مما لا شك فيه، أن مملكة السويد تتبوأ المركز الأول في لائحة البلدان الديمقراطية في العالم، وهكذا هي أيضاً في صدارة الدول فيما تتعلق بالتزاماتها المبدئية للبنود التي جاءت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
عزيزي القارئ الكريم، إن هذا الموقع الإنساني النبيل، الذي تتصدره دولة السويد في مقدمة دول العالم يضع على عاتق مؤسساته الإعلامية، ومراكز القرار السياسي فيها،أن لا تذكر أسماء البلدان والأقاليم خلاف ما جاءت في دساتير وتشريعات تلك البلدان والأقاليم المعنية. كترديدها باستمرار لبعض المصطلحات الخاطئة، التي تجرح المشاعر الوطنية لدى أبناء ذلك الوطن المعني، أو تجرح مشاعر من يكون أصوله القومية من ذلك الوطن الملغى اسمه عمداً.
مثال المصطلح الكريه الذي يطلقه البعض على إقليم كردستان، إلا وهو الاسم النكر: “شمال العراق” كأن القائل لهذه الفرية يعيش في كوكب آخر ولا يعلم أن الدستور الاتحادي العراقي الدائم، الذي كتب عام 2005 والذي صوت عليه 85% من شعب العراق، وشعب إقليم كردستان بنعم، ذكر خمس مرات الاسم المستعار “شمال العراق” بالصيغة التالية:إقليم كردستان. حيث جاء الاسم مرة واحدة في المادة (4) فقرة (3)، ومرة أخرى في المادة (117)، وثلاث مرات في مادة (141).
يا ترى، هل أن المتبني لذلك المصطلح المستهجن “شمال العراق” ملكي أكثر من الملك! حتى يردد في وسائل الإعلام مثل هذا الكلام الذي يؤثر سلباً على فكر المتلقي حين يزوده بمعلومة خاطئة.
للعلم، حتى أن الديكتاتور صدام حسين، ذلك العروبي العنصري،الذي ضرب الشعب الكوردي الأعزل بالسلاح الكيماوي، وقام بعمليات الأنفال سيئة الصيت، لم يشأ أن يقول في دستوره المؤقت: شمال العراق، كما يغرده البعض دون..؟، بل قال بلغة عربية مبينة: “منطقة كردستان” ونحن نعرف جيداً أن مصطلح المنطقة يعني، أن هذا الجزء الموصوف من كوردستان يعتبر أرض عراقية، إلا أن البيت القصيد في موضوعنا هو اسم كردستان الذي جاء في دستور العراقي المشار إليه بكل وضوح لكن يستبدله البعض بشمال العراق!.
لمن يجهل حقيقة وجود كردستان كوطن قائم بذاته، إلا أنه محتل عربياً وفارسياً وتركياً ومبارك هذا الاحتلال البغيض دولياً؟!،إن هناك مواطناً سويدياً اسمه (Sven Hedin) ولد عام 1865 في العاصمة ستوكهولم وتوفي فيها عام 1952. كان (Sven) إنساناً ضليعاً بالتاريخ القديم، زار بلداناً كثيرة على هذا الكوكب الدوار، ومنها كردستان، التي ذكرها في إحدى كتبه، الذي كان بعنوان: (عبر فارس وبين النهرين والقوقاس) يصف في صفحة (222) منابع نهري دجلة والفرات، يقول: أنهما ينبعان من جبال أرمينيا وكردستان. يعني أن تلك المياه كوردية، وأن شعبي سوريا والعراق يشربون مياه كردستان؟.
أضف أنه، كان هناك أيضاً العديد من المستشرقين والمؤرخين والقناصل المعتمدين وموظفي المؤسسات الدولية وكانت غالبيتهم ينتمون للبلدان الغربية أو يمثلونها في تلك الدول. لقد ألف هؤلاء الموظفون الكبار في السلك الدبلوماسي، أو من استَشرق منهم، كتباً عديدة عن الأيام والأعوام التي قضوها في تلك البلدان، وذكروا في تلك المؤلفات القيمة، اسم كردستان كبلد مثل بقية البلدان القائمة في المنطقة، وذلك قبل الولادة القيصرية للكيان العراقي، الذي خرج من رحم مؤتمر القاهرة عام 1921، الذي انعقد برئاسة وزير المستعمرات البريطاني في حينه “ونستون جرجل”، وبعد هذا التاريخ.. قادت بريطانيا العظمى مؤامرة دنيئة في عصبة الأمم من أجل إلحاق جنوب كوردستان بالكيان العراقي، الذي استحدثته خدمة لمصالحها الاستعمارية، وتحقق لها هذه عام 1926 عندما خذلت عصبة الأمم الشعب الكوردي ووافقت على إلحاق جنوب كوردستان بالكيان العراقي المستحدث.. .
دعونا الآن نذكر عناوين عدداً من تلك الكتب المعتمدة التي ألفها أولئك الذين أشرنا لهم أعلاه. 1- سير (روبرت كير پورتر) ألف كتاباً تحت عنوان: “رحلات في جورجيا وفارس وأرمينيا وبابل القديمة وكوردستان وغيرها.. طبع هذا الكتاب في لندن سنة (1818) بمجلدين. 2- الكابتن (مينيان) له كتاب ألفه سنة (1839) تحت عنوان:A Winter journey into Kurdistan = رحلة شتاء في كوردستان. 3- كذلك الدبلوماسي (جيمس بيللي فريزر = James Baillie Frazer) ألف كتاباً سنة (1840) تحت عنوان: Travels in Kurdistan,Mesopotamia = رحلات في كوردستان وبلاد ما بين النهرين. 4- يوجد بحث للمقدم “جي. شيل (J.sheil) نائب رئيس البعثة العسكرية إلى فارس سنة (1836) بعنوان: Notes on journey From Tabriz through Kurdistan to Suleimanyah = رحلة من تبريز خلال كوردستان إلى سليمانية. 5- للقبطان فيلكس جونز = Felix Johnes. كتاب طبع عام (1857) بعنوان:Narrative of a journey to Turkey and Persia Through a part of Kurdistan = سرد لرحلة إلى تركيا وبلاد فارس من خلال جزء من كردستان.
يعرف من خلال تواريخ طبع هذه الكتب القيمة، أن كردستان كانت موجودة على الخارطة السياسية قبل أن تؤسس الكيان العراقي بعصا الساحر البريطاني، فيا ترى أيهما يتبع الآخر الأقدم أم الأحدث؟. للعلم، أن كردستان ذكرت في الكتب القديمة جداً كالتوراة والقرآن بأنها مهد البشرية بعد الطوفان،حيث تقول التوراة في سفر التكوين 4:8 أن سفينة النبي نوح استقرت على جبل آرارات. ويقول القرآن في حقله التاريخي في سورة هود 44: إنها جنحت على قمة جبل جودي. النصان صحيحان، لأن جودي هي إحدى قمم جبل أرارات، وجودي الذي جاء في القرآن هي “گوتی” الكوردية المعربة إلى جودي، لأن اللغة العربية تفتقد إلى حرف الـ “گ” وهذا رسمه في اللغة السويدية ” G” وهكذا بُدل حرف التاء إلى الدال وتغير الاسم من “گوتی” إلى جودي حتى تناسب اللفظ العربي.
في الختام، أرجو من أولي الأمر، أن تسمي الأشياء بأسمائها. وأرجوا أيضاً أن “لا تُحرف الكلم عن مواضعها” فكوردستان التي يعيش على أديمها شعب عريق باسم الكرد ولد على أرضها منذ تاريخ سحيق يصعب تحديده بالأرقام،واسمه يقترن باسمها: كورد – كوردستان، وطن الشعب الكوردي، قائمة بذاتها منذ زمن بعيد جداً، فهي يا سادة ليست شمال العراق؟، ولا غرب إيران، ولا شرق وجنوب شرق تركيا، ولا شرق وشمال شرق سوريا، بل هي كوردستان، بدون سابقة شمال ولا لاحقة عراق ولا يلحق باسمها أي بلد آخر من بلدان مثلث الشر، كما أسلفت هي وطن الشعب الكوردي، الذي يمتد من البحر إلى البحر، أي من بحر الأبيض المتوسط إلى بحر الخليج الـ(فارسي) شاء من شاء وأبا من أبا.
02 12 2018
يقول الشاعر الكوردي (أحمدي خاني) 1650- 1707م: گەر دێ هەبوا مە ئیتیفاقەک ڤێگرا بکرا مە ئینقیادەک رووم و عەرەب و عەجەم تەمامی هەمیا ژ مە را دکر غولامی تەکمیل دكر مە دین و دەولەت تەحلیل دکر مە عیلم و حیکمەت.
الترجمة:
لو كان بيننا تآلفاً ووئاماً واتفاقاً لو كان عندنا، قائداً نسمعه ونطيعه لكان الأتراك والعرب والعجم عَبيد عندنا عندها تمكنا أن نكمل ديننا ودولتنا فانصرفنا بعدها للحكمة والعلم.