في 28 كانون الثاني 1932 تدارس مجلس عصبة الأمم التقرير الخاص للجنة الخاصة بدراسة البريطاني لانضمام العراق الى عصبة الامم . وسطر التقرير المستلزمات العامة التي يجب أن تتحلى بها الأقاليم المنتدبة لنيل استقلالها والت ام تحديدها بان تلك الاقاليم يجب أن يكون لها حكومة مستقرة، ويجب أن تكون قادرة على حفظ الأمن والسلام، ويجب أن يكون لها مواردها المالية، وأن تتمتع بمنظمات قضائية وتشريعية . كان من اثر ذلك التقرير ان اصبح هاجس بناء نظام قضائي يتمتع باعلى درجات المصداقية ووجوب تقويمه هاجساً متعاظماً لدى اصحاب القرار الذين بنوا قواعد الدولة العراقية الجديدة في ذلك الحين وخصوصا الملك المؤسس فيص الاول حافزهم ف ذلك مبدأ العدل اساس الملك واهم قواعد تحقيق العدالة وجود قضاء نزيه وكفؤ فقوة الدولة من قوة قضائها . من اجل تحقيق تلك الغاية عمل الملك المؤسس ومساعدوه على اجتذاب صفوة الصفوه من رجال القانون العراقيين من الذين كانوا يحملون اعلى الشهادات من باريس مثل توفيق وناجي السويدي ومن اسطنبول مثل نوري القاضي ومنير القاضي وسليمان فيضي وغيرهم كثيرون وكان منهم المسيحيون واليهود مثل رزوق شماس وداوود ساسون بالاضافة الى الاستعانه بالخبرات الاجنبية لتحديث النظم القضائية التي ورثها العراق من الدولة العثمانية وبهذا الصرح القضائي استطاع العراق ان يمتاز في احكامه القضائية وفي كفاءة قضاته وفي غزارة علمهم القضائي وتفقههم في الدين والشريعة وان يكونوا متميزين بين بقية الدول. الا ان مايحز في النفس ان تظهر تقارير دولية تنتقد هذا القضاء ذو التاريخ المجيد والطويل . لذلك سنستعرض المعايير الدولية ومدى تطبيقها في النظام القضائي العراقي .
مع انشاء منظمة الامم المتحدة تم وضع الاسس الاولية للمعايير الحديثة لحقوق الإنسان والتي تدعو إلى الاحترام الشامل لحقوق الانسان والحريات الأساسية لجميع الناس بدون تمييز على أساس الجنس أو النوع آواللغة أو الدين وقد استخدم واضعوا الميثاق تعابير ذات معنى واسع ليفتحوا الطريق امام اجيال المستقبل لوضع اليات حماية حقوق الانسان في الادوات القانونية اللاحقة وبعد ثلاث سنوات تبنت الأمم المتحدة عام 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ليمهد الطريق لوضع معايير ملزمة لحقوق الإنسان والعدالة الجنائية المطبقة في جميع أنظمة القوانين ،سواء كانت تلك الانظمة تقوم على القانون المدني او القانون العام او القانون العرفي .وفي الحقب التي تلت تبني إعلان حقوق الإنسان ،قامت الأمم المتحدة بتطوير مجموعة من المعايير والأنماط الإجرائية لحماية الافراد ضد السياسات والممارسات التي تخرق حقوق الإنسان الأساسية في عملية العدالة الجنائية وأهم هذه المعايير تم إدخالها في الميثاق الدولي للحقوق السياسية والمدنية والذي دخل حيز التنفيذ في 23مايو 1976 .
من خلال استقراء نصوص القانون الدولي المتعلقة بالمعايير الدولية نرى انها اما ان تكون معايير ذات طبيعه اتفاقية سواء كانت دولية مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966 , اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية وغيرالإنسانية , اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 1981 , اتفاقيات جنيف الأربع الخاصة بالنزاع المسلح 1949 وبرتوكوليها الإضافيين , اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري 1966 , و اتفاقية حقوق الطفل عام 1990 والتي نصت على التزامات محددة يجب أن تتقيد بها الدول الأطراف في قضائها الجنائي . أما عن اتفاقية مناهضة التعذيب 1984 ف فإنها تفرض التزامات محددة على الدول الأطراف فيما يتعلق بتنفيذ بنودها في التعامل مع الأدلة التي يتم انتزاعها عن طريق التعذيب البدني أو المعنوي .او اقليمية مثل الاتفاقيات الاوربية والافريقية والامريكية والاتفاقيات الموقعه ضمن اطار جامعة الدول العربية . فالمادتين العاشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، والمادة الرابعة عشرة (الفقرة الأولى) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966 تلقى الضوء على ايجاد تعريف وعناصر التعريف للمحاكمة التي تعتبر عادلة بمفهوم القانون الدولي لحقوق الإنسان والتي مكن تقسيمها الى المعايير التي تتعلق بالمتهم والتي تتركز في المعايير التالية :
1. الحق في الدفاع و الاستعانة بمحام
2. علنية المحاكمة
3. إمكانية الطعن
4. حق المتهم في إعلامه بحقوقه
5. مبدأ افتراض البراءة
6. الحق في إعلام المتهم بسبب الإيقاف
7. الحق في عدم التعرض للتعذيب
8. تطبيق مبدأ الشرعية
و المعايير الدولية التي تتعلق بالمحكمة وهي كما يلي :
1. الاختصاص
2. الاستقلال
3. الحياد
4. القانونية والديمومة
لو توجهنا بالنظر الى النظام القانوني العراقي لوجدنا ان القوانين العراقية قد تناولت تلك المعايير ولذلك سنحاول تناول كل منها لبيان الكيفية التي تعامل معها القانون العراقي مع تلك المباديء .
1. الحق في الدفاع و الاستعانة بمحام:
يحق للمتهم الدفاع عن نفسه و إبداء أوجه دفاعه دحضا لادعاءات الاتهام، و لا يعني ذلك أن المتهم يقع عليه عبء إثبات براءته، لان المتهم بريء حتى تثبت إدانته من قبل جهة الاتهام و يعد الحق في الدفاع من أهم الضمانات القانونية التي يخولها القانون للمتهم أمام الجهات القضائية، فله الحق في اختيار محامي أو محامين للدفاع عنه بكل حرية، وقد اكد الدستور العراقي لعام 2005 هذا الحق في الفقرة رابعا من المادة 19 من الدستور واعتبره حقا مقدسا ومكفولا في كافة مراحل التحقيق والمحاكمة كما نصت المادة 123 من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي على (ثانيا- ان له الحق في ان يتم تمثيله من قبل محامي، وان لم تكن له القدرة على توكيل محامي تقوم المحكمة بتعيين محامي منتدب له، دون تحميل المتهم اتعابه.) كما الزمت الفقرة ج من نفس المادة قاضي التحقيق بعدم اجبار المتهم على قبول محام اخر عدا المحامي الذي يختاره المتهم حيث نصت على (ج- على قاضي التحقيق او المحقق حسم موضوع رغبة المتهم في توكيل محامي قبل المباشرة بالتحقيق، وفي حال اخيار المتهم توكيل محام فليس لقاضي التحقيق او المحقق المباشرة باي اجراء حتى توكيل المحامي المنتدب. ) فالمشرع العراقي قد ساير جميع التشريعات المقارنة التي تمكن المتهم من الدفاع عن نفسه و الاستعانة بمحامين و ذلك سعيا للوصول إلى محاكمات عادلة للمتهمين و ضمانا لعدم المساس بالحقوق و الحريات الأساسية للإنسان.
2. علانية المحاكمة
تعتبر علنية المحاكمة أمراً مهماً في ضمان مصالح الفرد والمجتمع ككل، وتقر المواثيق الدولية بأحقية المحكمة أن تُبعد كل الجمهور أو جزء منه في بعض الحالات ، وبشكل عام، فإن جلسات المحاكم يجب أن تكون علنية بما في ذلك الصحافة وأن لا تقتصر على فئة خاصة من الناس، وحتى في القضايا المغلقة يجب أن تكون الأحكام علنية. وهذا مااكده الدستور العراقي وقانون اصول المحاكمات الجزائية النافذ في المادة 152 والتي نصت على (يجب ان تكون جلسات المحاكمة علنية ما لم تقرر المحكمة ان تكون كلها او بعضها سرية لا يحضرها غير ذوي العلاقة بالدعوى مراعاة للامن او المحافظة على الاداب ولها ان تمنع من حضورها فئات معينة من الناس.) .
3. أمكانية الطعن
يصعب الوصول إلى الحقيقة أو ضمان حسن تطبيق القانون وتحقيق أهدافه في جميع الأحوال بناء على الحكم الصادر لأول مره في الخصومة الجنائية ، فقد تشوب الحكم الجنائي عند صدوره بعض الأخطاء الإجرائية أو الموضوعية ، أو يبين بعد صدوره ما يجعله مجافيا للوقائع أو القانون ، الأمر الذي يتعين معه فتح باب الطعن في هذا الحكم .فالطعن في الحكم – أداة شرعها القانون للتظلم تداركاً لخطأ القاضي وتحسباً لانحرافه ، فالقاضي مهما اتسعت ثقافته وتأكدت نزاهته إنسان غير معصوم من الخطأ أو الزلل. وقد حدد قانون اصول المحاكمات الجزائية وقانون المرافعات المدنية اسلوب وطرق الطعن في كافة القرارات التي تصدر عن المحاكم وقد توقف منذ عام 2003 العمل بكافة القوانين والقرارات التي تمنع الطعن باي قرار قضائي
4. حق المتهم في اعلامه بحقوقه
من حق المتهم الحصول على الوقت الكافي والتسهيلات لإعداد الدفاع والاتصال بالمستشار االقانوني لذي يختاره المتهم .الوقت المناسب يعتمد على الظروف في كل قضية وتلك التسهيلات يجب أن تشمل الحق بالوصول إلى الوثائق والأدلة الأخرى التي يطلبها المتهم لإعداد قضيته بالإضافة إلى الفرصة للاتصال بالإستشارة القانونية، وعندما لا ينوي المتهم الدفاع عن نفسه شخصياً أو يطلب شخصاً يختاره، يجب أن يكون قادراً على الاتصال بمحام، وتمكين المستشار القانوني للاتصال بالمتهم بسرية كاملة ويحق للمحامين الاتصال بعملائهم بدون أي قيد أو مؤثرات أو ضغوط أو تدخل من أي جهة. وقد اشارت المادة 123 من قانون اصول المحاكمات الجزائية لهذا الحق واعتبرته ملزما لقاضي التحقيق قبل البدء بالتحقيق (ب- قبل اجراء التحقيق مع المتهم يجب على قاضي التحقيق اعلام المتهم ما يلي:
اولا- ان له الحق في السكوت، ولا يستنتج من ممارسته هذا الحق اية قرينة ضده.
ثانيا- ان له الحق في ان يتم تمثيله من قبل محامي، وان لم تكن له القدرة على توكيل محامي تقوم المحكمة بتعيين محامي منتدب له، دون تحميل المتهم اتعابه.
ج- على قاضي التحقيق او المحقق حسم موضوع رغبة المتهم في توكيل محامي قبل المباشرة بالتحقيق، وفي حال اخيار المتهم توكيل محام فليس لقاضي التحقيق او المحقق المباشرة باي اجراء حتى توكيل المحامي المنتدب. ) .
5. مبدأ افتراض البراءة
اكد الدستور العراقي في الفقرة خامسا من المادة 19 على ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته في محاكمة عادلة وهو نفس المبدأ الذي نص عليه قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1971 .
6. الحق في إعلام المتهم بسبب الإيقاف
من الحد الأدنى من الضمانات في الجلسات الجنائية هو حق كل فرد أن يتم إعلامه بلغة يفهمها عن التهمة الموجهة إليه، ويعني ذلك إعلام المتهم بمجرد توجيه التهمة من سلطة مختصة، ويدخل في ذلك، عندما يقرر التحقيق في المحكمة أو النيابة اتخاذ إجراءات ضد فرد مشتبه به في ارتكاب جريمة أو إتهامه علناً بذلك.. ويمكن تلبية ذلك بذكر التهمة شفاهة أو تحريراً، بشرط أن تعكس المعلومات القانون والحقائق المدعاة بها التي تقوم عليها التهمة. وهذا المبدأ اشارت اليه الفقرة (1) من المادة 123 من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي التي نصت على ا- على حاكم التحقيق او المحقق ان يستجوب المتهم خلال اربع وعشرين ساعة من حضوره بعد التثبت من شخصيته واحاطته علما بالجريمة المنسوبة اليه. ويدون اقواله بشانها مع بيان ما لديه من ادلة لنفيها عنه وله ان يعيد استجواب المتهم فيما يراه لازما لاستجلاء الحقيقة.) .
7. الحق في عدم التعرض للتعذيب
ان اتجاه المشرع العراقي في هذا المجال يتمثل في نهوض المسؤولية الجزائية للشخص الذي ينتهك هذا الحق، وهذا ما قرره المشرع العراقي في المادة (333) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، والتي نصت على أنه: (يعاقب بالسجن أو الحبس كل موظف أو مكلف بخدمة عامة عذب أو أمر بتعذيب متهم أو شاهد أو خبير؛ لحمله على الاعتراف بجريمة، أو للإدلاء بأقوال أو معلومات بشأنها أو لكتمان أمر من الأمور أو لإعطاء رأي معين بشأنها، ويكون بحكم التعذيب استعمال القوة والتهديد) .
8. تطبيق مبدأ الشرعية
تتمحور ضمانات المحاكمة العادلة وفق المعايير الدولية أساسا حول مبدأ الشرعية باعتباره أحد المبادئ الأساسية التي تضمن المحاكمة العادلة للمتهم حيث تضمن له المساواة و الحماية، وهو ما امده الدستور العراقي وقانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 والذي نص على أنه لا جريمة ولا عقوبة الا بنص ، فالمشرع من خلال نص هذه المادة أراد أن يبين أنه عند انتفاء القانون أو النص القانوني أو عدم وجوده يؤدي ذلك بالتبعية لا محالة إلى بطلان كل الإجراءات التي قد تتخذ ضد الشخص سواء كانت إدانة أو عقاب حماية للأشخاص عن طريق منع المساس بالحريات خارج الأطر القانونية و يعتبر هذا المبدأ وليد الفقه الفرنسي.
9. المحكمة المستقلة و المحايدة والقانونية :
لعل من أهم الضمانات التي تم النص عليها في قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1971 هي ان تكون المحكمة مستقلة و أول إشكالية تثار في هذا السياق هو أن تكون المحكمة مختصة، و المشرع العراقي قد أولى أهمية بالغة لقواعد الاختصاص و اعتبارها من النظام العام أي أن مخالفتها تؤدي إلى البطلان المطلق للإجراءات، كما أنه بالإمكان إثارتها في جميع مراحل الدعوى، و قد نظمت القواعد العامة للاختصاص بأحكام القانون ، كما عالج إشكالية تنازع الاختصاص و هذا دليل على نية المشرع إرساء قواعد تضمن محاكمة عادلة للمتهمين. أما بالنسبة لاستقلالية المحكمة فقد نص عليها الدستور العراقي لعام 2005 واعتبر ان القضاء مستقل ولاسلطان عليه الا لاحكام القانون كما ورد في المادة 19 من الدستور وكذلك مانصت عليه المادة 47 من اعتماد مبدأ الفصل بين السلطات بالاضافة الى القوانين الاخرى وكان اخرها قانون مجلس القضاء الاعلى لسنة 2012
أما مبدأ الحياد فيقصد به أن لا يكون للقاضي أي تصورات مسبقة حول القضية المعروضة عليه للفصل فيها. هذا بالنسبة لحياد القاضي، و كذلك الحال بالنسبة لحياد المحكمة باعتبارها جهازا قضائيا، لأنه من غير المعقول أن نطالب القاضي بالحياد و نستثني حياد المحكمة.و لقد كرس المشرع العراقي فكرة حياد القاضي في قانون اصول المحاكمات الجزائية و ذلك من خلال إمكانية رد القضاة طبقا لأحكام قانون اصول المحاكمات الجزائية
بعد كل ماتقدم وكما تناولناها بالتفصيل تبين ان النظام القضائي العراقي من الناحية القانونية على الاقل يطبق كافة المعايير الدولية العقدية او العرفية الا اننا نرى بان السبب في صدور التقارير السلبية عن المنظمات الدولية يمكن ان تلخص فيما يلي :
1. التجاذبات السياسية التي قررت ان تضحي بسمعة القضاء العراقي في سبيل المصالح السياسية سواء عن طريق محاولة التدخل في احكام القضاء وخصوصا عن طريق التصريحات الصحفية التي يطلقها بعض السياسين وينسبها الى القضاء كأن يصرح احد اعضاء مجلس النواب بان المحكمة سوف تغلق التحقيق في احد القضايا التي حظيت باهتمام الراي العام فمجرد صدور مثل التصريح يعتبر اسائه الى تاريخ القضاء العراقي ومن ناحية اخرى نجد بعض السياسيين قد اغراهم سكوت القضاء عن الرد الى التمادي في اطلاق الاتهامات والتي تطعن في مصداقية القضاء العراقي .
2. يجب ان نعترف بوجود عدم وضوح في القوانين التي تحكم النظام القضائي العراقي فقد قم مجلس النواب في اقرار قانون رواتب وامتيازات اعضاء المجلس في جلسة واحدة في حين تأخر اقرار قانون مجلس القضاء الاعلى مدة عشرة سنوات ومازال قانون المحكمة الاتحادية العليا يخضع للتجاذبات السياسية بالرغم ان المسؤولية التاريخية لمجلس النواب والحكومة تحتم ان تكون القوانين التي تنظم القضاء من اول اولياتهم وان تبتعد وتتنزه عن اي مصالح سياسية قصيرة الامد .
3. مع الاحترام الشديد للاساتذه الافاضل في مجلس القضاء الاعلى ولكافة السادة القضاة ولكن بقاء القضاء في برجه العالي بعيدا عن بناء جسر من العلاقات المؤثره مع المنظمات الدولية ومع الرأي العام يدفع تلك الجهات الى البحث عن المعلومات لدى جهات غير ذات اختصاص او ذات مصالح ذاتية تدفعها الى نشر معلومات خاطئة عن النظام القضائي وخصوصا ان اسلوب عمل المنظمات الدولية بصورة خاصة هو البحث عن الحقيقة من عدة مصادر ثم مقارنتها فعدم وجود مصدر موثوق للمعلومات او صعوبة الوصول الى المعلومات يدفع تلك المنظمات الى استخدام ماهو متاح ومتيسر وتلك المنظمات لم تعد تقتنع بالكليشهات التي لاتسمن ولاتغني من جوع من قبيل ” ان عمل المحكمة يتوقف عند اصدار القرار اما التنفيذ فهو مسؤولية الجهات التنفيذيه ” فمثل هذا التصريح هو اقرار بوجود ضعف في عمل القضاء باعتبار ان جهاز الادعاء العام هو جزء من السلطة القضائية وعدم تنفيذ القرارات القضائية يعتبر من الجرائم التي يجب على جهاز الادعاء العام متابعتها . فيجب على السلطة القضائية خلق قناة كفؤه والشفافة للتواصل مع الرأي العام ومع المنظمات الدولية يكون دورها متابعة عمل المنظمات الدولية واعداد الاجابات المقنعه للرد على التقارير والاسئلة التي تطرحها تلك المنظمات وتأخذ زمام المبادرة في خلق علاقات مثمرة مع تلك الجهات بدل من التحصن في بروج عاليه وبعيده عن ارض الواقع .
4. تعزيز ثقافة التواصل لدى السادة القضاة واعضاء الادعاء العام مع المعايير الدولية للمحاكمات الدولية وعدم الاكتفاء بالمحاضرات التي غالبا ماتكون نظرية تردد ماهو موجود فعلا في الكراسات والمطبوعات التي تنشرها المنظمات الدولية بل يجب تطعيم ذلك بالدروس العملية المستقاة من الوقائع التي حصلت في دول العالم المختلفة بغية تدارس تلك التجارب واستسقاء العبر والدروس منها .
5. يجب ان نخلق عملية مراجعة دورية للتقارير التي تصدرها المنظمات الدولية ومعرفة المؤشرات السلبية التي اشرتها تلك التقارير واسبابها ومعالجتها سواء بالوسائل المتاحة لدى السلطة القضائية او بالاستعانة بتلك المنظمات نفسها للاستفادة من خبراتها في هذا المجال .