أخيرا
هل أنا في حلم
وقد وصلت أمام موظف طلبات اللجوء بعد طول طابور ؟
قال : لماذا تطلب اللجوء ؟ وقد مات (ظالمكم) ؟! .
قلت : حلّ محلّه مَنْ إدّعوا (المظلومية)
ففاقوه ظلما !
قال : ثرواتكم كثيرة ، ولهيب الآبار في كل مكان ، هذا ما نحسدكم عليه !.
قلت : تلك النيران تشوي أجساد قومي كالشياه ! .
قال : هل تعرّضتَ لتهديد ؟
قلت : مع كل نَفَس
قال : هل لديك إثبات ؟
قلت : وماذا عن أنهار الدم اليومية ؟
قال : نريد إثباتا !
وإلا ضاعت عليك نقاط
تأفف وقال : هات نبذة عن حياتك !
قلت :
اسمي… (قاطعني)
قال:مواليدك
قلت : 19….. (قاطعني)
قال:تعليمك ؟
قلت : مهند……(قاطعني)
قال : هل أنت موظف ؟
قلت بسرعة :لا ، (حمدا لله إنها كلمة من حرفين لن يستطيع بترها) ! .
قال : هل تتقن لغة أخرى ؟
قلت : الأنگليز…. (قاطعني) .
قال:ما حاجتك للجوء ؟
قلت : انا جائع خبزا
أنا جائع كرامة
أنا جائع أمنا
أنا جائع حُرية
أنا جائع نظافة
أنا جائع إحتراما
أنا جائع عدلا
أنا جائع وظيفةً
أنا أعاني من كل ألوان الجوع البشري والحيواني !
أنا جائع لكل بنود حقوق الأنسان
تلك التي خلا منها التاريخ العربي !
ألستم مَن وضعها ؟
فوجئت بعدم مقاطعتي هذه المرة ، فإنتبهت أنه كان يلهو في محموله ! وأن كل سردي وشكواي كان هواء في شبك !
قال : هل أنت ملحد ؟ (كانت ملامحه تستدرجني لأجيب بالإيجاب) ! .
قلت : لا يا سيدي ..(فزمّ شفتيه تبرما) ! .
قال : فأيةُ ديانة تعتنق ؟
قلت مُتأتِأ ، منتظرا أن يقاطعني لكنه لم يفعل : أنا .. مسلم يا سيدي
قال : ضيّعتَ على نفسك نقاطا اُخَر !
من أية قومية أنت ؟
قلت بعد إستحياء وكأني أتهرب من وصمة : عربي ، عراق…. (قاطعني) !
قال : أضعت على نفسك المزيد من النقاط !
قال: ما الذي تتقنه ؟..
قلت : أنا مهندس ، أفهم في الكهرباء ، والميكانيك ، والحاسبات ، والطيران ، أنا كاتب ورسام ..(قاطعني) !
قال : هل تغني ؟!
قلت مستغربا من إنعطافته الحادة عن السياق :صوتي ليس غنائيـ ….(قاطعني)
قال : أضعت المزيد من النقاط ! ، هل تصمم أزياء ؟! (إنعطافة حادة أخرى) !
قلت:قومي عُراة يا سيدي فما حاجتي … (قاطعني) ..
قال : نقاطك ستنفذ ! .
والآن نأتِ للسؤال الخطير
إنه بيضة القبان ، سيمحو كل سلبياتك إن كان جوابك بالإيجاب !
قلت بلهفة ، ماذا يا سيدي ؟
هل أنت مثلي ؟
قلت : مثلك بماذا يا سيدي ؟
قال : ألا تفهم ؟
قلت : لم أفهم السؤال
قال : أقصد هل أنت من المثليين ؟!
قلت : لا يا سيدي
قال : إذن لا أمل في استقبالك !
إن أردتَ النفاذ بجلدك
وتمتلك (جوكر) اللجوء ..
فأقنعهم بهذه الصفة
قلت : (أقنعهم) ؟! ، كيف ؟
قال : بالإثبات !
قلت : ألا لعنةُ الله عليكم
وعلى إغاثاتكم
وعلى إدعاآتكم
وعلى دولِكم
وعلى سياساتكم أيها القردة !
أنتم مَن ذبحنا ، وتغلقون علينا باب المسلخ !!