يُعرّف مصطلح السوسيولوجي sociology بأنَّه العلم الذي يدرس المجتمعات والمجموعات البشرية وظواهرها الاجتماعية .. ((المعجم الفني))
لقد عانت الأحزاب العراقية على مدى عقود طويلة من مشكلة التباين العقائدي فيما بينها، وهذا ما تسبب في صعوبة التواؤم السياسي ، عندما تتشارك في حكومة واحدة. فالحكومة الفردية تتبنى نظاماً اقتصادياً وسياسياً مستنداً إلى أيديولوجية محددة، تختلف في نظريتها الفكرية عن الأخريات . كما أنَّ الاختلاف القومي والاختلاف الديني والاختلاف الاجتماعي لطبيعة مكونات الشعب العراقي، كلها عوامل تجعل من العسير جداً أن تشترك الأحزاب في حكومة تراضي واحدة تقود البلد.
ومن المعروف إنَّ ما حدث في العراق عام2003لم يكن ثورة شعبية ناتجة عن حراك اجتماعي منسق، ولا انقلاب عسكري ناتج عن تنظيم منسق،ولم تكن نتاج انتفاضة جماهيرية طويلة ومستمرة النضال، بل؛ إنَّ ما حدث آنذاك هو غزو لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لأجل إسقاط نظام وحكومة صدّام حسين.
وقد حدث في 9/4/2003 ما خططت له أمريكا فعلاً !..
أما بالنسبة إلى أطراف العملية السياسية في العراق بعد ذلك التاريخ ، ما هي إلا أحزاب وتنظيمات وحركات سياسية استغلت ظرف الفراغ الحكومي في العراق،فتواءمت مع بعضها ومع الحاكم المدني للعراق لأجل تأسيس مجلس الحكم المؤقت في العراق.
وعلى أيّة حال؛وبعد سقوط حكومة صدّام حسين، توافدت تلك الأحزاب لتأخذ مكانها على الساحة السياسية ، أملاً في أن تأخذ دوراً لها ضمن العملية السياسية التي يسير فيها العراق، بعد انجلاء الغزو.
لكن؛ المشكلة تكمن في سوسيولوجية الحكومة ، فالحكومة التي تعيش حالة حراك (اجتماعي ـ سياسي)..هي حكومة ذات سوسيولوجية اجتماعية وذات سوسيولوجية سياسية معاً…
وكما يلي : ـ
اولاً : سوسيولوجية اجتماعية : فالشعب العراقي متكون من مجتمعات متباينة ذات توجهات و سايكولوجيات متباينة، لا يمكنها أن تنسجم بنمط اجتماعية واحدة … الشعب العراقي يتكون من الأكراد والعرب والتركمان والأيزيدين كقوميات، كما أنه يتكون من إسلام ومسيحيين وصابئة كأديان، ويتكون من سنة وشيعة كمذاهب ..الخ، وهذا ما يجعل الاتفاق بين أبناء الشعب العراقي على رؤية سوسيولوجية واحدة أمراً مستحيل .عليه؛ فمن المحتم على السياسيين أن يأخذوا هذه الملاحظات بنظر الاهتمام، وهم يعرفونها !..
ثانياً : سوسيولوجية سياسية : فالحركات والتنظيمات والأحزاب العراقية ذات توجهات وآيدولوجيات متباينة .. من الناحية العقائدية أو النظرية الإقتصادية والتربوية لنظرية الحكم في العراق.وهذا ما يجعل من العسير أيضاً؛أن تتبنى حكومة واحدة لوحدها هموم وغايات وأهداف أطراف العملية السياسية،فالراديكاليون غير اللبراليون، والعلمانيون غير المتطرفون،والقوميون غير الأمميون ..الخ
فمنهم ؛ من يسعى إلى تغيير شامل ، يقطع الصلة بالماضي تماماً ، ويؤسس نظام جديد يلبي مطالب جماهيره، وهم من الشعب،وليس مطالب النخب المتصارعة ،في الوقت الذي تتكون فيه النخب من أحزاب وتنظيمات وحركات لها جمهورها ، وهم من الشعب أيضا .
إذن؛ فإما أنْ تذوب كافة الأحزاب والمنظمات والحركات السياسية في بوتقة اجتماعية ـ سياسية واحدة، وأما أن يستمر الغليان السياسي والاجتماعي في العراق.
فما الحل لهذا المشكل السوسيولوجي للحكومة العراقية إذن ؟!!..
ربّما ؛ تنفع المقترحات الآتية : ـ
1. توحيد كافة الأحزاب والحركات والتنظيمات المتقاربة تقارباً سوسيولوجياً اجتماعياً وسياسياً بقائمة انتخابية واحدة.
2. توحيد كافة الأحزاب والحركات والتنظيمات المتقاربة تقارباً سوسيولوجياً اجتماعياً فقط ، بقائمة انتخابية واحدة.
3. توحيد كافة الأحزاب والحركات والتنظيمات المتقاربة تقارباً سوسيولوجياً سياسياً فقط، بقائمة انتخابية واحدة.
4. طرح أسماء لشخصيات سياسية وكفاءات عراقية ووجوه اجتماعية فقط.
بحيث يتولى المقترح الفائز تشكيل الحكومة العراقية المقبلة .