16 نوفمبر، 2024 11:27 ص
Search
Close this search box.

مع كتابات.. محسن فرحان: الأغنية الناجحة تدخل في عمق الذات البشرية

مع كتابات.. محسن فرحان: الأغنية الناجحة تدخل في عمق الذات البشرية

خاص: حاورته- خلود الحسناوي

شجن كربلاء الذي أخذ بأحاسيس الفتى الواسطي (كطير الحمام يخاطب الهوى الهاب ليمحو سود الليالي)، و(يخبره ُشاكول اعليك لاتصدك اليحجون عنك وعني البارحة) و (زمان مابية اعوفن هلي اه يزماني) ويستمر الإحساس ليقول :(انا المالوم، كوم انثر الهيل يافيض.. وغريبة الروح وحتى تكون أحسن.. يكولون غني ابفرح).. هل غنى للفرح؟

ومازال فارسا لكل زمان، يـسطر أروع ملاحم الجمال الموسيقي، متجدد الطاقة لم يزل على قيد العطاء والإبداع.. مستبشراً لم يُـثنه بتر ساقه عن مواصلة المسيرة بساق واحدة بطريق ملؤه الشوك والعثرات، مدرسةٌ بذاته يعطي من روحه ومشاعره كي يشجي أسماعنا بجميل الطرب، أيقونة الموسيقى الأصيلة، ذاك الذي عاند الزمن وأثبت أنه قوي حيث قاوم آلام البتر بإيمان كبير بالقدر، وابتسامته المعهودة وهو يستهزأ بالزمن الغادر ويقول له بمليء الفم: لن استسلم لك مادامت ابتسامتي مشرقة،(وما أرضى دمعة وي الكحل)..

” محسن فرحان” رغم أوجاعه يُطِلُ علينا من جديد مرحاً كعادته، يملأ ذاتك  الزهو وأنت تحادثه، تشعر بأجواء المحبة القديمة والحميمية التي افتقدناها، وأنت تسمعه يداعب سمعك بكلمته المعهودة عندما يخاطبك (يعيوني).. خص “كتابات” بهذا الحديث الشيق:

(كتابات) كم من الوقت تأخذ منك الأغنية لتلحينها؟

  • بالحقيقة لا يوجد زمن محدد لذلك، نقول: مثلا ساعتين أو يومين أو شهر أو أكثر.. حسب المزاج الذي أعيشه حينها أو حسب قناعتي بالأغنية أو سرعة طلب الأغنية، هناك أغان مطلوب تلحينها بسرعة لمناسبة معينة أو لحدث معين، وهناك أغنية آخذ وقتي الكافي بتلحينها.. وأغلب الأغاني التي لحنتها لم تأخذ مني وقتا طويلا، فقط أغنية واحدة هي التي أخذت مني وقتا وهي( ناطرة عيوني بدربكم، مرة لهفة ومرة شوك، وتسهر الروح على حبكم، ولترافتكم تلوك) كتب كلماتها الشاعر “جبار الغزي” وغناها الفنان الكبير “سعدون جابر”.. هذه أخذت مني وقت لأن فيها عمل  كبير.

(كتابات) ماذا يشكل لك اللحن؟

  • اللحن هي حالة روحية، حالة من حالات التصوف، وحالة من حالات الإبداع واعتبرها جزء من نعمة أو رزق الباري عز وجل للشاعر أو الملحن.. لأن الشعر كما هو التلحين حالة إبداعية كبيرة ولا يمكن لأي إنسان أن يكون شاعرا أو يكون ملحنا، إذا لم يكن يمتلك الموهبة والقدرة الكافية، ومتمكنا من أدواته، وأيضا حالة من حالات التجلي النفسي والروحي لدى الملحن أو الشاعر كذلك.

(كتابات) الأغنية الآن هل تلبي حاجة المجتمع؟

  • هذا موضوع شائك.. المجتمع الآن مجتمع منقسم، هناك أناس تستمع للأغاني، وهناك أناس تحرم الأغاني، هناك أناس لا يؤهلهم جوهم الذي يعيشون فيه وبيئتهم لاستماع الأغاني المجتمع، الآن يعيش حالة فوضى أو (خربطة).

