16 نوفمبر، 2024 10:52 م
Search
Close this search box.

محمد أبو دومة.. نهل شعره من الصوفية التي كان يعايشها

محمد أبو دومة.. نهل شعره من الصوفية التي كان يعايشها

خاص: إعداد- سماح عادل

“محمد أبو دومة” شاعر مصري، هو “محمد السيد يس أبو دومة”، ولد عام 1944 بقرية “كوم غريب” في محافظة سوهاج بمصر، ونشأ وتربى فيها، حاصل على ليسانس آداب في اللغات الشرقية, وماجستير ودكتوراه في الأدب المقارن من المجر 1986، يجيد اللغات الإنجليزية والفارسية والمجرية.

حياته..

عمل مترجماً ومصنفاً للمخطوطات الفارسية والتركية, رئيساً لقسم المقتنيات الفارسية والتركية بدار الكتب المصرية, كما عمل مديراً لتحرير مجلتي (القاهرة) و(الكتاب), وعضواً بهيئة التحرير لمجلة (فصول) وأستاذاً في كلية الدراسات العربية بجامعة المنيا. وهو عضو اتحاد كتاب مصر واتحاد كتاب آسيا وأفريقيا، ورئيس اتحاد كتاب مصر فرع جنوب الصعيد، شارك في العديد من المؤتمرات الخاصة بالاستشراق وقضاياه وفي المهرجانات الشعرية العربية والمحلية.

من دواوينه الشعرية:  (المآذن الواقعة على جبال الحزن 1978- السفر في أنهار الظمأ 1980- الوقوف على حد السكين 1983- أتباعد عنكم فأسافر فيكم 1987- تباريح أوراد الجوى 1990- الذي قتلته الصبابة والبلاد 1998).

ومن مؤلفاته: (علاقة التشابه والتأثر في الأدب الفلسفي الفارسي، العربي، المجري، الدكتوراه- نصوص من المسرح المجري الحديث، ترجمة).

جيل السبعينات..

في حوار معه أجراه “مصطفى رياض” يقول “محمد أبو دومة” عن الشعر الذي كتب تعبيراً عن الثورة المصرية: “العديد من الشعراء كتبوا قصائد ودواوين كاملة، وهناك من كتب روايات، ومن الممكن أن يمتص الشاعر الثورة في قصيدة، لكن أن يكتب ديوانا كاملا عن الثورة في وقت قصير جداً، فهذا لا يُعد تعبيراً عن الثورة، وإنما هو مجرد محاولة للوجود على الساحة والاستفادة إعلامياً، فأغلب القصائد التي كتبت عبارة عن انفعالات وحالة ثورية بعيدة عن الفن، ولا أنكر أن هناك من الشعراء من كتب قصائد ممتازة، والثورة أفرزت مبدعين جدداً يختلفون عن الأجيال السابقة، وحين أتناول الثورة في قصيدتي ستختلف عما يكتبه شاعر شاب، لأنها لديه ستكون طازجة، وحتى الآن لم يكتب ناقد كتابة جيدة عن هذه النصوص المستحدثة.. ما أقصده أن الشاعر الشاب كتب قصيدته بانفعال ما، أما الأجيال السابقة فأخذت هذا الحدث وهضمته بداخلها ثم أفرزته، ولا يعني هذا أنني أتحيز لجيل معين لكنني أتحيز للنص الذي أستمتع به وأقرؤه بتأنٍ ومتعة، أما النصوص ذات الأصوات العالية فأنساها بمجرد الانتهاء من قراءتها، لافتقادها قيم الفن الإبداعي .. اما بالنسبة لي كتبت قصائد متفرقة، ونشرت في عدد من الدوريات، فجيل السبعينيات لم يمت بعد، فنحن نكتب ضد هذا الظلم منذ سنوات بعيدة، وضد التردي، وكان لكل شاعر منا خصوصية وطريقة تختلف عن غيره” .

وعن المعركة المطروحة الآن بين قصيدة النثر والتفعيلة يقول: “هي معركة حسمت منذ زمن طويل لمصلحة بقاء كل ما هو جيد، وليست كل قصيدة نثر جيدة، وليس كل كاتب قصيدة نثر مبدع، فربما يكون مقلدا، لأنه لا يعرف الأوزان والقوافي، فيستسهل ويكتب قصيدة النثر.. قصيدة النثر ليست جماهيرية، وغير فاعلة، فعند إلقاء نص شعري على الجمهور بصوت عال ستجدهم يستمعون للتفعيلة وليس للنثر”.

