4 مارس، 2024 6:46 م
Search
Close this search box.

مع كتابات.. آن الصافي: في السودان تنوع جغرافي غني بثقافات مميزة

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: حاورتها- سماح عادل

“آن الصافي” كاتبة من السودان، اسمها “آن عادل يس حاج الصافي”، مقيمة بين  مدينة أبو ظبي- دولة الإمارات العربية المتحدة وكندا، حاصلة على بكالوريوس هندسة كمبيوتر، إعلامية، محاضرة ومُدربة في مجال الإدارة والتنمية البشرية، من خريجي أكاديمية الشعر بأبو ظبي، الدفعة الخامسة، ومنسقة ثقافية في إتحاد كتاب وأدباء الإمارات/ فرع أبو ظبي، وعضو في مؤسسة بحر الثقافة بمدينة أبو ظبي.

تنشر في باب شهري أسمته (علوم وحروف) بمجلة (الهلال الصغير) الصادرة عن دار الهلال للنشر،المصرية، وفي مارس  2016 حظيت بتكريم صحيفة الرأي العام السودانية على مجمل أعمالها، تُدَرَس أوراق كتاب (الكتابة للمستقبل) بجزئيه ضمن مقرر اللغة العربية في المدرسة الفرنسية بمدينة أبو ظبي.

صدر لها:

رواية (فُلك الغواية) 2014، ورواية  (جميل نادوند) 2014، رواية (توالي)، رواية (قافية الراوي)، رواية (كما روح) 2016، رواية (إنه هو)، صدرت في 2017، كتاب فكري ثقافي (الكتابة للمستقبل)  الجزء الأول، صدر في 2015، كتاب فكري ثقافي (الكتابة للمستقبل) الجزء الثاني، صدر في 2017، رواية (مرهاة) فبراير 2018، رواية (آكينوش) لليافعة ستنشر في نوفمبر 2018.

إلى الحوار:

(كتابات) كيف بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطور؟

  • في باكورة الطفولة كنت أقرأ القصص التي يحضرها لي الوالد رحمه الله، وأعيد سردها شفاهة وحين لا تعجبه قصة يطلب مني أن أعيد قصها عليه بحبكة أكثر تشويقاً، أو أن أسرد من خيالي قصة أخرى أكثر دهشة وإمتاعا. كنت أحرص أن أملأ كل مساحة ممكنة بالقراءة بتنوعها، علي أن أثري مخيلتي لأقص وبشكل يومي قبل القيلولة لأبي وهو جمهوري حينها، كل ما يسبب له الرضا ويغريه بإهدائي المزيد من الكتب في حقول متنوعة.

كتبت في تلك الفترة، وهي أوائل المرحلة الابتدائية،  الشعر والقصص القصيرة والخواطر،  واستمريت على عادتي هذه طوال سنين عمري، ولا يعرف والدي حتى وفاته أنني عدا القراءة وما أقصه عليه شفاهة بشكل يومي من قصص أنني أيضاً أكتب. تجمعني به أحاديث في مواضيع الكتب التي يقرأها كل منا ونتناقش في قضاياها وما تحمله من مضامين ذلك في كل الحقول، علم واقتصاد وسياسة وأدب وتاريخ الخ. كان يحفظ المعلقات وشعر السابقين ويقص علي تجاربه في الحياة وقصص آبائه وأجداده، والكثير من تفاصيل عمله والشخوص التي يلتقيها في حياته والأماكن التي يزورها . لذا بعد وفاته افتقدته كثيراً ومن ثم وبتشجيع من والدتي حفظها الله، بدأت بالنشر وعادة أهديها وأهديه كتبي علني أفي ولو بالقليل من فضلهما علي.