عندما يستقر المجتمع يبدأ سماع الأغاني ويبدأ الاسترخاء، أنت عندما تستمع لأغنية تكون مسترخيا وتسمعها وتصغي لها بكل حواسك، أما إذا تداخلت أحاسيسك ومشاعرك كانت مشتتة فلا يمكنك أن تستمع إلى الأغنية أو تنسجم معها .. الأغنية الحالية أغنية يوم، أي أغنية آنية، وهي كالوجبة السريعة، والوجبة السريعة لا تلبي حاجة الإنسان أبدا،  فالأغنية السريعة لا تلبي حاجة لإشباع الذات البشرية من النغم والصوت الجميل والموسيقى الجميلة .. إذن الأغنية الحالية لا تمثل روح المجتمع العراقي حاليا، بل  تمثل شريحة بسيطة من الشباب وليس كل الشباب.

(كتابات) الأغنية العراقية جزء مهم من الموروث الشعبي.. كيف نهتم بملامحها أو كيف نحافظ على هذا الموروث للمستقبل؟

  • هذا واجب الدولة وخصوصا الجهات المعنية، وهي الإذاعة والتلفزيون أي مؤسسات الدولة الفنية التي تعنى بهذا الموضوع، وهذا بالضبط واجبها لأن سابقا كانت الإذاعة والتلفزيون تحتفظ بالأشرطة وتحافظ على الأغنية العراقية.

الآن أصبحت توجد قنوات تلفزيونية كثيرة تبث الأغنية العراقية.. لكن الثقل يقع على دائرة الفنون الموسيقية، هي التي يجب أن تحافظ على التراث الغنائي العراقي الجيد، والذي لا يمس ولا يخدش سماع العائلة العراقية أو الإنسان العراقي.

(كتابات) طيب هذا هو دور الدولة.. إذا ما دور المواطن في ذلك أو المجتمع عموما؟

  • المجتمع ليس له دور بذلك، المجتمع يسمع، ليس مطلوبا منه أن يحتفظ بمكتبه ببيته.. لأننا من خلال تطبيق اليوتيوب نستمع لـ آلاف الأغاني، ومن خلال الهاتف أيضا فأنت غير ملزم بالحفاظ عليها.

(كتابات) ألا يمكن من خلال هذا السماع أن نشجع الأغنية سواء كانت جيدة أو غير جيدة،  ونكون قد ساهمنا بنشرها خصوصا أن هناك أغان هابطة وليست بمستوى الذوق العام؟

  • تقريبا كما قلت قبل قليل أن المجتمع منقسم على ذاته، وبه عدة فئات عمرية منها الأطفال والشباب و.. و.. الخ مختلفة.

(كتابات) لكن لابد من دور للمجتمع كي يحافظ على تراثه؟

  • فعلا لكن هذا ما يقوم به المجتمع المتكامل.. من أين لكِ هذا المجتمع المتكامل الآن؟ لديك الآن أشكال وألوان من التناقضات والسلبيات.. الشوارع مليئة بالأطفال الذين يبيعون علب الماء وغيرها، وتلك المزابل المليئة بآلاف العوائل التي تعمل من الصباح حتى المساء، حتى تعيش وتأكل.. شعب ممزق أطالبه بأن يحافظ على أغنية؟!! هذا دور الدولة ومؤسسات المجتمع المدني.

(كتابات) من هو المسئول عن نجاح الأغنية أو فشلها؟

  • أولا نجاح الأغنية أو فشلها يعتمد على الأغنية نفسها، أي متى ما كانت الأغنية متكاملة كلاما ولحنا وصوتا (كلام جيد، لحن جيد، أداء وصوت جيد) متى توفرت هذه الشروط تعتبر هذه الأغنية ناجحة، لكن لنقل أن مدى اتساع شهرتها بالوسط العراقي، وما بين الناس يعتمد على تكرارها وأعادت بثها بالتلفزيون.

(كتابات) شرط التكرار؟ بعد أن ذكرت شروط نجاحها الثلاث؟ ألا تكفي؟

  • هذه الأغنية الناجحة.. لكن الانتشار يختلف عن نجاح الأغنية.

(كتابات) النجاح ألا يساهم بالانتشار؟

  • لا هذا شكل وهذا شكل آخر.. لا نقل الأغنية الناجحة لنقل الأغنية الجيدة ليكون الوصف أدق .. الأغنية الجيدة هي التي يتكامل بها الكلام واللحن والأداء، الانتشار هذا موضوع ثانٍ، كم البث للأغنية هذا طبعا لو كانت الأغنية قوية من أول بث سوف تعلق بأذهان الناس، لكن تكرارها يساهم بانتشارها لنقل حققت نجومية.. أي حققت شيء أكبر من النجاح ألا وهو الانتشار.

(كتابات) الأغنية العراقية موناليزا الطرب العربي ويقال أن هناك من شوهها ما دور الرواد بتصحيح ذلك التشويه؟

  • بصراحة نحن الآن ليس لنا دور بالتصحيح.. لماذا؟ الأغنية الآن تُنتج من قبل شركات، وهذه الشركات لها مواصفات بالأغنية وهناك قنوات فضائية أيضا تبث الأغاني.. فنحن ليس لدينا سلطة على هذه الشركات والقنوات، نحن مجرد ملحنين.

(كتابات) والرقابة.. ألا توجد رقابة؟

  • الرقابة مهمة الدولة، يجب أن تقوم بها ولا يمكن أن تقوم الدولة بالرقابة الآن لأن القنوات الفضائية تبث من خارج البلد.

(كتابات) وبالداخل.. كانت سابقا توجد لجان لفحص النصوص وإجازتها؟

  • نعم سأخبرك لماذا.. لم تكن هناك قنوات بهذا الكم، كانت توجد قناتين فقط قناة الأولى والثانية هذا بزمن السبعينيات.. فلا يوجد شخص يستطيع أن يقدم موهبته أو أغانيه أو أي نتاج فني إلا من خلال الإذاعة والتلفزيون.. وفيها عدة لجان، لجان اختبار النصوص الشعرية، ولجان لاختبار اللحن، ولجان لاختبار الصوت الغنائي، وهذا يعتبر فلتر حقيقي لظهور النتاج الجيد واللائق سواء كان شعرا أو لحنا أو صوتا.. ولما انتهت الإذاعة والتلفزيون بعد أحداث 2003 ظهرت القنوات الفضائية،  وظهور ما يسمى بالديمقراطية وانتشار الصحافة انتهى هنا دور الرقابة ولا توجد أية رقابة، سابقا لا يمكن أن تقدم مسرحية مثلا إذا لم تجاز من الرقابة، وحتى عندما تُقدم المسرحية لما يخرج الممثل عن النص كان يُحاسب لأن هناك رقابة دائما على العمل الفني.

(كتابات) أجد بهذه الإجابة نوع من التناقض، في وقت أننا نذكر أن هناك ديمقراطية لكننا نجدها ساهمت بتشجيع الأشياء التي هي خارج ضوابط الأنظمة والقواعد والقوانين، وفي وقت قبل دخول الديمقراطية كان يوجد لجان انضباط وفحص وتدقيق؟

  • هذا ما حصل في البلد.

(كتابات) كلمات الأغنية هل لها دور في تحديد اللحن؟

  • أكيد فأنا لدي رأي دائما أذكره.. وهو أن الشعر الغنائي هو مفتاح الأغنية.. هو المفتاح للولوج إلى العالم الجديد الذي سيفسر ماذا قال الشاعر.. أي هي عملية تفسير، عندما يكتب لي أغنية حتى أوصلها لمشاعر الناس، يجب عليَّ أن ألحنها بلحن يليق بالكلام، إذا كان جميل، ثم يأتي بالطبع دور المغني الذي سيوصلها بشكل أكثر من خلال صوته، فالكلام هو مفتاح الأغنية، هو باب النجاح الأول للأغنية.

(كتابات) أحيانا المطرب يغني كلمات لا يؤمن بها أو لم تحرك مشاعره فلا يعطها من إحساسه، كذلك الملحن وفق ما ذكرته أن للكلمات تأثير كبير على الملحن لدرجة الانسجام ويشعر أنها جزء منه، لذا نجده  قد أعطاها أكثر وأكثر مما لديه من الطاقة والجمال.. هل ينطبق هذا الكلام على أغنية ( ناطرة عيوني بدربكم) للشاعر “جبار الغزي”؟

  • كلامك صحيح.. لكن لم يصدف أن حدث أن لحنت أغنية لم أُؤمن بكلماتها، لأن أغلب الأغاني إما أن أطلب من الشاعر أن يكتب لي وفق السياقات التي أطلبها، أو شاعر يعرض عليّ أغنية لا أحس بها ولم تدغدغ مشاعري فلا ألحنها، الأغنية التي لا تصل إلى أعماقي لا استطيع  أن أوصلها للناس.. لأنها عملية تصاعدية أو لنقل متوالية عددية.. الشاعر، الملحن، المطرب، الجمهور..

كما قال الفنان الكبير “محمد عبد الوهاب”: أسباب نجاح الأغنية ليست ثلاثة إنما هي أربع، شاعر وملحن مؤدي والجمهور.. فالجمهور له دور كبير فاعل في نجاح الأغنية طبعا هذا إذا كانت الأغنية جيدة فدور الجمهور يكون بالاستماع والاستماع بحب وبشغف حتى يكررها مرات عدة.. عندما تسمعين أغنية وتعجبك مؤكد سوف تسمعيها مرة وثانية وثالثة… الخ.

(كتابات) وأحيانا تعجبك الأغنية وتكرر سماعها لكن لا تحفظ كلامها رغم حبك لها.

  • هذه تبقى للمتلقي ومدى استجابته للأغنية في المكان والزمان المعين، لأن الأغنية أيضا يؤثر بوقت الاستماع لها ما تشعر به من حالة نفسية معينة، خاصة إذا كنت تعيش حالة نفسية معينة خاصة بك وتسمع الأغنية فلو كانت تتطابق مع حالتك وما تشعر حينها ستتركز في داخلك ومخيلتك، بمعنى أنها ستضرب ضربة قوية بداخلك.. أما إذا لم تكن قريبة من معاناتك سوف لن تتقبلها وإن كانت جميلة أي أنها تتوافق مع ظرفك الذي تعيش حينها.. ولهذا السبب لما يقابلني الجمهور أحيانا ويخبروني مثلا أنهم قد سمعوا (غريبة الروح) مثلا لـ عشرين مرة أو فلان أغنية كذا مرة.. وفي أحد الأيام قال لي أحدهم أنه كان يستمع لأغنية ( لابيه اعوفن هلي ولابيه اعوف هواي) كنت أذهب للبياع أفتح جهاز التسجيل تحت نافذة غرفة حبيبتي كي أسمعها إياها.. ما يعني أنه يعيش معاناة معينة يشعر أنها تعبر عنه، هذا جونا وما عبَّرت عنه الأغنية لذلك تجدها تبقى خالدة  لسنين.

(كتابات) إذن الأغنية الجميلة هي التي تعبر عن معاناة حقيقية للناس لذلك بقيت أغاني “محسن فرحان” خالدة وملائمة لكل زمن ولكل جيل وكأنها وليدة الساعة؟

  • إن أغلب الأغاني التي قمت بتلحينها لا تعتمد على الحب والغرام الشخصي وإنما تعتمد على لغة إنسانية ليست مثل الكلمات المتداولة.. (أحبك وتحبني وشوكت أشوفك).. لا لا ولو أخذت أغنية (غريبة الروح) فيها لغة إنسانية لغة عمومية لكل المشاعر ولو أخذت (ناطرة عيوني البارحة) التي كتبها “زهير الدجيلي”، (البارحة هاجت اشواك العمر كلها، البارحة حنيت الك بأكبر همومي البارحة، نجمة تعاشرني غصب نجمة تكولي رايحة) هذه أغنية إنسانية ليست أغنية عواطف سطحية وهزيلة، أغنية تدخل في عمق الذات البشرية في عمق الإنسان.

