العلم و التعليم عنصران فعالان هامان جدّاً سواء على المستوى الفرديّ اوعلى المستوى الجماعيّ، فإن صلحا ، صلح الفرد وصلح المجتمع، ،هما منيران الظلمة، وكاشفان الغمة، وباعثان للنهضة، هما سلاحان لكل فرد ولكل مجتمع قال الله تعالى: “وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا” 114 طه…وقال رسولنا الكريم ( ص )” العلم فريضة على كل مسلمٍ ومسلمةٍ، لأن العِلم والتعليم هما النبراسان اللذان تضاء بهما الظلمات الحالكة،اذا اراد الانسان ان يتحصن بهما امام العدو، وهما أساس سعادة الفرد، ورفاهية المجتمع ورخاء الشعوب، والبشر جميعا. وقال تعالى في كتابه الكريم :: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) زمر9 ، و هما الاساسان لحياة المجتمع وبدونهما يكون المجتمع مختلاًّ وغير محصَّن ثقافيا وعقائديا وسوف وبلاشك يرتمي جل أفراده في أحضان حضارة ملذات الهوى بلا قيد والتي تبعدهم عن القيم الاخلاقية للانسان، ويصبح التقليد الأعمى رمزاً ثقافيا لا مناص منه ، مما يؤدي إلى تفشي كل السلوكيات السلبية والمنحرفة والاتكالية المقلدة الغير منتجة ” وينقل عن أن غراب أعجبته مشية الحمامة فأراد أن يقلدها فلم يفلح وأراد أن يعود إلى مشيته فنسيها لأنه نسي أصله وفصله” ، إن هذا الجيل سوف يكون مزْهُوٌ بنفسه لايهتم إلا بالتفاهات المستوردة ، مثل طريقة الحلاقة إلى سياقة الدراجات النارية بالسرعة المفرطة إلى الرفاقة المضيعة في الجلوس في كافي شوبات في سنين مبكرة و تخدم فيها الفتيات المؤججات للشهوة والتدخين بالنركيلة المعطرة وتناول المخدرات إلى المواقع الالبسة المشَوِّه والضيقة التي تظهرتفاصيل الجسد ، الخصام والشجار وسوء العلاقات التي تؤدي الى العنف والسرقة وقال تعالى في كتابه ” ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة من الذين امنوا لهم عذاب شديد في الدنيا والاخرة ” النور19. و الذي نأيَّ العِلْم عن كل ذلك وحذر من التقليد المفرط وكل الآفات والمفاسد الاجتماعية .
اليوم المطلوب من اجل اصلاح افراد المجتمع ولعل المدرسة التي تُعدّ المكان الثاني الذي يقضي فيه الطالب ساعات طويلة بعد البيت من الامور التي لايمكن اغفالها و فرصة للتعرف على الأصدقاء والتأثر بنماذج جيدة في الحياة يُمثلها المعلم و النهوض بالتعليم في اي دولة يتطلب مواردا مالية وبشرية كبيرة بشكل دائم وهو غير متاح في العديد من الدول، لكن التطور العلمي وشبكة الانترنت لو استغلت بالشكل الصحيح قد تساعد إلى حد كبير في توفير المال والكادر البشري حسبما تشير تجارب بعض الدول المتقدمة.
تعتبرالمدرسة هي الحاضنة التعليميّة والتربويّة التي يتعلم منها الطالب الكثيرمن المفاهيم الاخلاقية الايجابية ، فيجب إعادة النظر في البرامج التربوية والتعليمية والتركيز على ما هو أساسي للحفاظ على افراد المجتمع من الإنسلاخ من جلدتهم .. والإهتمام بما يربط الفرد بأسرته حتى لا يتيه بين الأسر.. وبعقيدته حتى لا ينسلخ عن دينه .. وبالأصالة حتى لا ينبهر بالمعاصرة ، فإذا لم تكن البرامج التعليمية والتربوية الحصن الحصين لأجيالنا فلا داعي لصرف المال العام لأنها ستبقى دون جدوا ولا تنتج المجتمع الصالح والواعي .علينا يجب التأكيد على ان حق التعلم احد الحقوق الاساسية للانسان ويجب ضمان ذلك للجميع بشكل عادل. ولا تنقصنا الدراسات والابحاث التي تناولت مشاكل وازمات التعليم في العالم وفي الدول العربية، والحلول والخطط المناسبة لتجاوزها، لكن تبقى المشكلة في وضع هذه الحلول والخطط قيد التنفيذ .
وبلاشك فأن للمعلم كمرشد الدور وموجه ومنظم للعملية التعليمية و في الصحة النفسية لإدارته لصفه وتنمية الصحة العقلية لطلابه ولان للمناخ النفسي والاجتماعي في صف ما تأثيراً كبيراً في تماسك أفراده وتعاونهم وتقبلهم بعضهم بعضاً من ناحية اخرى ،كما يُعتبر المُعلّم هو المثير لعقول التلاميذ ليتوصلوا بأنفسهم إلى المعلومات بدلاً من أن يلقيها عليهم. وقد أصبح دور المعلم مرتكزاً في تنمية التفكير الإبداعي لدى المتعلم ومخططاً لتنمية القدرة على التفكير عندهم وبمثابة المزوّد والناقل الأول للمعرفة والمؤثر في نجاح العمليّة التعليميّة أو فشلها ودور المعلم في التربية الحديثة هو تطوير أساليب التعلم الذاتي عند الطلبة من أجل الوصول إلى المعلومات بأنفسهم وتنمية مهارات التفكير العلمي ويعتمد على مدى قُدرة المُعلّم على ضبط الصف، ويتم ذلك من خلال تعريف الطلّاب بالواجبات المطلوبة منهم بإصدار التعليمات والإرشادات اللازمة وتوجههم بالشكل الامثل لانه في نظرهم قدوةً ونموذجاً يُحتذى به، حيث يقضي الطلاب جُزءاً كبيراً من يومهم مع المُعلّم، فيتأثرون بسلوكيّاته إلى حدّ كبير، سواء كانت إيجابيةً أم سلبيّة .وهو الذي يضمن عمليّة تلقّي المعلومات المُختلفة بالشكل الصحيح، وذلك بالاستعانة بالكثير من المصادر والوسائل مثل المناهج الدراسيّة، وإرشادات التعليم، بالإضافة إلى حُضور المُحاضرات ذات الصلة، وتتنوّع أساليبه في التعليم لتشمل التعلّيم القائم على المشاريع والتجارب العلميّة، والتعليم من خلال المجموعات، والتعلّم الجماعي وتشجيع الحضور الى المكتبات العامة والمدرسية لاستلهام المصادر الصحيحة وتعليم قراءة الكتب المتعلقة بالدروس والثقافة العامة التي يفتقر اليها الجيل الحالي .
ان المسؤولية الاولى تقع على الاسرة في البداية لان دور الآباء والأمهات من أهم الأدوار في عملية التنشئة و لا ينكر أن الدور الأساسي والرئيسي في تربية الأبناء،مشتركة بين الام والاب ولكن يقع على المرأة أولاً؛ لأنها تعتبر العمود الفقري للأسرة في المنزل، وإن قصَّرت فيه فسوف يعود بالسلب على التحصيل المدرسي لأبنائها في المنزل، وتدني مستوى تعليمهم، وبالتالي لا بد أن تهتم بوظيفتها الأساسية التي لا يمكن أن تتنصل من مسؤوليتها في هذا الصدد، وأن تفكر في عملها هذا كأنه نوع من أنواع الأعمال المختلفة، ألا وهي ربة المنزل التي ترعى أبناءها، وتتابعهم في دراستهم، بالإضافة إلى أنها لا بد أن تعلم أن المنزل وأبناءها مسؤولان منها على المستوى العام.
فالطفل أول ما تتفتح عينيه يجد والديه حوله ولكن يتعلق بالام اكثر ومن ثم الاثنان ، ويقلدهم في سلوكهم وتنمو عاطفة حبهم في قلبه كلما كبر، لذلك كان من الأخطاء القاتلة التي قد يقع فيها الأبوان هي الاتكال على المدرسة، أو جماعة الأصدقاء أو الإعلام في توجيه أطفالهم! والظن بأن هذه المؤسسات تكفي، حتى يصبح دورهم هو مجرد توفير الطعام واللباس فقط، فيكون نتيجة لذلك فشل الطفل في التعليم وانحرافه سلوكيا. تأتي المدرسة كامتداد للأسرة،وعامل مكمل لدور البيت، باعتبارها مجتمعا كبيرا يمارس فيه الطالب ما تربى عليه في محيطه الأسري المصغر، ويوظف خبراته التي تلقاها من أبويه، ولتضيف إليه خبرات جديدة من خلال تعامله مع أقرانه ومع مدرسيه.وتأتي المدرسة لتساعد في نسج تفاعلات نفسية وإنسانية أخرى في حياة أبنائنا، ويغرس أنماط سلوكية واجتماعية أوسع من تلك التي تلقاها في البيت، فالمدرسة مسرح مكشوف يتم من خلاله رصد ومتابعة سلوكيات الأولاد خصوصاً أن مجتمع المدرسة يعد أكثر تعقيداً من مجتمع الأسرة. اما التنشئة الأسرية تظل قاصرة ومبتورة، إذا تمت دون ربطها بالمدرسة بشكل خاص، فلا يمكن اعتبار المدرسة بأي حال من الأحوال، مكانا لتلقي العلوم وفقط، بينما التربية تكون في البيت هذا التقسيم هو أول أسباب الفشل فالبيت مسؤول عن تفوق الأبناء الدراسي وعن تربية الأبناء، وكذلك المدرسة تتحمل هي الأخرى مسؤولية التعليم والتربية فالتأثر والتأثير بينهما واقع حتمي. والتكامل في وظائفهما الإنسانية والتربوية والاجتماعية، تظل قضية جوهرية في التنشئة الصحيحة.فمن هنا نحن في حاجة لمزيد من الأفكار الإبداعية التي تساعد في تحقيق التعاون بين الأسرة والمدرسة، هذا التعاون سيعرف الآباء أن المعلمين يشاركونهم الاهتمام بأطفالهم، وكذلك يعرف المعلمون أن الآباء يقدرون أدوارهم، مما يبعث على الارتياح و الطمأنينة في نفوس الجميع،لا بد من التركيز على ضمان تكامل العملية التعليمية ما بين المدرسة والاسرة، خاصة في المراحل الاولى من التعليم لضمان ادراك ومشاركة الاسرة في هذه المهمة عبر توفير الظرف المناسب والاداوات الضرورية لنمو ملكات ومهارات الطفل العقلية. و كل ذلك له تأثيرات إيجابية يحقق في الارتقاء بالمدارس التعليمية، وزيادة عدد المتفوقين من التلاميذ.