16 نوفمبر، 2024 6:42 م
Search
Close this search box.

رواية القديسة بغداد.. ترصد الحروب والنهب والحنين الجارف للوطن

رواية القديسة بغداد.. ترصد الحروب والنهب والحنين الجارف للوطن

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية (القديسة بغداد) للكاتب العراقي “عمار الثويني” تتحدث عن بغداد الجميلة، تلك المدينة التي مرت عليها أحداث كثيرة، وعاشت فترات ازدهارها في الخمسينات والستينات والسبعينات، ثم تحولت بفعل الحروب والصراعات لكنها تظل تلك المدينة الجميلة في قلوب العراقيين.

الشخصيات..

طارق: البطل عراقي، يعيش في السويد منذ سنوات طويلة، يذهب إلى العراق في إجازته السنوية، ويشعر بحنين جارف بعد كل إجازة إلى وطنه.

منار: زوجة “طارق”، هي عراقية أيضا، تشاركه همومه وقلقه على الوطن.

ملك: ابنة “طارق” الكبرى، تريد أن تعيش في العراق ولا تأبه للتفجيرات أو المخاطر التي قد تتعرض لها هناك، مفضلة العراق على السويد ذلك البلد الآمن.

هبه: ابنة “طارق” الأخرى لا تهتم سوى بمطالب مراهقة صغيرة من أكل وملابس.

 

حامد: صديق “طارق” منذ الطفولة يترك مدرسته ليتطوع في الجيش وقت الحرب مع إيران، بسبب لأنه كان يريد الزواج من ابنة عمه “نادية” والتطوع في الجيش يوفر مميزات كثيرة مادية لمن يفعل ذلك، لكنه يموت في الحرب مخلفا حزنا كبيرا لعائلته وأصدقاءه.

ماجد: أخو “حامد”، ورغم أنه التحق بالجيش ليكون طيارا وبعيد عن المعارك الضارية، إلا أن حادثة صغيرة تودي بحياته، حيث قتل ابن عمه بسبب مشاجرة مع رتبه أكبر منه في الجيش، وأثر ذلك على “ماجد” ونزل درجة في ترتيبه الوظيفي ليلقى به في آتون المعارك ويفقد دون معرفة ما حدث له.

الأستاذ علوان: أبو “حامد”، يرفض قرار ابنه للتطوع في الجيش باستماتة لكن ابنه يصر على ذلك ويعيش بحزن فقد ولديه في حرب قاسية.

أكرم: صديق “طارق”، يشترك في انتفاضة 91 التي انخرط فيها بعض الشباب العراقيين بعد حرب الكويت، ويحارب باستبسال جنود الجيش الموالين للنظام لكنه يقتل هو وأصدقاءه ومعظم من اشتركوا في الانتفاضة بعد أن انتقم منهم الحاكم السابق وعاملهم بوحشية.

أيمن: صديق ل”طارق”، كان زميلا له في الجامعة، كان يتميز بالمرح وقوة الشخصية والثبات، وكان يريد الهجرة إلى كندا لكن أهله منعوه من الهروب من الخدمة العسكرية، ثم أصابه السرطان ومات سريعا.

الراوي..

الراوي عليم، يحكي بضمير الغائب عن “طارق” فقط، ويحكي عن باقي الشخصيات من خلال وجهة نظر “طارق”، ويحكي دواخل “طارق” ومشاعره وأحاسيسه وأفكاره الداخلية.

السرد..

السرد يعتمد على تفاصيل كثيرة تبدو أقرب إلى التأريخ، حيث يتناول العراق منذ الحرب مع إيران وحتى الوقت الحالي في مدينة متخيلة ينتمي إليها البطل تدعى الكرامة، لكنها تشبه باقي المدن العراقية، تقع الرواية في حوالي 386 صفحة من القطع المتوسط، يبدأ الحكي في الوقت الحاضر ثم يعود بالزمن إلى أوقات ماضية ثم إلى الحاضر بالتتابع لتنتهي الرواية نهاية مفتوحة.

الحروب والنهب المتواصل..