وأغنية ( يكولون غني بفرح واني الهموم اغناي) هذه أغنية إنسانية (دولاب فرني الوكت خميت الولايات) كلام ليس به لغة التخاطب الفردي بين شخص وآخر وإنما قضية عامة.. لهذا الحمد لله والشكر بقيت خالدة منذ  35 سنة، واعتقد ولست جازما تبقى عند رب العالمين وتحولات الزمن في هذا البلد.. إن الأغاني التي قمت بتلحينها  ستبقى وأغاني زملائي الملحنين “كمال السيد” و”كوكب حمزة” و”محمد جواد أموري” و”ياسين الراوي” و”محمد عبد المحسن” وكثير من الملحنين الذين كانوا بالستينات ومن ثم اعتبروا من جيل السبعينيات تبقى أغانيهم خالدة ولا تذهب بسرعة.

(كتابات) هل كان ذلك بسبب أن البلد انتشل نفسه من معاناة سنين وعقود سابقة وانتعاشه وازدهاره بالسبعينيات؟

  • لا.. فترة السبعينات هي فترة ازدهار في كل العالم عموما ليس في العراق فقط، لو أخذت مصر تجدين أروع الأغاني التي قُدمت في السبعينات ولبنان أروع الأغاني قُدمت في السبعينات والكويت، في أي دولة من دول العالم تجدين رموز للغناء وللشعر وللتمثيل والسينما، فترة السبعينات فترة مزدهرة جدا لأن الفترة التي سبقتها فترة دسمة فترة الستينيات والخمسينيات مزدهرة بالفنون والأدب.

ولا ننسى أن فترة السبعينيات كانت الصناعة والفن والأدب تسيران جنبا إلى جنب، أما في الثمانينيات والتسعينيات بدأت الصناعة تقفز قفزات كبيرة، أما الأدب والفن والموسيقى بقي مراوحا في مكانه وللتوضيح أكثر أن في فترة الثمانينيات ظهر جهاز عرض الفيديو والسي دي وظهرت الشريحة والرام (الذاكرة) والحاسوب وغيرها من هذه التقنيات، وهنا تأخر الفن والغناء عن الصناعة فصارت هناك هوّة كبيرة بينهما، وظهر جيل جديد يعتمد على هذه الأشياء بدليل أننا بهذه الأعمار لا نتمكن من إتقان استخدام هذه التقنية، في حين أرى أحفادي يستخدموها بحرفية عالية، لذا تخلف الذوق والإحساس عن الصناعة فهي ازدهرت ونجحت مع ظهور تطوراتها كالإنسان الآلي والروبوت وغيرها.. وانعدمت الأحاسيس واضمحلت.

(كتابات) ما ذكرته هذا واقع، مع ازدهار الصناعة إلا أنها أساءت إلى الذائقة وأصبحت سلاح ذو حدين.. ألا نستطيع مع  نهوض الصناعة أن نعمل على تطوير الذائقة؟

  • غير ممكن لا، الذائقة قضية مشاعر وأحاسيس فهي لا تتطور.. لأنها أشياء وجدانية خلقت مع الإنسان منذ بدء الخليقة.

(كتابات) هل أثرت التقنية الجديدة التي يستخدمها الشباب الآن على الأغاني، أي أن جهاز واحد يحتوي على كل الأصوات ويعطي كم هائل  من النغمات في حين كنتم تستخدمون الآلات الحقيقية؟

  • نعم كثيرا كثيرا.. موجود هذا الجهاز لكن لا يعطي تلك الروحية وذاك الحس الفني، مثلا لو طلبت منه ، أقصد من يَعزِف، على هذا الجهاز وأطلب منه أن يُسمِعَني كمانات.. تَسمَعي الكمان لكن ليست فيه روحية الكمان الحقيقي لأن العازف لما يستخدم أصبعه تجد هناك مشاعر وأحاسيس والـ آلات لا تعطي تلك المشاعر.. ولو قلت له اعزف لي الناي، ليس كما يعزف عازف الناي يضع من روحه في الناي فيخرج الصوت والنغم وآلة الساكسفون كذلك، وبالمناسبة يكون الاختلاف جدا واضح لمن يركز في ذلك.

(كتابات) سؤال تقليدي لكننا نريد المعرفة بشغف، ذلك بعد فترة انقطاعك بسبب سوء حالتك الصحية مؤخرا.. ما هي آخر أعمالك؟

  • أكيد لابد أن يتعرف الناس على آخر نتاجاتي بعد ظرفي الصحي الأخير، وبعد أن تجاوزت أزمتي بفضل الله سبحانه ودعاء جمهوري الحبيب الذي تابع حالتي طيلة فترة مرضي  كثيرا، ولم يبخل بالدعاء لله تعالى بأن يشفيني وأن استعيد صحتي مرة أخرى والحمد لله، لذا أقدم لهم كل تحياتي وشكري الكبيرين لكل هذا الحب والاهتمام الذي أحاطوني به ، وأما آخر نتاج لي كان تلحين أغنية وطنية من إنتاج شبكة الإعلام العراقي وهي أغنية (كول الله) من كلمات الشاعر “د.علي عبد الحمزة” وأداء المجاميع.. بثت عبر الفضائية العراقية بالفترة الأخيرة.. وإن شاء الله لن انقطع عن الإنتاج ومتواصل كما كنت سابقا والحمد لله.

(كتابات) كما نعلم أن حضرتك خريج معهد الموسيقى العربية في القاهرة ويقال أنك خريج اللغة الإنكليزية ما مدى صحة هذه المعلومة؟

  • نعم أنا خريج معهد الموسيقى العربية في القاهرة، وجيد أنكِ طرحتِ هذا السؤال لأني أود أن أوضح للقارئ الكريم ولجمهوري الحبيب أني لست خريج اللغة الإنكليزية ولكن.. لفترة من الفترات كنا أنا والمطرب “سعدون جابر” لا نفترق بحكم العمل أصبح هناك خلط في هذا الموضوع لأن “سعدون” هو خريج اللغة الانكليزية ولست أنا، وأرجو أن تكون هذه المعلومة قد اتضحت لأنها كثيرا ما ترد في المواقع ويتداولها الأحبة والأصدقاء وهذه فرصة طيبة لذكرها.. هذه كل القصة لا أكثر.

(كتابات) ما دور شبكة الإعلام العراقي في المرحلة التي يمر بها “محسن فرحان” الآن؟

إن دور شبكة الإعلام مهم وكبير جدا وأنا أتقدم بالشكر الجزيل لصديقي الأستاذ رئيس شبكة الإعلام “مجاهد أبو الهيل”، هذا الرجل الذي جعلني أغير كثيرا من مسارات وضعي لأنني قررت مؤخرا أن أجلس في البيت ولا أخرج.. لكنه اتصل بي وزارني في بيتي وعرض عليَّ مشاريع في الإذاعة والتلفزيون، ونحن الآن بصدد تغيير في تشكيلات قسم الموسيقى في شبكة الإعلام العراقية، وسأكون مسئولا عن هذا الموضوع وهناك أستوديو كبير وهو الوحيد منه في الشرق الأوسط أهلته الشبكة فهو من الاستوديوهات التي تعرضت للتخريب والتدمير، ولكن الشبكة أعادت تأهيله مرة أخرى وبشكل متطور إذ سنعمل على تطوير الغناء العراقي وتقديمه بشكله الجيد الذي تعودت عليه الناس، وسيكون  فيه عدة أقسام قسم  المقام وقسم للغناء الريفي والحديث، وسنبدأ به على بركة الله في أقرب وقت.. فالشبكة لها دور كبير في التغيير الذي سيطرأ على وضعي الجديد إن شاء الله.

(كتابات) إذن ستعود لجان الفحص والتدقيق؟

  • لا لا.. لكن نحن سندعو فلان من المطربين أو فلان لتسجيل أغنية ممكن تتوفر فيهم الشروط، أقصد شروط الأغنية الصالحة للتسجيل، وهكذا سيكون العمل وفق هذا الأسلوب.

(كتابات) تحت إشرافكم أكيد كـ  كلمات ولحن.. إلخ؟

  • طبعا.. أكيد لا يمكن ذلك، لكن لدينا هيئة مصغرة من أربعة أشخاص تظم ملحن وشاعر ومخرج تلفزيوني ومخرج إذاعي يساهمون في تقديم الألوان الغنائية ولكن تحت إشرافنا.. من خلال تجربتنا مع المستمع العراقي نعرف ماذا يريد كل حسب عمره وجيله سواء كان شيخا أم شابا وغير ذلك، ولو هناك شباب بعمر سبعة عشر عاما أو أكثر ويستمع للأغاني السبعينية وما قبلها، هذا ذائقته توب ونسميه السوبر.

(كتابات) بعد فترة مرضك الأخيرة هل تشعر بأن “محسن فرحان” ولد من جديد؟

  • لم أولد من جديد هو نفسه “محسن فرحان”، لكن تغيرت كثيرا لدي من مشاعري وأحاسيسي وتصرفاتي بحسب وضعي الجديد، أكيد لما أي شخص يمر بما مررت به لابد وأن تتغير به كثيرا من المسائل، لكني بقيت كما أنا “محسن فرحان” نفس الابتسامة ونفس الإشراق والتفاؤل بالحياة وحب الحياة وحب الناس، مسألة بسيطة جائز وممكن لكن لم يتغير كل شيء لدي.

(كتابات) ما هي معاناتك بهذه المرحلة أي الفترة ما بعد الأزمة الصحية التي ألمت بك؟

  • طبعا معاناة كبيرة الحركة أصبحت أقل، وأعاني صعوبة التنقل ولقضاء مشاويري وأشغالي انتظر أحدا من أهلي وأصدقائي يأتوني كي يعينوني على ذلك.. أما قبل كان وضعي شكل آخر يعني بأي لحظة أقود سيارتي وأنهي كل أعمالي.. الآن لا.. أصبحت أبسط الأشياء لا استطيع إنجازها ولو احتجت إلى الدواء مثلا  حين نفاده مني لابد من أن أكلف أحدا من الأصدقاء والأهل أو اتصل بهم.. أكيد الأمور تغيرت كثيرا.

(كتابات) من ناحية العلاج والحصول عليه والاستطباب الصحي؟

  • لا لا ليس لدي مشكلة من هذه الناحية الكل متعاونين معي من كل الجهات يعني المستشفيات الحكومية وأصدقائي الأطباء يعينوني.. ثم أني ليس لدي مشكلة بالعلاج (أجريت عملية لبتر ساقي وخلص وانتهى كل شيء).. أما الأمور الأخرى الحمد لله كالعلاج موجود.. إلا إذا احتجته باللحظة لا يمكنني ذلك.. أكيد الأحوال أصبحت ليست كالسابق.

(كتابات) لمــن تَــديـن؟

  • أدين أولا لعائلتي التي رافقتني بفترة العلاج ولبعض الأصدقاء الأعزاء على قلبي الذين وقفوا إلى جانبي، وأدين لحب الناس الكبير الذي غمروني به والذي حقيقة لا أعرف كيف أعبر عنه لأني تفاجأت بهذه الناس والأعداد الغفيرة التي كانت تأتي للمستشفى وبوقت كانت إدارة المستشفى قد منعت الزيارة لسوء وحساسية وضعي الصحي، لكن بعد ذلك اخبروني أن عشرات الناس كانت تأتي ومنهم عوائل لزيارتي ولا يتمكنوا من الدخول.. أنا بهذا أبقى مدينا لكل هذه الناس الذين رافقوني بفترة مرضي وفترة علاجي بأحاسيسهم ومشاعرهم وأرواحهم  الرائعة.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة