ملاحظة: بعض دعاة اليوم (المرتزقة) قد لا يعجبهم المنشور لأنهم ليسوا بحقيقيين و لا يدركون أبعاد ما أقول, و همّهم فقط الأموال والرّواتب بعيدا عن المصالح العليا والآخرة إلا الذي في قلبه بقية أيمان و إخلاص لأعادة دور الدّعوة الحقيقي!
أثبتنا بآلأدلة و الأرقام و الأسماء و العناويين بأنّ آلحُكّام بعد 2003م كما مَنْ سبقهم لم يكونوا أصحاب عقيدة صافية وواضحة المعالم خصوصاً في مسألة الحُكم وتطبيق العدالة والمساواة والأنصاف بجانب فقدان ألمعنى و الأدب و الأخلاق و التواضع لله في نفوسهم التي شَبَقَتْ حدّ الأفراط في كلّ شيئ ماديّ لكونهم لم يتعلّموا الدّرس لا من التأريخ ولا من آلصّدر الذبيح ولا من الواقع .. أيّ من تجربة الثورة الأسلامية ولا حتى من الثورة الفرنسية .. لذلك إنهمكوا في الكسب الماديّ ضاربين عرض الحائط مستقبل البلاد و العباد وساحقين بدورهم كلّ المبادىء التي أمضاها الشهداء العظام بآلدّم والدّموع و العلم و الجّهاد والتي أعلنت عنها قبل التغيير .. فأصطدموا – أيّ ألدّعاة المتحاصصين – بطريق مسدود حرقت تأريخ الشهداء في العراق ليتوقف القطار في هذا الزمن الصّعب .. و سيطول توقفه بسبب الخراب الكبير الذي ضرب القاطرة و آلقطار وقد لا يعود من جديد إلا بآلشرط الذي ذكرناه في الحلقة الأولى من هذا البحث ، وهو الحل الوحيد الذي يختزل المسافات و يُعجّل بآلعودة, و حذاراً من وعي الجماهير ألمُتناميّ لحقوقها المغتصبة والتي قد تُسبب محاكمة و قلع جميع الفاسدين و هدم بيوتهم للتمهيد إلى إعادة الواقع الذي خطط له أهل الفكر و العرفان وهم (الأعمدة المائة) بقيادة الفيلسوف الكوني التي وحدها مثّلتْ حقيقة الدعوة لله و الذين ذُبحوا على يد صدام لأفراغ الساحة و تلافي إعادة تجربة الثورة الأسلامية في العراق بحسب توصيات ألأنكليز لصدام عقب إنتصارها عام1979م.
فدعاة اليوم الذين إستلموا قيادة الحكومة العراقيّة ومنذ اليوم الأوّل بعد السقوط؛ وبدل أن يستخدموا إسم حزب الدّعوة و نهجه و وصايا الشهداء المائة العظام و دمائهم لخدمة الناس و بناء البلد؛ نراهم إستغلوها و فعلوا العكس لمصالحهم الشخصية!
حيث إستخدموا ذلك الأسم والعنوان والمنهج لتأمين أرصدتهم و لرواتبهم وقصورهم وبيوتهم مقابل تخريب الوطن و سرقته بآلمشاركة مع المتحاصصين في الأئتلافات الأخرى التي ليس فقط لم يملكوا صفحة واحدة من صفحات حزب الدعوة, بل كانوا يُساندون صدام ضدها, ليصل الحال إلى ما نحن عليه اليوم حين إعتبروا حزب الدعوة من أفسد الأحزاب العراقية!
بإختصار: (دعاة السلطة) وبَدَلَ أن يكونوا مشاريع بناء و فكر للوطن؛ باتوا مشاريع هدم و نزف له وللدعوة نفسها, و لا ننكر وجود الهزات والحرب, لكنها لا يمكن أن تكون مبرّراً لهذا السقوط الكبير, و حقا ما قيل:[فاقد الشيئ لا يعطيه].