وعن واقع المطبوعات الثقافية في مصر يواصل “محمد أبو دومة”: “أصبح هناك الكثير من هذه المطبوعات، والمشكلة ليست في التمويل، وإنما في وجود النص الجيد من عدمه، ففي اتحاد الكتّاب على سبيل المثال نتلقى الكثير من النصوص، وفيها ما يستحق أن ينشر وما لا يستحق وهو كثير، وهناك من يظن أنه لمجرد كتابته ديواناً أو قصة يعتبر نفسه سيد العارفين والمبدعين”.

النزعة الصوفية..

وفي دراسة بعنوان (النّزعة الصّوفيّة في شعر محمد أبو دومة.. دراسة أسلوبيّة) تقول “د.أماني سليمان داود” :”يكشف شعر (محمد أبو دومة)  عن تجربة شعرية فيها قدر كبير من التماسك والتجانس، ذلك أن ثمة مناخا دلاليا متقاربا يشمل سائر تجربته الشعرية، وإن تعددت معانيه وتنوعت أغراضه فإنها تظل مشدودة بمركز رؤيوي واحد. ويمكن القول إن دلالات كبرى تشكل مركز تجربته مهما تفرّع عنها من تفاصيل تمثّل مناحي تجربته وأبعادها على اختلاف درجاتها وطبيعتها..يلامس أبو دومة في شعره ما يرنو الشعر دوما إلى ملامسته من قضايا تتصل بالكون ثم بالإنسان ثم بالذات على وجه الخصوص، وتشكل هذه الثلاثةُ رؤوسَ مثلثٍ، فتتعالق في تجربة الشاعر، وتتآلف وتتخالف لتعبّر من خلال هذا الحراك اللغوي عن دلالات شتّى تضيق وتتسع حسب الحالة الشعرية المعبَّر عنها. ولا تبدو دلالات شعره جليّة أو مكشوفة أو واضحة، بل يمكن القول إنها تميل إلى مذهب الإيحاء والغموض والتركيب وهي إحدى خصائص الشعر في مقابل الأجناس الأخرى، ولكنها أوضح ما تكون في الشعر الحديث الذي طور أساليب وتشكيلات جديدة للترميز والغموض خصوصا مع الإفادة من تطورات الشعر الأجنبي في العصر الحديث. وتحتاج هذه التجربة شأن غيرها من التجارب المميزة في شعرنا الحديث إلى قدر من التبصّر والصبر لتحديد مفاتيحها الرؤيوية ومذاهبها الجمالية.. ولعلّ ثمة تعقيدا في بعض مواطن شعر (أبو دومة) ناتج عن مستويات يمتاز بها شعره من ناحية الخصوصية في المستوى الدلالي، والمستوى الصوتي، والمستوى التركيبي، وهي مكونات أساسية في عملية التشكيل الأسلوبي”.

وتضيف: “في لجوء (أبو دومة) للمعجم الصوفي يحاول أن ينقل هذا المعجم ليعبّر عن رؤيته الإنسانية، أو ما يمكن توصيفه بإعادة المعجم الصوفي إلى مصادره الأرضية، فاللغة الصوفية بالأساس كانت ـ في أصلها ـ مفرداتٍ من المعجم الإنساني الأرضي ولا سيما ما يتصل بحقل الحب الإنساني، استعارها الصوفي ليعبّر عن خصوصية في تجربته/عن الحب السماوي/حب الذات الإلهية، وأضفى عليها خصوصية في التركيب أغنت هذا المستوى اللغوي، ووسّعت أبعاده ودلالاته. فراح الشاعر الحديث ـ وأبو دومة مثالنا هنا ـ يستعيد ما صعد به إلى السماء، ويعيده  ليعبّر عن تجربة أرضية دون أن يتنازل عما وصل إليه من إشراقات وتجليات تعبيرية في التجربة السماوية الإيمانية.. إن تناص الشاعر (أبو دومة) مع النص الصوفي ونهلَه من مرجعيته على مستوى المعجم والرؤية هو استعادة لأساليبَ غزليةٍ ومعجمٍ غنيّ بالألفاظ والتعابير، ارتبط أصلا بالحب الإنساني، وكانت قد نضجت فنيا، ثم استعارها الشاعر الصوفي وانتقى منها وطوّر مدلولاتها ليعبّر بها عن علاقة جديدة مغايرة/ تجربة عشق إلهية فوق إنسانية كما تقدم، ثم عاد الشاعر الحديث فاستعادها مع معاينة وانتباه لما استجدّ في سياقها الجديد من دلالات وطاقات إيحائية إضافية وما غاير المألوف وما أُسند إليها من تطوير وتوسيع دلالي. يسيطر على (أبو دومة) معجم صوفي مبنيّ على رؤية تجمع بين بعدين: بعد صوفي يمثّل خبرة الشاعر الواقعية للصوفية، وبعد شعري بحت يعاين عبره الشاعر تجربة شعورية إنسانية بحتة”.

