أية انتخابات في العالم ترافقها دعاية انتخابية الا في عراق المحاصصة فان كتلنا المتنفذة حوّلت الدعاية الى سعار وقتال وشراء ذمم والى ميدان للفساد، وبمعايير تفتقر للاداب والذوق وحتى للفن واللمسات العصرية، وقد تكون البرامج الانتخابية هي آخر ما يشغل بال المرشحين السمان.
لقد انتشرت الوعود بالتعيينات وتوزيع الملابس والكارتات واستقطاب الشباب العاطل للعمل كمراقبين في الانتخابات مقابل 50 الف دينار مع قسم غليظ بانتخاب المرشح الذي يدفع، وحين يكون التخلف سيدا فان هذه الفرصة تشبه المنقذ للعوائل المحرومة.
وليس الناخب لوحده يتعرض للضغوظ والشراء بل هنالك مرشحون يستقوون ماديا ومعنويا بمدراء الشركات او المقاولين الذين ينتظرون بدورهم الحصول على مناقصات ومزايدات المشاريع في حال فوز المرشح او على أشرف الاحتمالات ينتظرون غلق المخالفات المستمرة.
وفي الماراثون تجد مرشحا يرفق آية قرآنية مع صورته، لمجرد أن الاية فيها اسم نبي مطابق لاسمه، وترى مرشحا آخر وقد وضعت زوجته البرلمانية صورتها معه وهي تقول (انتخبوا زوجي)، وترى محافظا مرشحا يوزع الاراضي، ويفتتح مشاريع خدمية سريعة في عملية خداع واضحة، وترى خمسين آخرين من المرشحين وقد عددوا على ملصقاتهم باقة من الشهادات الاكاديمية الوهمية، والانكى أن المئات من المرشحين باتوا ولاول مرة يكتبون كلمة (الاستاذ) أمام أسمائهم بما يذكرنا بذاك الجندي في القادسية السوداء الذي كتب رسالة لاهله وختمها بـ: ابنكم المحترم.
وفي سابقة، ألغى مجلس محافظة بابل قرار تبليط 295 طريقا ريفيا واصفا اياه بالدعاية الانتخابية، وقال المجلس ان القرار يخدم عددا من اعضاء المجلس على اسس مناطقية لدواع إنتخابية بعيدا عن المصلحة العامة وبالتالي تم التصويت بالغائه وشمول (مناطق اخرى!) بمشاريع التبليط، وقد يكون هذا التبديل دعاية انتخابية لأعضاء آخرين.
وفي مفاجأة، ظهر فوق سطح بناية وسط مدينة الحلة، ملصق كبير يحمل صورة الاعلامية الجميلة هيفاء الحسيني وهي تحمل كرة قدم بيدها وترتدي ملابس رياضية، مع رقم أحد الائتلافات المشاركة في الانتخابات المحلية لمحافظة بابل، وأثارت الصورة استغراب الأهالي، وأصبحت مصدرا لقفشاتهم لان مرشحات المدينة كلهن محجبات، فيما اعلنت الإعلامية عدم صلتها بالقائمة التي (سرقت) صورتها ووضعتها في ملصق انتخابي.
وفات المرشحين الاستفادة من الدرس الكازاخستاني، فأحد المرشحين لانتخابات الرئاسة في كازاخستان كان هدف دعايته شريحة أخرى أكثر أهمية من أبناء الشعب يبلغ تعدادها 500000 شابة عازبة، فوعد هذا السياسي المحنك بالتكفل بمصاريف زواج كل الفتيات العازبات بين 25 و 45 عاماَ على نفقة حزبه إن فاز، فبلده يحتاج لمواليد كثر كي يحافظ على شباب المجتمع وعلى قوته العاملة.
الفكرة لا تخلو من الذكاء فهو ضرب عصفورين بحجر واحد لأنه سينال أصوات الصبايا الراغبات بالزواج من جهة، ومن جهة ثانية أصوات الكهول الذين سيجدون أخيراَ من سيتكفل براتبهم التقاعدي لاحقاَ إن زادت نسبة المواليد في هذا البلد الذي بدأ الأطفال يندثرون فيه.
ولكن ماذا نقول عن بعض مرشحي محافظة ديالى الذين صاروا يتجولون في القرى ويوزعون (الستوتات) على العطالة والبطالة.