26 نوفمبر، 2024 12:52 م
Search
Close this search box.

هل أن الشعوب مطايا الكراسي؟!!

هل أن الشعوب مطايا الكراسي؟!!

هناك شعوب تمتطي وأخرى تُمتطى , والتأريخ بمسيراته المتنوعة , سادت فيه ظاهرة أن الشعوب يتم إمتطاؤها وتقرير مصيرها من قبل الذين يجلسون على كراسي التسلط والحكم المطلق.

وقد تململت الشعوب بعد الثورة الفرنسية وحاولت أن تمتطي الكراسي , فبعضها أفلحت وأسست أنظمة للشعب فيها صوت وإرادة فاعلة , والكثير منها تواصلت في كونها مطية للكراسي الفاعلة فيها , مما تسبب لها بأضرار حضارية ومصيرية فادحة.

والشعوب التي تمتطيها الكراسي , تتسم بالإذعانية والتبعية وعدم الشعور بالمسؤولية وإستلطاف القهر والمظلومية , وتأنس للأحزان وذرف الدموع والمآسي والأتراح , وتنأى عن الأفراح , فلا تعرف معنى البهجة والمسرة والسعادة والإيمان بالحياة , وإنما يكون الموت ديدينها وقاسمها المشترك في جميع النشاطات.

وبين المُمتطي والمُمتَطى مسافات ومراحل وكينونات وتفاعلات فارقة وشاسعة , فالممتطي يُفاعل إرادته الحرة ويقرر مصيره بوعيه ومعرفته وقدرته على التعبير عن الحياة , فيصنع من حوله ما يريد ويسعى نحو غاياته بخطوات واثقة آمنة بمستقبل أفضل وأسعد.

والمُمتَطى يتحرك في واقعه كالروبوت أو الدمية التي تتحكم بها قوى خارجة عنها تستعبدها وترغمها على تأدية ما يُراد منها , فلا يمتلك القدرة على المشاركة بالقرار وتوجيه المسار الذي هو فيه , فيكون أداة لتنفيذ المشاريع والبرامج المرسومة , ولا تعنيه مصالحه ومستقبله وأمنه وسلامته , لأنه في حقيقته غير موجود كقوة فاعلة واعية , وإنما منومة وسكرى بما تمليه عليه إرادة القابضين على مصيره.

ولكي تمتطي الشعوب الكراسي وتتحكم بمصيرها وتبني حاضرها ومستقبلها , عليها أن تتمتع بالوعي والمعرفة والقدرة على التفاعل العقلاني الكفيل بتوضح المشتركات والمصالح وضرورات السعادة الجامعة المانعة للضياع والخسران والصراع.

وعلى الشعوب أن تتحلى بضوابط أخلاقية وقيمية تحافظ على سلامتها وتؤمّن ديموتها , وتساهم في تثمير طاقاتها وتعزيز قدراتها وممانعاتها أمام التحديات المستجدة من حولها , وأن تدرك بأن السلطة مسؤولية أخلاقية وخدمية , وليست حالة ذات توضيفات خيالية أو إلهية.

كما أن القوة عليها أن تكون موزعة في مراكز تمنع إحتكارها , وتوظيفها بإتجاهات منحرفة ذات منافع شخصية ومحسوبية , لكي تتمكن إرادة الشعوب من التعبير عن دورها وتأثيرها في مسيرة الأوطان.

وعلينا أن نتساءل إلى أي الحالتين ننتمي , ولا بد لنا أن نقرر لكي نكون , وبدون القرار الصائب السديد تبقى الشعوب رهينة الكراسي المُسيطرة على وجودها ومصيرها وما يتصل بها من حقوق وضرورات إدامة حياة.
فهل ستتمكن الشعوب من إمتطاء الكراسي؟!!

أحدث المقالات