قصائد له..

قلب أبو دومة.. انتظر قليلا.. أرجوك

الطببة الطببة.. البطيبون.

الأطبة.. الأطباء.. قالوا…

وثنيٌ الحكيمون.. والحكماء، والعارفون

والخبيرون ببلسم سر التشافي..

وأهل العطارة والعطاطير، وال…

كذا.. وكذا.. وشذي الحزن بلل أهدابهم بندي،

أعين المغرمين البهيين:

عذرا، أفسد الدهر قلبك

وهن الخفق في نطقه المتهالك.

في وجده الدفيء.. الأدفا

المتدروش.

البر.. والبار!!

صار كليلا.. حتى عن العشق¬ متى

القلب في العشق نقصد قلبك، مذ فطر

القلب بالعشق.. مل.. أو… زل.. أو كل¬ وهو الذي

.. علم العاشقين دخول فناء الهوى، والتريض

فيه كما ينبغي.. ويجب !!

عذرا سراج الودودين

.. آمين فراديس اعتكاف المحبين

عذرا..

لم يعد عندنا لك في جراب.

الطٌّبابة

طب يطبب…!!

رقي الهند والسند طحلب الصين.

شهد سدور بلاد اليماني… جبال

عسير الحجاز….

بلاؤك أفقد فيها رجاها

بلاؤك أخجلها..

جردها من سخاها

كبل عزم مناها…

دخلت أدراج صمت الحياء بها.

شرعت تنتحب

إيه.. شيخ.. المحبين..

مضغتكم… سيقانها يبست خطواتها.

.. بين ضرسي رحاها…

وشأو المسافة.. والبعد.. بعد زمن!

فعذرا.. عييٌّي التداوي… المحبب

.. داؤك علق فوق نوافذ أبواب كل..

الدكاكين لافتة، كتبت بجفاف مياه النعانيع.

.. خدود زهور القرنفل، ريح أسي، رقصة..

رجفة الياسمينة أن نفضت عطرها

.. المتدلل:

سامح مداويك والعشب…!

فؤيدك..

قرض السوس جدرانه…!!

جدده..!!

غيره.. أرح.. واسترح..

..نعرف.. أنك صاحبته وطنا ودارا،

منذ خمسين حولا.. وعشرا…

صديقا أليفا.. رفيئا.. حميما..

ترافقتما بالأنين الرهيف الشقي

تزاملتما بالمسره حلما.. وصحوا..

لكنه… وا.. شقاه الحفي… به..

لم يعد مثلما شاء.. أو شئته

لم يعد مثلما كان….

مل عناق ضلوعك.. مل شغافه..

أمسي.. وأفجر… لا وقت.. له…!!

:¬ لو أردت الحياة بدونه…

أو أراد.. بدونك…

فابرما عهد.. بينكما فرقة آيبه

ثم.. … … ………….

دعه.. يمهلك قدرا من النبض والشوق

.. واذهب لقاع المدينة

سل من يلاقيك

أو.. تلاقيه…

سل أي عابر

أين أعد رصيف القلوب..؟

أو.. أين تباع القلوب…؟

أو.. أين يقام مزاد القلوب…؟

وقلب بها.. وتفرس..

زنها بكفيك، ذات اليمين وذات اليسار..

.. زن وانتق..

فالشراء خداع.. خداع..

***

رحت مرتجفا إلي السوق،

انبهرت انبهار المعانين أقدم خنصر

وآخر بنصر..!

قلبت بين كفٌتي.. يديٌ، قلوبا بلا حصر

أصغيت لكل صياح أفانين المزادات.

حرت..!!!

حاورت ضجيج صمت الفراغ المهيب

أدخلتني في وجيب حواري…

أي القلوب.. النبيل؟

أي القلوب.. الجليل؟

أي القلوب.. الردي؟

أي القلوب.. الخؤون؟

وأي القلوب الذي يرتجي أن يصاحب؟!!

حرت.. وحرت.. وكدت…

واخترت بعضا وعدت..

بعد أن أوشكت.

ظلمة الشك تشربني

كي ابشر الرقباء

غير أن الأطبة والعارفين حاروا كما حرت…!!

وخافوا..

وخفت

بكوا.. وبكيت

وأقروا جميعا:

الطبيبون.. الأطبة.. أهل العطارة..

¬ أيها المبتلي منذ ستين عاما

وقلبك يدري شئونك!

منذ ستين عاما وتدري شئون فؤادك!

فاحفظه فيك!

واحفظه لك..!

فلو أنت بدٌّلته

كيف تعلمه¬ مختزلا¬ علم ستين عاما

كيف تضمنه طيبا¬ مثلما هو الآن¬ ودودا

لا كاذبا.. عاشقا.. ونبيلا؟!

فاحفظه فيك

وثق.. وتأنيٌ

تأني،

سيطببه الله لك.

يغسله بالرضا..

ويشرحه بالصفاء المنقي..

فانتظر

انتظر..

يا محمد..!!

****

المجذوب

تعالى الله المتعال..!

، من أنشأ لك – يا بيرق أفواج المجذوبين –

منال..

، والجاعل فتنتها بالمثقال الأمثل، والمضرب

للأمثال..

، ولم ينقش في خوخة خد من خديها خالا

.. فهي،

بلا خال أحلى من لو كان لها الخال..

، وتشرق في طلعة بسمتها شفتان..

بدفئهما لهبة شهد ورود البستان

، ولها الخصر الوتر..

، خصر ليس يشبه بجميع خصور

كواعب مصر..

، يتوسط نغمة غصن، أو هو نغمة

وصل يعزفها،

غصنان

.. الأعلى مغدق..

، والأدنى أكثر إغداقا وأبر..

تعالى.. الله.. المتعال..

، عن أسعدنا بالحيرة..

، من أرهقنا بالحيرة..

، من أبقانا.. كيما يرهقنا إسعادا

يسعدنا إرهاقا..

فيلذ لنا.. في وجع المجذوبين التجوال..

، سيدكم يا أهل الجذبة في ولهي – قسما

بالوجد – أنا.. بيرقكم.. والشاهدة..

منال ..!!

،.. بينا أتخلق في فرحة وقتي..

رهط العشاق.. تغامز بي ..

ضحكوا ضحكا بكاء..

غالوا.. حتى فتروا..

سقطوا.. فاستلقوا

صاحوا..

يا درويش أفق!!

،… فرت من بين شرايين هواك “منال..”

من هيأت لها ذاتك.. وتهيأت..

وجهرت بأن حلت بك.. وبها أنت حللت

، أفق يا درويش..!!

.. فتش فيك لتلقاك ..!

فلست الدرويش المهجور الأوحد

يا مجذوب ولست الأوحد،

.. في الهجر..

وما.. كل مقام بالعشق “..منال”!!

****

عيد ميلاد طفل

آهِ يا ضوءَ العينْ

(إن كان عليْ..)

أو..

لو أمري بيدي..

لوضعتُ الآن بحجركَ أزهارَ

الكونِ جميعا،

ونشرتُ حواليكَ الوردَ..

وأجلستُكَ فوق سريرِ

العطرْ..!

لكني..

لا أقوى أن أقطف زهره..!

وأراني أخجل أن أقطف زهره..!

.. أو أملك ثمنَ الوردِ المقطوف..

فأسلبهُ

العطرْ!!

فاغفرْ لي.. يا ضوءَ العينْ..

****

(إن كان عليْ..)

لركبتُ حصانَ الريحْ..

وركضتُ به حتى عرشِ الشمس الأبهى،

ودنوتُ وحيداً فاستأذنتُ جلالَ

مفاتنها أنْ

تمنحَ بعضَ شعيراتٍ من طُرّتها،

المسدولةِ فوق جبينِ الريحِ..

فأجعلَها أوتارَ كمانٍ.. وأغنّي..

وأغنّي لكْ!

لكنّي..

أخشى ألا تستطرف أغنيتي

أو يؤلمكَ العزفُ المحزونْ..

فاغفرْ لي.. يا ضوءَ العينْ!

****

(إن كان عليْ..)

أهديتُكَ من لعب الأطفالِ جميعا

وشموعِ الأطفالِ.. ثيابِ الأطفالِ

وفاكهةِ الوقتِ،

وحلوى..

لكني.. وا أسفاهْ!

لم أدرس في جامعة الشهرِة فنَّ

السطوِ الحاذقِ،

أجهل ما كتبوا عن علم

الاستجداءْ.. !

وقفتُ أمامَ اللعبةِ..

عيناكَ بريقُهما في عينيْ،

والرغبةُ من كفّيكَ تسيل برعشة

كفّيْ،

وقفتُ.. وقفتُ.. فلم أقدرْ..

ومشيتْ !!

الشارع أسلم خطوي للميدان..

لفاكهةِ

الوقتِ.. لأصناف الحلوى،

لثيابِ الأطفالْ..

عند الأثواب.. تضاءل جسمي ثم

تضاءل.. حتى

أحسستُ،

بأني.. أنتْ..

حجمي حجمكْ!

الطولُ.. هو الطولْ!

واللونُ.. اللونْ !

فلبستُ اللائقَ بكْ..

كم كنتُ أنيقاً! كنت وسيما!

آهٍ.. لم أقدرْ،

جاهدتُ اللحظاتِ.. مشيتْ

قَطَر الدمعُ من العينينِ،

وقطر الحزنُ على خدّ القلب..!

كاد البردُ الجوعان يُجمّدني..

فتّشتُ جيوبي

ابتعتُ بما فيها كسرةَ خبزٍ..

فاغفرْ لي.. يا ضوءَ العينْ !

****

(إن كان عليْ..)

لبحثتُ بكل قوائمِ مطبوعاتِ

الأطفالْ

واخترتُ لأجلكَ كلَّ حكاياتِ

الشُّطّارْ..

وأعاجيبَ عن الأشجار المغسولةِ

بأغاريد الأطيارْ..

وعن القمر الصدّاح على هضبات

البحرْ..

عن قصر من صدف ومحارْ..

وعن الصحراء.. الخضراءْ..

وعن المطر السيّال بسَنةٍ شهباءْ..

وعن الحقّ المشنوق بحبل

الخوف المتدلّي من عنقِ

الأعذارْ

وعن العدل العاشق للدُّلْجه..

وعن الفجر النعسان بريش الديك

وجفن الظلماءْ

وعن الأرض المسكونة بالغرباءْ..

وعن الرجل الأعمى والأخرس

والرجل الببْغاءْ..

وعن الناس الأصفارِ.. عن الناس

الكَمَله..

عن أشياءَ.. وأشياءْ

لكنْ.. واحزناهْ!

كم أخشى إن أرسلتُ إليكَ بها..

ألا تلقاها

فالحَيْن على جُرف النارْ..!

من يدري..؟

قد يصدر منشور دَوْليٌّ

يلغي كتبَ الأطفالِ

وتُحجَب عنكْ!

فاغفرْ لي.. يا ضوءَ العينْ.

****

(إن كان عليْ..)

لصحوتُ على نقر الحُلمْ

سابقتُ سهامَ الرؤيةِ وجناحَ الصوتِ..

عبرتُ سهولاً.. دستُ جبالاً ثم أتيتُ إليكْ،

ضممتُكَ حتى تشبعَ أضلاعُ اللهفه..

وأخذتُكَ في نزهه..

نعدو.. نتوقّف.. نلهو.. نضحك

من باحاتِ

القلبِ..

وحين يداهمنا الليلْ

للبيت نعودْ..

نتسامر.. حتى ينفرطَ الليلْ..

آهٍ..

(إن كان عليْ..)

ما فتُّكَ رفّةَ عِرْقْ

لكنْ

في يوم ما سأعودْ..

وأقصّ عليكَ حكاياتِ الغرباءِ..

وتعذرني.

****

دام الحلمُ المتورّد في حلمكَ

دامت في شفتيكَ البسماتُ..،

وأورق غصنكَ..

وكبرتَ..

كبرتَ..

كبرتْ.

****

في يوم ما سأعودْ

في يوم ما سأعودْ..

فاغفرْ لي.. يا ضوءَ العينْ

وفاته..

توفي الشاعر (محمد أبو دومة)   في 30 ديسمبر 2018 عن عمر 74 عاما

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة