17 نوفمبر، 2024 9:23 م
Search
Close this search box.

عش هكذا في علو أيها العلم ؟!

عش هكذا في علو أيها العلم ؟!

القسم الرابع
إن التدقيق في صياغة ومضمون الأسباب الموجبة لإصدار قانون علم إقليم كردستان المرقم (14) في 11/11/1999 ، يشير إلى حالة التخبط في إيجاد مبرر لصدور القانون في سنة 1999 ، بدليل ما أورده من تحديد برلمان كوردستان العراق سنة 1992 ، بأن ( علاقته الدستورية لهذه المرحلة مع السلطة المركزية ، على أساس الإتحاد الفدرالي ضمن عراق ديمقراطي برلماني ) ، وذلك ما لم تكن السلطة المركزية آنذاك على إستعداد لقبول أو تقبل مثل ذلك ( القرار التأريخي ) حسب نص الأسباب الموجبة ، ثم إن عبارة ( لكل كيان سياسي ، على إختلاف درجته وشكله الدستوري ، علم يعبر عن عزة وكرامة شعبه ويرمز إلى وطن ذلك الشعب ) ، مسألة لا تخص كل الأحزاب السياسية وطموحاتها المختلفة ، شأنها في ذلك شأن كل قبيلة أو عشيرة إتخذت راية ترمز لها ضمن وحدة الشعب والوطن ، دون أن ينصرف القصد والمعنى إلى أن يكون لكل كيان سياسي علم يعبر ويرمز إلى ما وصف به ، لأن الكيانات السياسية ومهما تعددت ، تنبثق من الشعوب والأوطان وليس العكس ، وبذلك فإنها لا تمثل تلك الشعوب والأوطان بشكل مطلق وتام ، وعليه فإن سلطتها ستكون أضعف وخلافا لشأن الدولة الراعية لكل الكيانات السياسية فيها ، التي تسعى إلى التوسع والإمتداد لتحقيق مصالحها على حساب الدولة الأم ، إنطلاقا من فرض الأمر الواقع بالقوة المسلحة وبمساعدة ومساندة دول الحرب والعدوان والإحتلال ؟!، أكثر من سعيها إلى صيانة رمز إستقلال الدولة وسيادتها وتعاملها مع مختلف دول العالم ، على وفق الأعراف والمواثيق الدولية ؟!. تجنبا لوقائع الفوضى والإرتباك الذي لا يخدم طرفي الصراع السياسي ، في جميع مراحل نشوئها المتعثرة بخطى طموحها وطمعها السابق لزمانها ، وغير المدرك لتداعيات ما يحيط بها .

أما ما يتعلق بشأن القاضي محمد (1893-1947) رئيس جمهورية مهاباد ، فهو ثاني من

أعلنوا الدولة الكردية في الشرق الأوسط ( بعد جمهورية أرارات التركية ) ، وهو من شجع الأكراد على تعلم العلوم والفنون لمواجهة ما كان يوصف بالإضطهاد والظلم بحق الكرد ، ولأنه قد تأثر بالأفكار الديمقراطية والوطنية ، وإنضم في ثلاثينيات القرن المنصرم إلى حزب (خويبون) الذي تأسس عام 1927.

*- وفي عام 1942 تأسست جمعية بعث كردستان ، وتركز نشاطها في مهاباد الإيرانية ، ثم تحول إسمها عام 1945 إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي كان بزعامته ، وكان برنامجه يتلخص في تحقيق الحرية في إيران ، والحكم الذاتي لكردستان داخل الحدود الإيرانية ، والإخاء مع الشعب الآذربيجاني وكل الأقليات غير الفارسية ، وإنتشرت شعبية الحزب في المنطقة وضمت مختلف فئات الكرد . وعليه إستثمر ( قاضي محمد ) ظروف ضعف الحكم في طهران ووجود القوات الروسية في الأراضي الإيرانية ، ليعلن في 22/1/ 1946 قيام ما عرف بجمهورية مهاباد أو جمهورية كردستان الديمقراطية بالوصف الكردي ، وانتخب رئيسا لها . واعتمد على السوفييت في تسليح قوات حزبه وتدريبهم . ونتيجة لحب الأكراد له ، أطلقوا عليه لقب ( بشه وا ) أي الإمام . وقد حاول التفاوض مع حكومة طهران حول علاقة جمهوريته بوصفها سلطة حكم ذاتي مع الحكومة المركزية ، لكن الحكومة الإيرانية ردت في كانون الأول/ ديسمبر1946 ، بإرسال حملة عسكرية بعد إنسحاب القوات السوفيتية من إيران ، نجحت فيها بالقضاء على الجمهورية الكردية الفتية . وبعد وصول القوات الإيرانية إلى مهاباد ، قام قائد تلك القوات (همايوني) بجمع قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في بلدية المدينة ، وطلب منهم الأسلحة المستلمة من الإتحاد السوفييتي ، فأجابوه أن البنادق وزعت وأحرقت قائمة الأسماء الذين إستلموها ، وقام ( قاضي محمد ) بوضع مسؤولية هذا العمل على عاتقه الشخصي فقط ، فأعتقل ومعه جميع الموجودين من قادة الحزب البالغ عددهم (28) عضوا ، عدا الملا مصطفى البارزاني الذي إلتحق بالقوات السوفيتية المنسحبة ، وتمت محاكمة ( قاضي محمد ) عسكريا ، فحكم عليه بالإعدام في 23/1/ 1947 في ساحة جارجرا ، وهي نفس الساحة التي أعلن فيها قيام جمهورية مهاباد .

*- وبناء على ما تقدم ، يكون القول ( ولقد كان لكوردستان راية تداولتها الأجيال ، ودافع عنها وصانها قادة الكورد الميامين ، إلى أن سلمها القائد الخالد القاضي محمد قبيل إستشهاده ، إلى زعيم وروح الأمة الخالد مصطفى البارزاني ، الذي حافظ عليها ودافع في سبيل إعلائها بكل تفاني وإخلاص ، وإكراما لهذه المسيرة التأريخية ، وهذا الإخلاص والتفاني والتقدير ، وتحقيقا لحلم شعبنا وإستجابة لرغبته وإمتثالا لإرادته ، ولإجل التجسيد التشريعي والقانوني لهذه الراية ، الذي يتم لأول مرة في تأريخ الكورد وكوردستان ) . غير متطابق مع واقع الحال ، لأن الملا مصطفى البارزاني عاد من الإتحاد السوفيتي إلى العراق في يوم 5 /10/1958 ، وبعد عودته من زيارة إلى الإتحاد السوفيتي في شهر كانون الثاني من سنة 1961 ، قابل البارزاني عبد الكريم قاسم في شهر شباط ( بعد شهر من عودته إلى العراق ) ، حيث لم يظهر الزعيم عبد الكريم قاسم الود والترحيب كما كان في السابق ، فحاول البارزاني تجديد الولاء للحكومة العراقية ؟!، إلا أنه قرر ترك بغداد والرجوع إلى كردستان وذلك في شهر آذار 1961 ، لتندلع المعركة المسلحة مع حكومة عبد الكريم قاسم في تموز 1961 ، مما يؤكد غياب الملا مصطفى البارزاني عن الراية والحفاظ عليها والدفاع في سبيل إعلائها بكل تفاني وإخلاص لمدة (15) خمسة عشرة سنة في الأقل ، في المنطقة التي نشأت فيها الراية وليس في العراق ؟!. الذي كان ساحة الصراع المسلح بين الحركة الكردية المتمردة على حكومة العراق المركزية ولغاية الآن ، بإستثناء فترات التمهيد لرفع سقوف المطالب بإتجاه الإستقلال على حساب مساحة وثروات الوطن العراق ، دون غيره من دول الجوار التي يتجاوز عدد الأكراد فيها على ضعف المتواجدين فيه ؟!. وبدون توافق وإتفاق المثلث العراقي التركي الإيراني وبإشراف دولي ، على تحديد المناطق المكونة للدولة الكردستانية ، وفقا لقواعد حق تقرير المصير ؟!. بدلا من إستغلال الدول المختلفة للموضوع كورقة ضغط عند تصادم مصالحها السياسية ، دون مبالاة لما يدفعه سكان المنطقة من ثمن باهظ ، لتحقيق مصالح أحزاب وسياسات حكومات متناوبة ؟!.

أحدث المقالات