أَلفساد صار صفة من العرف السياسي في العراق ولهذا فالمخلصون يعتبرون شواذ عن قاعدة العرف هذه ولذا قد قلَّ وجودهم في مضمار السياسة العراقية.
المدهش في الأمر أن مسألة إقصاء النزهاء من الساحة صار علنا، وما يحدث مع وزير الشباب والرياضة عبد الحسين عبطان أمرٌ أبشعُ ما فيه أن إبعاده هو تحدٍ وكسرٌ لرغبة وإرادة الشعب وخاصة شريحة الشباب التي التفت حوله، فحب الجمهور الرياضي والشارع الشبابي له هو استحقاق لما بذله في مشوار تسنمه الوزارة في الدورة الماضية ، فبعد إبعاد العراق عن احتضان المباريات الدولية بسبب سوء ملاعبه وضعف إدارته في هذا المجال استطاع عبطان إعادة هيبة الكرة العراقية وربطها بتاريخها العريق؛ وما افتتاح ملعب البصرة واستقبال المنتخبات العربية إلا إنجاز ٌ خشي الشارع فقدانه إلى الأبد، وكذلك افتتاح ملعب النجف وهتافات الجمهور لعبطان كانت بمثابة نعم لجهودك ونعم لبقاءك.
فقد قدم في الدورة الفائتة نموذجاً فريداً في وقت كان استشراء الفساد فيه يمضي على قدم ٍ وساق وملفات الفساد والاختلاسات والصفقات الوهمية على أشدها، وما يزيد الشاب العراقي التمسك بشخصية عبطان ما فعله أخيراً بتقديم استقالته إلى رئاسة البرلمان، فهنا مفارقة تحتاج التركيز فلو أجرينا مقارنة بينه وبين غيره من الذين يدفعون الأموال ويسلكون النفوذ الحزبي والقوة لأخذ المكان اغتصابا لعلمت جيداً أنه لا يريد أن يتكئ على حزبه ولا على أحد، إنما هو قدم ورغب أن يقدم الأفضل ولكن هناك آفاتٌ تمنع مواصلته، ففضل عبطان أن يحافظ على بياض وجهه بما أنجزه ويخرج بمحبة الشارع له.
لكن هل ستحدث مفاجأة تليق بمقامه وإنجازاته ويجد من يدعمه ويقدر ما قدمه من جهود أعادت للكرة العراقية هيبتها وصدارتها وتاريخها إلى الأذهان، أم أن عشاق المناصب والمال ستكون لهم السطوة كما اعتدنا خلال العقد والنصف الماضي من عمر العراق من خلال كسر إرادة ورغبات الشعب التي لا تُلقي لها الحكومةُ بالاً.