وفي الحقيقة و بحسب مبادئ الفلسفة الكونيّة فأنّ الأمم والدّول والأمبراطوريات لا تنهار ولا تتفسخ لمجرد حدوث الهزات و الحروب الكبرى او الثورات الشعبية او غيرها من الأنقلابات، بل تنهار بفعل عوامل أبرزها:
– عدم وجود إتجاه فلسفي كوني(نظرية) يُنظم حياة المجتمع و الأمة و حتى العالم(1),
– إنتشار الظلم الاجتماعي و الأقتصادي و الحقوقي الذي يُوَلّد الطبقية بأبشع صورها,
– قلة خبرة القادة السياسيين والاداريين, بجانب فقدانهم لعقيدة صحيحة من آلأساس,
– فقدان العدالة في الحقوق وآلواجبات, و حتى التّقييم لفقدان الدِّين, فبمجرّد حصول شخص بآلصّدفة أو بدفعة على منصب فأنهُ لا يتركه إلا بالرصاص أو بقوة الانتخابات بعد ما يحقق (ضربة العمر) و ختامها الراتب التقاعدي, و هذا ما حدث قبل و بعد 2003م و يحدث لحدّ هذه اللحظة كما كان عبر التأريخ, و لا من مؤمن حقيقي بآلله و بآلفكر لتحكيمه من أجل الحقّ بإنتخاب الكفوء الأمين, وثقافة العراق و الأمّة في هذا الجانب معروفة للجميع, حيث يعتبرون الفائز الذي صعد من الناجحين بعناوين مختلفة صنماُ أبدياً لا يستحق منصبه إلا من هو أشطن منه,
– وجود خلل جوهري في التربية والتعليم وإنتشار النفاق والأنتهازية والدّجل والمؤآمرات كمنهج ضامن للحكم,
– تأصّل القوانين العشائرية التي حلّت محلّ الدّين والعلم, فقلعت جذور الدِّين وروحه و فحواه من أعماق المجتمع.
و لو تأملنا الأمّة العربيّة و الأسلاميّة والعالميّة و منها الشعب العراقي خصوصاً, لوجدنا تداخل جميع تلك العوامل بنسب متفاوتة في تشكيل محنتها .. بوضوح لا يحتاج التحقيق و البحث للتأكد منها, بل كان عليهم علاجها و لا زال جميع الذين إشتركوا بإيجادها من الحاكمين قبل و بعد 2003م ولجبنهم و عدم إخلاصهم و لقمة الحرام – أو بتعبير أدقّ عدم إيمانهم بيوم الدِّين – لا يعترفون و لا يقرّون بذلك على الأقل,لأنها مُكلفة حقّاً, و يعلمون أنها ستُكلّفهم حياتهم التي لا يبيعونها بألف ألف آخرة وعدهم الله بها وإعتبروها كحبر على ورق, أو كلام يُكرّر كما تتكرّر الصّلاة و العبادات بدون روح و معنى, والله هو الهادي و المعين .. إنّه نعم المولى و نعم النصير!
و إلى لقاء آخر إن شاء الله, و لا حول ولا قوة إلا بآلله العلي العظيم.
الفيلسوف الكوني.
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) من المفارقات الكبرى المؤلمة التي لا أنساها؛ أنني و أثناء وجودي في سوريا نهاية عام 12/ 1995م, إلتقيت بجمع من دُعاة اليوم الذين إجتمعوا في المركز الأعلامي بدمشق, و أتذكر منهم؛ الجعفري و المالكي و البياتي و النوري ووو آخرين؛ و طرحت سؤآلا واحداً هو: [هل لديكم برنامج لقيادة العراق بعد سقوط صدام الحتمي بحسب مطالعاتي و الوقائع التي تؤشر إلى مقدمات واضحة لهجوم غربي بقيادة أمريكا لحماية آلخليج وتأسيس المنطقة الكبرى بحسب تنظيرات نيكسون المرجع الأعلى للسياسة الغربية؟].
بآلطبع : و لهذه اللحظة أشكّ .. لدرجة اليقين بأن جميع الحاضرين لم يفهموا حتى مغزى و أبعاد آلسؤآل و آلرؤية المستقبلية التي تضمّنها للمنطقة ناهيك عن الجواب بل لم يكن يعلموا بأن الوضع الجديد بعد صدام يحتاج لدستور و علم و خارطة و مبادئ جديدة, و ليس فقط لم أحصل على جواب في وقتها و للآن؛ بل تعصّب الجّميع و هذا حال وإسلوب كل الجهلاء الذين يعتبرون أنفسهم “قادة” بغير حق, لذلك بدأ كلّ واحد منهم ينظر للآخر كآلمغشي عليه و كأنهم أمام إمتحان صعب سيُخسرهم مواقعهم, و الواقع الذي وصل إليه العراق عملياً قد أثبت حقيقة ذلك .. لكن بعد عقدين من سؤآلي ذاك وبعد سقوط الجميع في وحل الهزيمة و الخيانة و الأنا و النفاق و صدام في مقدمتهم.