(كتابات) في رواية “مرهاة”  ترين أن تزييف التاريخ أقوى من سرقة الآثار والحروب والتهجير.. هل هذا صحيح؟

  • رواية “مرهاة” أعتبرها ملحمة إنسانية بين قهر الحروب وتاريخ الإنسانية الذي يحفظه الأثر الإبداعي، وعمليات تزييف التاريخ المستمرة عن جهل وعن عمد. نعم قد يسرق الأثر وهو هم عظيم حقاً، ولكن ما هو أكثر إيلاماً تزييف التاريخ وتهجير الشعوب قسرا،ً والقضاء على  ثقافات عريقة حملت من الجماليات الكثير. لم كل هذا العبث؟ ما الدور الإنساني للأدب؟ ما هو دور من وعى وفي يده أن يتخذ موقفاً يحفظ ماء وجه هذه الأجيال ولو بالقدر القليل؟

(كتابات) في رواية “مرهاة” احتفى البطل بالآثار لأن لها دلالات أعمق وأثمن.. حديثنا عن ذلك؟

  • أجل، الشخصية المحورية في “مرهاة”عاشق للأثر الإبداعي، متعته فقط أمام منتج إبداعي أثري يقضي معه الساعات، يتفحصه ويتخيل كيفية صنعه والأنامل التي صنعته. يسرقه ليحتفظ به ينام ويستيقظ على وجوده في حياته. تحمله أقدامه نحو أرض يجد أنها منبت حضارة قدمت ذاك الأثر وعاش هناك يوماً من صنعه في عصر سابق.

رحلة عميقة نحو حضارة نشهد حاضرها حيث عبث الفكر الظلامي بتاريخها، ومنهجية الطغاة في افتعال القضايا لتهجير شعبها وتذويب ومحو ثقافاتها بأبشع الصور. من سخرية القدر أن أحفاد هذه الحضارة لا يتذوقون جمال الأثر ولا يهمهم أمره، يفرون ناجين بأرواحهم مهاجرين قبل أن تسحقهم الحروب،  بينما الشخصية المحورية عشقه أصيل لا يتبدل، يهيم مع طيف صانعة الأثر ويعيش أجواء ثقافتها هائماً بعيداً في تلك العوالم، لا تهمه الأهوال التي يعيشها يومياً فقط ليتنسم هذا الحب، وحتى حين عودته لدياره همه أن ينشر مذكراته عن تلك الثقافة وذاك الجمال الفريد. هل الأمر يستحق المعاناة؟! هناك الكثير في النص من أسرار وقضايا ورؤى.

(كتابات) لك مشروع ثقافي اسمه “الكتابة للمستقبل” احكي لنا عنه؟

  • بدون شك لكل زمان مبدعيه، “الكتابة للمستقبل” تعنى بما تحدثه أدوات العصر في حياة الإنسان وتأثيرها في تفكيره ورؤيته لذاته وما حوله، وقضايا المجتمع التي تطرأ وتنتج عنها تغيرات وتحورات في مساره. تعنى “الكتابة للمستقبل” بالثلاثة ثقافات: العلم والأدب والتقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتقنيات النانو تكنولوجي. من المهم الاحتفاء دوماً بالقيم والمبادئ والموروثات الإنسانية النبيلة والتسامح، وكذلك الاهتمام بأدب الأقليات والتنوع الثقافي دوماً رافد لكل ما هو مميز ومدهش.

إن الاستدامة في التنمية تعنى بالثقافة وعليه من الطبيعي أن نعني بتنمية الثقافة واستدامتها، وكذلك ثقافة التنمية وكيف لها أن تعزز من دعم مسيرة المجتمعات. الكتابة للمستقبل تجعلنا نرى أن ما قدم في الماضي جنيناه في الحاضر، وعليه نحن الآن أمامنا مسؤولية أن نتعاطى مع قضايانا بموضوعية وتحليلها بعلمية ومنهجيه واعية بأثرها في الغد. إن كان هناك فرصة لتقديم ما يجعلنا نصحح مسارنا كأفراد ومجتمعات فلم لا نبادر الآن علنا نهيئ أرضية صلبة لأجيال الغد، تبني عليها واقع أفضل ما يكون وتحقق النجاحات التي ستحسب لها ولنا في ذات الوقت. “الكتابة للمستقبل” أوراق فكرية ثقافية جمعتها في كتاب يحمل ذات العنوان صدر منه حتى الآن جزأين، وتطبيق كل ذلك أضمنه في الروايات التي أصدرها.