أهم ما يميز الرواية أنها تتناول  العراق منذ الحرب مع إيران والتي استمرت ثماني سنوات، والتي كانت أسوأ حرب في القرن العشرين وكيف كانت هذه الحرب من وجهة نظر البطل هي بداية انهيار العراق وأفولها، وتصور الرواية نماذج للعديد من الشباب الذين راحوا ضحية هذه الحرب الضارية التي عاني منها معظم الشعب العراقي بسبب جنون الحاكم وطيشه، والتي استنفذت فيها موارد الدولة والتي كانت تنهب من الحاكم وأسرته وحاشيته، كما ترصد أن الجيش نفسه لم يكن مؤسسة يسودها العدل والمساواة، وإنما خضعت لتراتبية حيث اعتمد الالتحاق بها على الوسائط والعلاقات بالمقربين من السلطة، وبالوشايات وألاعيب فاسدة يقوم بها الرجال داخل الجيش للإيقاع بالشباب حتى يصل الأمر إلى قتلهم بدماء باردة لمجرد وجود مشاحنات بين بعض الأفراد، كما رصدت الإعدامات التي كان يفرضها الحاكم على الهاربين من الخدمة العسكرية ومن احتمالية الموت في الحرب، وقسوة التعامل معهم حيث يمنع إقامة عزاء لهم ويعامل أهلهم كأنهم خائنين للوطن.

وتستمر الرواية في رصد أحوال العراق، حيث تنتقل إلى حرب الكويت تلك الحرب التي قام بها حاكم سفيه لا يهتم سوى بجر بلاده إلى ويلات الحرب والدمار، وكيف مني الجيش العراقي بهزيمة ساحقة، وعلى عكس انتهاء حرب إيران لم يكن العراقيين متفائلين بالمستقبل أو استعدوا لبناء حياة جديدة، ففي وقت انتهاء حرب إيران استبشر الناس خيرا وتوقعوا أن يبدؤوا حياة جديدة، وزادت نسبة الاهتمام بالثقافة وبالحياة، لكن عند انتهاء حرب الكويت أصبح واضحا لهم أن العراق تسير نحو الهاوية، وأن القادم أسوأ وتبع ذلك سحق وحشي لانتفاضة الشعب،  وحصار اقتصادي زاد من عذاب العراقيين، وهرب كثير من العراقيين للخارج لأنهم تيقنوا أن الخارج أكثر أمانا ومنهم البطل “طارق”، الذي فقد أحلامه وإمكانية تحقيقها لكنه حتى بهروبه إلى الخارج لم يتخلص من لعنة الحنين إلى الوطن، والذي زادت أحواله سوء بعد غزو أمريكا، حيث استلم السلطة جماعات وأحزاب لا هم لها سوى نهب العراق وثرواته.

حيث تستمر الرواية في رصد ما يحدث للعراق، بعد أن كانت أسرة الحاكم السابق وحاشيته هي التي تنهب ثروات العراق الكثيرة، أصبحت الجماعات والأحزاب التي تكالبت على الصعود للسلطة بعد الغزو الأمريكي هي التي تتولى النهب والإفساد دون بناء أي شيء داخل العراق، فقط نهب وفساد دون إعادة إعمار للعراق التي تخربت بفعل الحروب المتتالية.
لكن يظل الحنين إلى العودة للوطن يسكن قلب “طارق” وابنته أيضا، والتي رغم أنها ولدت خارج الوطن لكنها ورثت حبه عن أبيها، لتنتهي الرواية نهاية مفتوحة بعودة “طارق” إلى السويد واعترافه بذلك الحنين الجارف للوطن في رسالة إلى أخيه.

الكاتب..

“عمار الثويني”، كاتب عراقي، عمل في مجال الاتصال التسويقي والعلاقات العامة. تمثل الرواية والأدب اهتمامه الكبير حيث أصدر ثلاث روايات: “في ذلك الكهف المنزوي”، و”القديسة بغداد”، و”مشحوف العم ثيسجر”، وله مخطوط رواية رابعة “الغول البهي”. يكتب عدة مقالات نقدية وعمل في فترة من الفترات مع صحيفة البيان الإماراتية حيث نشر نقداً وعرضاً لأكثر من 40 كتاباً في شتى حقول المعرفة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة