ثلاث سنوات، عشرات الآلاف من الضحايا والشهداء، آلاف البنايات المهدَّمة، آلاف العوائل المشرَّدة، مليارات صرفت على الأسلحة، مليارات ستصرف على إعادة الإعمار، كلها بيعت في مزاد تحالف البناء.
صحيح أنه ذُكرَ، على لسان بعض زعماء العالم- بإختلاف النص- ما معناه أن في السياسة، لا توجد صداقات أو عداءات دائمة، بل فقط مصالح دائمة؛ لكن هنا الأمر مختلف تماماً، فأغلب قادة تحالف البناء، يضعون أنفسهم، في مقدمة صفوف المجاهدين، ضد تنظيم داعش الإجرامي؛ فهم في ذلك رفعوا أنفسهم، فوق مستوى المصالح السياسية، إلى مستوى الزعامة الشعبية، فأصبحوا رموزاً لا مكان للشبهات في صفحاتها.
حصدت الكتل الممثلة للحشد الشعبي، على حصة كبيرة، من مقاعد مجلس النواب العراقي، معتمدة على سمعتها، في الجهاد ضد قوى داعش الضلالية(رغم تأكيد المرجعية الدينية العليا، في النجف الأشرف، على رفض إستغلال الجهاد، في التسويق للكتل المرشحة)؛ قد يقول البعض، أن من حقهم أن يتكلموا عن انجازاتهم، و أنهم مثلما صانوا حرمة البلد، كذلك هم جديرين ببناءه؛ لكن.. هل هم حقاً الأجدر بتمثيل أبناء الحشد؟
قال المرحوم الشيخ، محمد متولي الشعراوي “الثائر الحق هو الذي لايظل ثائرا وانما يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبني الامجاد” أي أمجاد يبنيها، من إستهان بدماء الشهداء، وإعتبر إنتصار الأحرار، مكسباً شخصياً له، فعرضه سلعة للتجارة، وباعه لمن ذبحهم، و شرَّد عوائلهم، فهل كانت أرواحهم رخيصة، والتفريط بها أمر هين؟ وهل من قتلهم بالأمس، أصبح أحب له منهم؟
ترشيح شخصيات، لها علاقة بالبعث أو داعش، لمناصب وزارية، يفضح استهتار تحالف البناء، كأنهم كانوا يقدمون ارواح المجاهدين، قربة لأبناء الحرام، أو أنهم ببساطة، كانوا يعتبرون الجهاد، لعبة (بوبجي) يدخل فيها اللاعب حرب طاحنة، ويخرج منها كأنَّ شيئاً لم يكن، وقد يكون خصمه اللدود في اللعبة، صديقه المقرب في الحقيقة!