(كتابات) في رواية “كما روح” تناولت علاقة الإنسان القديمة بالأساطير.. كيف ذلك؟

  • الأسطورة عنصر متواجد ربما في جميع الحضارات، في رواية “كما روح” قدم أحد شخوص الرواية الرئيسية (رجل) للنهر فداء لشعبه حتى تهب الطبيعة خيراتها للأرض، وهذا كما نعلم أمر مورس في حضارة الفراعنة، كيف توهب أجمل الفتيات  فداءا للنيل حتى ترضى الطبيعة وتهطل أمطار الخير. فلسفة الأسطورة هنا: إن كانت الطبيعة في كل الأحوال ستقدم فصولها بالوجه المعهود لم نقتل روحاً لإرضائها؟!

توجد شخصية محورية أخرى في الرواية وهي الفتاة ذات الجديلة، في كل مرة تظهر في قصة ولغرض ما وفي كل الأحوال هناك من يشبهها بغيرها أو يبحث عنها لذاتها، النتيجة شغلت عقول الناس بهيئتها أكثر من روحها وإنسانيتها وكأننا أمام مبدأ ممارسات قيمة، نؤديها شكلياً وننسى جوهرها ودور التأمل الذي يفترض أن يحقق السلام، فنفقده ببساطة للهونا بالأساطير الخادعة. هناك الكثير في نص “كما روح” من تساؤلات عن الأسطورة ودورها في الحياة ومن ثم دورنا نحو ذواتنا وغيرنا.

(كتابات) ما تقييمك لحال الثقافة في السودان؟

  • السودان كوكب من التنوع الثقافي المميز. هناك دوماً نشاطات وفعاليات تعكس الاهتمام المتزايد بالأدب والثقافة، ربما الوعي الجمعي هنا يغذي تيار النهوض بالفكر وتوسيع أفق التلقي والتواصل والحوار البناء. في السودان تنوع جغرافي غني بثقافات لها من الخصوصيات ما يستحق الوقوف عند كل منها ودراسة أثر تداخلها، فبلاد بها جبال وجزر وهضاب وصحارى و7 أنهار ونصف مساحة أرض السودان تطفو فوق مياه جوفية، وتتمتع بأمطار موسمية عادة عالية المنسوب وآبار وأحواض ووديان وشلالات وواحات.

شيء مذهل حقيقة أنتج عقول عاشقة للجمال والتغني بحب الأرض والطبيعة، وفوق كل ذلك الاحتفاء بالمثل والقيم والأصيلة والتسامح والاعتناء باللغة، ونرى ذلك في الأشعار التي يجيد نظمها الكبار والصغار بتنوع بديع. تنقص ربما أدوار المؤسسات الخاصة والعامة التي تعنى بالمبدع والمنتج الإبداعي والاعتناء بالجودة والحيادية والموضوعية في تقديم الأفضل لتمثيل ثقافة الوطن.

(كتابات) هل يعاني النشر من مشاكل في السودان تعيق الكتاب خاصة الشباب منهم؟

  • هناك عدد من الجوائز تقوم بطباعة الأعمال الفائزة. كذلك هناك دور نشر وطنية وأخرى خاصة، مجملاً كل ذلك في إطار محدود، من يتمكن من النشر محلياً يبقى التوزيع محلياً وإن أتاحت معارض الكتب تواجد بعض دور النشر بالمشاركة خارجياً فهي تحضر بشكل جزئي. هناك مسائل عالقة يجب البت فيها من قبل الجهات المختصة لدعم الأقلام الإبداعية بموضوعية وحيادية ما أمكن، وفتح أبواب تحث على إنشاء المزيد من دور النشر والطباعة والتوزيع، والاحتفاء بالنصوص الإبداعية التي تمثل ثقافة هذا البلد العريق. عدد من الأقلام التي تجد طريقها للأسافير تضيع جهودها ولا تجد فرصة لطباعة وتوزيع منتوجها الإبداعي محلياً، الأسافير ليس بها ملكية فكرية.

(كتابات) في رأيك هل توجد كتابات نسائية مميزة وهل تختلف كتابات الرجال عن كتابات النساء؟

  • لي تحفظ في مسألة التمييز هذه. جودة الإبداع تثبت عبر النصوص، ربما يتم التصنيف بغرض الدراسات الأكاديمية ولكن عدا ذلك لا أجد أن هذه الآلية للتفرقة تخدم العقول الإبداعية ولا مجتمعاتنا ولا المشهد الثقافي سابقاً ولا اليوم ولا غداً. يوجد منتوج كتابي مميز في إقليمنا وهناك أقلام هادفة وتحمل الكثير من سمات النجاح، بعضها مخضرم وبعدها يافع ويرجى منه الكثير.

(كتابات) ما رأيك في الجوائز وهل تدعم الكاتب؟

  • الجوائز نشطت المشهد الثقافي كماً، وحققت حركة في سوق دور النشر والصحافة التي تعنى بكتابات أياً كان مسماها ترويجي أم نقدي للنصوص الفائزة. كذلك لمعت أسماء في عالم الكتابة ما كانت لتعرف لولا الجوائز. تبقى هناك مسألة مهمة، ماهية الجودة المقدمة؟! الأمر يعتمد في كل جائزة على سياسة القائمين عليها ولجان التحكيم وذائقتهم، الحقيقة المسألة ينتصر فيها الكاتب الفائز وتقديمه لعوالم الشهرة وله أن يستمر في جني ثمار هذا المشهد وتحقيق نجاحات متواصلة إن شاء واجتهد.

من ناحية أخرى المتلقي في المشهد الثقافي الآن ربما أكثر وعياً مع توفر تطبيقات التواصل الحديثة وتبادل الآراء فبعض النصوص الفائزة قد تخلد أسماء كتابها بشكل جيد في الذاكرة ويرحب بجديدها، وبعض النصوص تحترق وتسقط  ولا يجد كتابها ذاك الترحيب المتوقع. الحيادية والموضوعية والمعايير الواضحة بعيداً عن مسائل تتعلق بالسياسات الاقصائية أو الفساد المحتمل، من الممكن أن نجد الجوائز تؤدي الدور المنشود، في كل الأحوال لن نجد الرضى التام عنها ولكن لم لا نسعى لنحصل على درجة معقولة من المصداقية!

(كتابات) هل واجهتك صعوبات ككاتبة وما هو جديدك؟

  • في البدء عند دخولي للمشهد الثقافي ككاتبة كنت أعلم بأني قد أتيت بمشروع جديد وبه الكثير من الابتكارات، ومن الممكن جداً أن لا أجد الترحيب، كيف لي أن أقدم  الفلسفة والمعرفة والعلم والأدب في نص سردي، وليس هو من الخيال العلمي وفي كل نص استخدمت تقنيات سرد جديدة ومواضيع جديدة أيضاً، وزوايا تناول لقضايا غير مألوفة…الحقيقة فوجئت بالحفاوة والاهتمام والتشجيع  والمتابعة.

الحمد لله على كل ذلك. الحقيقة ممتنة لدعم أسرتي وعلى وجه الخصوص والدتي حفظها الله، فهي أول من يقرأ نصوصي بعد نشرها وتنتظر دوماً جديدي وأستشيرها في كثير من الأمور التي تفيدني في مساري، وهناك الكثيرين من المهتمين بالمشهد الثقافي أشكرهم على المتابعة والتشجيع والاحتفاء، كل الشكر والتقدير لأسرة إتحاد كتاب وأدباء الإمارات التي احتفت منصاتها بحوارات عن رواياتي ومشروعي الفكري الثقافي، ومنصة أسرة مؤسسة بحر الثقافة في مدينة أبوظبي، ودائرة الشارقة للثقافة واستراحة سيدات_مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، ودائماً وأبداً الكتاب والصحفيين والإعلاميين والمهتمين من وطني الأم، وأخص هنا جريدة الرأي العام التي كرمتني على مجمل أعمالي. والشكر للأعزاء بسلطنة عمان وصالون القديرة فاطمة العلياني، وتحية وشكر خاص للصحفيين والمهتمين بالمشهد الثقافي في جمهورية مصر العربية وتشريفي بتقديم أوراق فكرية ثقافية عبر منصات معرض الكتاب لعامين متواليين. وكذلك الصحفيين والإعلاميين والمهتمين بالمشهد الثقافي بالمملكة المغربية حيث أتاحوا لي الفرصة بتقديمي عبر ملتقيات ثقافية ممثلة لوطني السودان.

وبالنسبة لجديدي لدي نصوص معدة للنشر: بمشيئة الله قبل نهاية 2018 روايتي الثانية للناشئة (آكينوش)، وفي شهر فبراير 2019 روايتي رقم 9 أسميتها (خبز الغجر).

 

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب