23 ديسمبر، 2024 8:05 م

اثبت بما لا يقبل ادنى شك ان سبب معانات المجتمع  الاسلامي وخاصة العربي  هو  مثقفيه وليس جهلائه فالمثقف العربي يرى نفسه انه ارقى وافضل واكثر علما ومعرفة وعلى  الذي اقل معرفة ان يصعد اليه وهذا مستحيل لهذا نرى المثقف معزول عن الجماهير بعيد عن القاعدة بل انه يعيش في واد والناس في واد  وهكذا اما يصاب بمرض  الغرور وفي هذه الحالة يصاب بالعزلة او التقرب الى الطغاة
 فالمثقف يرى في كل ما هو موجود خطأ وغير صحيح ويجب الغاء حرقه القفز عليه وهذه جريمة بحق المثقف وبحق الاخرين جميعا
لهذا على المثقف ان ينزل الى مستوى الناس الى واقع الناس ويتعامل معهم ويعيش نفس المستوى ثم يعمل على رفع ذلك المستوى تدريجيا
ليس من الحكمة  ان يقوم المثقف بالاصطدام مع عقائد الاخرين مهما كانت غير مقبولة وغير عقلانية بل يجب احترامها ثم محاولة نقد السلبيات لا من خلال فكر اخر مضاد بل من خلال الفكر الاعتقاد نفسه
فعندما تنتقد بعض السلبيات في ما يحدث في تصرفات وعادات بعض المسلمين يجب ان يكون  منطلقا من الاسلام ومستندا الى الاسلام ومن الاسلام نفسه وبهذا يمكن للمثقف ان يطرح رأيه  بحرية ومن الممكن ان يكسب البعض الى جانبه وفي نفس الوقت يجعل من رد الفعل لدى المقابل ليس بتلك الحدة وحتى لو رد البعض  فيكون الرد ليس بالرد القاتل لان الرد مستند الى نفس المنطلق  كما له القدرة على الدفاع اذا لم اقل التصدي
فالامور لا تحقق برغبات الاشخاص فكثير من المثقفين والمفكرين واهل العلم والمعرفة طرحوا افكار من افلاطون الى الانبياء الى ابي ذر والامام علي لكن تلك الافكار بقيت حبرا على ورق لان  الظروف غير مهيأة لها الا انها بدأت تتفاعل باعتبارها افكار ونتيجة لهذا التفاعل  ولدت افكار جديدة هذا بالنسبة للافكار التي دعت الى الاصلاح والتغيير بالطرق السلمية
في حين نرى الافكار التي استخدمت القوة والثورة نجحت وفرضت نفسها نتيجة للقوة وليست نتيجة لقناعة الناس بها لهذا نرى هذه الافكار تراجعت بل فشلت رغم صحة تلك الافكار ونبلها لانها لم تهضم من قبل الجماهير بل كانت بعيدة عنها كما ان الذين دعوا الى تطبيقها هم انفسهم كانوا مخالفين لها فكانت افعالهم تخالف اقوالهم وكان في كل ذلك الضحية هي الجماهير
والدليل ما حدث للمعسكر الاشتراكي فهذا الفكر فرض بالقوة وبمجرد زوال تلك القوة عاد الوضع الى طبيعته الحقيقية
فالمثقف يكتب للناس العادين للاغلبية لا للاقلية لا للنخبة يسعى لتغيير قناعات الاغلبية لا الاقلية يسعى لتجديد لتطوير عقلياتهم بدون ان يصطدم معهم  ويكون بعيد عن الحكومة والحكام يقول الكاتب المعروف  رسول حمزاتوف
ان المثقف الحقيقي قليل الظهور بسبب الصراع على السلطة ومن يناضل من اجل السلطة ليس مثقفا
فالمثقف كثير ما يتهم الاخرين بالتخلف والجهل لا يدري ان هذه الحالة التي يعيشها هؤلاء هي مرحلة  محددة من عمر المجتمع كاي مرحلة من مراحل عمر الانسان فالطفل في عمر الست او السبع سنوات ليس متخلف وانما هذه هي حالته يتطلب النزول اليه ومواكبة عقليته ومعرفته وكذلك المجتمعات التي تعيش في مراحل العشائرية الدينية فلابد من الانطللاق من واقعها ثم رفع مستواها
هذا يعني على المثقف ان يكون معلما ومدرسا للشعب وخاصة الاغلبية الساحقة من ابناء الشعب تلك  اي تلك الشرائح المهمشة او التي هشمت بقصد او غير قصد وبث روح الامل والتفاؤل في نفوسها وزرع الثقة والقدرة والقوة على المواجهة والنصر وهذا لا يأتي الا من خلال  تنازل  المثقفين الى مستوى هذا الشرائح والتحدث معها وفق عقولها كما ان المعلم يتنازل ويعلم الاطفال في مرحلة عمرية معينة في ست  او سبع سنوات ويعلمهم دار دور نار نور فالقصد ليس الدار والدور والنار والنور القصد ان بناء اجيال علم وعمل في كل الاختصاصات العلمية ولولا  قيامهم بالدار والدور لم نصل الى ما نريد ولو بدأنا بمستوى اعلى من ذلك ربما لا نحصل على المطلوب ومن هذه الحقيقة يجب ان ينطلق المثقفين في تطور وتقدم الشعوب في كل المجالات
 لهذا يتطلب من المثقفين ان يكونوا بهذا المستوى ان يتحدثوا اليهم وفق مستوياتهم ووفق عقلياتهم  وهذا للاسف لم يحدث لدى الكثير من المثقفين
لهذا يتطلب فصل المثقف تماما عن السياسي   كما يجب ان يشعر ويدرك المثقف انه ارقى واعلى مستوى من السياسي وعليه ان يجبر السياسي ان يلتجئ  اليه ويدور الى جانبه في الوقت نفسه ان ينزل الى الجماهير ويتعلم منهم  ويترجم معاناتهم طموحاتهم تطلعاتهم وحثهم ودفعهم الى الامام لتحقيق ذلك فالمثقف لا يبني مدرسة ولا معمل ولا يقضي على الامية والجهل وانما الجماهير هي التي تفعل ذلك