُرُّنِي إِلَى نَارٍ سَجَرَهَا جَبَّارُهَا لِغَضَبِهِ!أَتَئِنُّ مِنَ الْأَذَى وَلاَ أَئِنُّ مِنْ لَظىً.
س: سيدي ايهما أبقى العلم أم المال في الدنيا ؟
ج: معرفة العلم دين يدان به، به يكسب الانسان الطاعة في حياته، وجميل الاحدوثة بعد وفاته، والعلم حاكم، والمال محكوم عليه, والعلم خير من المال, لأن المـال تحرسـه و العلـم يحرسـك, والمـال تفنيـه النفقــة و العلـم يزكـو على الإنفـاق ,والعلـم حاكــم و المـال محكـوم عليه,مـات خازنـو المـال وهـم أحيــاء, والعلمــاء باقـون مابقـي الــدهرأعبائهم مفقودة و آثارهم في القلب موجودة.
س: سيدي ماذا تقول في ذهاب الوفاء وتركز الغدر بين الناس؟
ج: ذهبَ الوفاءُ ذهابَ أمس الذاهب ,فالنـاس بـيـنَ مـُخـاتـل ومـواربِ , يُفشـون بينهمُ الـمـودةَ والـصـّفا
وقـلـوبُـهم محـشـوّةٌ بـالـعـقـاربِ ,وتغيرت المودة والاخاء وقل الصدق وانقطع الرجاء ,وأسلمني الزمان الى صديقً كثير الغدر ليس له رعاء,وَرُبَّ أَخٍ وَفَيْتُ لهُ وَفِيٍّ و لكن لا يدومُ له وفاءُ.
س: سيدي ماهي الأخلاق في ظل فوضى اسمها غياب الاخلاق الحميمة ؟
ج: كفى بالقناعة ملكا ً وبحسن الخلق نعيما ً,و من كسا الحياء ثوبه لم ير النّاس عيبه , ولا يكمل الشرف الاّ بالسخاء والتواضع ,ومن شيم الأبرار حمل النفوس على الايثار,وكمال الفضائل شرف الأخلاق ليكن سجيّتك السخاء والأحسان,وما أحسن العفو مع الأقتدار,و من نصح نفسه كان جديرا ً بنصح غيره .
س: سيدي الموت هو الحقيقة التي يستدل من خلالها على زوال الجميع الا وجه الباري تعالى هو الباقي بعد فناء كل الاشياء ماذا تقول به ؟
ج:لا تأمن الموت في طرف ولا نفس***ولـو تـمنعــت بــالحجـاب والحـــرس
وأعـلـم أن ســهــام المــوت نـافـذة *** فــي كــل مـــدرع مــنـــا ومـتـــــرس
هـل يـدفـع الـدرع الحصين منيـة *** يـومـا إذا حـضـــرت لــوقــت ممـاتي
أنــي لا أعــلم أن كــــــل مجمــع *** يـومـا يـؤول لـفـــــــــــرقة ونـجــــاة
س: سيدي سميت ابو الأيتام وأنت اهلاً لذلك ماذا توصي بهم بعد رحيلك للرفيق الأعلى؟
ج: لقد أوصيت أبني الامام الحسن (الله، الله في الأيتام فلا تغبوا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم فإني سمعت حبيبي رسول الله يقول مَنْ عال يتيماً حتى يستغني عنه أوجب الله له بذلك الجنة “)
س: التسامح والاحسان والسلام لغة غائبة عن الساحة وحل محلها لغة العنف والقتل ماذا تقول وانت من سامحت الكثير وعرضت حتى لمن اساؤا اليك ؟
ج: أحسن الى من أساء أليك ,واتق شرمن أحسنت اليه ,وأصلح المسيء بحسن فعالك ودل على الخير بجميل مقالك,ولا يحوز الغفران الامن قابل الاساءة بالاحسان,واجعل جزاء النعمة عليك الاحسان الى من اساء اليك ,واحسانك الى من كادك من الاضداد والحساد هو داع الى اصلاحهم, والاحسان غريزة الاخيار، والاساءة غريزة الاشرار,وعليك بالاحسان فأنه افضل زراعة واربح تجارة,ورأس الايمان الاحسان الى الناس,والاحسان غنم والمحسن من عم الناس بالإحسان,ومن كثر أحسانه أحبه أخوانه وكثر خدمه وأعوانه.
سيدي : يا أبا تراب يا ألق الزمان ومجده وذكرك فرضوا, شاغ الدهر بالدنيا وبقيت أنت كما أنت ياعلي ذاك الفتى الغضوا ,الوقت قصير جدا معك ونفذ بسرعة جدا سأعود بعدها ادراجي من حيث أتيت وسأبلغ العالم بأسره انني التقيت برئيس أعلى سلطة مسئولة عن النزاهة والاستقامة,ورئيس إمبراطورية عظمى مترامية الاطراف حدودها تصل بين الشرق والغرب, واحدثهم عن كرمك وعفوك وطيب لسانك وإنسانيتك,فلا موعد مسبق لمن يريد ان يتحدث عن مظلوميته معك,ولا بيروقراطية في اتخاذ القرار,ولا حواجز كون كريتية تحيط ببيتك البسيط ,ولاوجود لحاشية سيئة الصيت والسمعة تبتز وتساوم كل من له طلب لقضاء حاجة, مكانك معروف فلا يحتاج لدليل فكل من أضاعك سيجدك عند اقرب نقطة هي بيوت الضعفاء والفقراء والمساكين والمستعضفين.