هل نحن نسير فوق التراب أم نحلق في الهواء؟!!
يبدو أننا لا نمشي ولا نطير , وإنما نعيش في ظلمات الغابرين , ومخيلتنا تأخذنا إلى حيث يتحقق سوء المصير.
وهذا يتأكد بتفاعلاتنا المجردة من الأرصدة الواقعية , والمدججة بالبهتانية الوهمية التي نحسبها اليقين والواقع المبين.
فترانا نضفي على البشر ما لا يمت بصلة إليه , فنخرجه من آدميته ونحلق به في آفاق المثاليات والتصورات المتخيلة التي ربما تشبع نواقص ما فينا من الحاجات.
ويتنعم أمواتنا بمثالية صارخة وكينونات خارقة , وكلما إبتعد زمان وفاتهم أحضرناهم ووشحناهم بالمزيد من التصورات اللابشرية.
وبسبب هذا الإقتراب الهذياني , تجدنا نحسب كل مسؤول موجودا متخيلا وليس قائما بيننا , فالرئيس عليه أن يبدو وكأنه إله أو مخلوق سماوي ملائكي يتوجب عليه أن يقوم بما نتوهمه لا بما يجب أن يقوم به , ولهذا فلن ولن يتحقق الرضى عن أي رئيس في مجتمعاتنا , مهما قدم وجد وإجتهد.
ووفقا لهذا الفهم السقيم , يكون من المستحيل الوصول إلى توافق وإنسجام ما بين الشعب والحكومة , ولا بد للمسؤول أو الرئيس أن يتظاهر بالمثالية والقدسية لكي يرضي حاجات الذين من حوله , والذين يرونه كذلك وليس غير.
وعندما تترسخ هذه الرؤى والمشاعر في المسؤول أو الحاكم , فأنه سيكون خارج نفسه ويتصرف وكأنه كما يُرى لا كما هو , وبذلك يرتكب حماقات سلوكية ذات إرتدادات مصيرية خطيرة توقظه من غفلته في لحظة لا يمكنه أن يفعل شيئا سوى الإستسلام لنهايته المحتومة القاسية.
هذه الخيالية تحكمنا وتدمرنا , وتأخذنا إلى تداعيات ومرارات ذات وجيع دائب وأنين صاخب , ولا يمكننا وعيها والتحرر من قبضتها , فهي عاهة متوارثة , يعززها سلوك العمائم المتاجرة بالدين , والتي يرضيها أن تكون مخلوقات متخيلة , لكي تجني أرباحا أوفر.
وتلك حكاية أمة طار لبها!!