22 نوفمبر، 2024 11:03 م
Search
Close this search box.

“حماكة” في مقر رئيس الوزراء

“حماكة” في مقر رئيس الوزراء

“حماكة” وهكذا يلقبه كل من عرفه في حياته السابقة, منذ كان طفلا شقيا في احد احياء بغداد الفقيرة, الى ان كبر وبلغ الثلاثين واصبح لصا ومجرم ذي سوابق, فعندما كان في السادسة من العمر كان يهابه كل اطفال الحي, فهو الطفل الاكثر عدوانية وشراسة بين الاطفال, حتى ان شكوى الجيران والتذمر منه كانت بشكل يومي, ولم ينفع معه عقوبات ابوه العجوز, الذي كان يربطه بشجرة البيت ويقوم بجلده كي يتحسن سلوكه, لكن يوما بعد يوم كان يزداد عدوانية ولؤم, فكان من المشاهد المعتادة في الحي, مشاهدة “حماكة” يركض وخلفه ابوه يهرول وهو يسب ويشتم بأفظع الالفاظ, او اطفال يصرخون كان “حماكة” قد ضربهم وفر, او افسد العابهم, او امرأة تدعو الله الخلاص من “حماكة” لأنه طرق الباب بعنف وهرب!

ثم بعد كل هذا يفر “حماكة” من كل هذا ليرتمي بحضن امه, وهو يحلف بانه لم يفعل شيئا, لكن امه تعرف طاقة الشر التي يملكها ابنها, فتخبرهم بانها عاقبته وابو قد جلده, وتكشف لهم ظهره لتريهم ماذا فعل به حزام ابيه, فيسكتون وينصرفون.

عندما اصبح بالثانية عشر من العمر توفيت امه, ومرض ابوه, عندها ترك المدرسة فهو طالب فاشل, واصبح صديقا للشارع, والشارع لا ينتج الا قيم الانحراف والعنف, فكان الدرس الاول هو تعلم شرب الخمر, وتعرف على مجموعة لصوص ليصبح احد اعضاء العصابة, ومع السنوات اكتسب الخبرة والقسوة, الى ان وقع بيد السلطة بعد ان فشلوا بالفرار في احد سطواتهم على بيت عجوز, لكن قرار صدام بالأفراج عن كل السجناء, قد اخرج للشارع الالاف من المجرمين للشارع ومنهم “حماكة”.

بعد سقوط النظام عرف “حماكة” من اين تؤكل الكتف فاطلق لحيته, وامسك سلاحه وخرج للشارع يدافع عن الدين! مع انه لا يعرف كيفية الوضوء او اركان الصلاة! فأصبحت افعاله العدوانية مؤطرة بوشاح الدين! ولا احد يستطيع الشكوى او التذمر منه, لأنه يعتبر شكوى وتذمر من الدين, او هو كفر وخروج عن الدين حسب توصيفات الجهلة والطارئين على الساحة.

مع مرور الايام اصبح جزء من طبقة متنفذة, وله اتباع, ثم تحصل على شهادات مزورة, فاصبح دكتور “حماكة”! الى ان صدمتنا الايام بفوزه بعضوية الحكومة! فنشاهده في التلفاز ومكتوب مع الخبر “الدكتور حمدون يفتتح جسرا مهما”, او “الدكتور حمدون يدعو دول الجوار للالتزام بحسن الجوار والا …”, وكان الاكثر غرابة لي ولكل من عرف “حماكة” ان نشاهده وهو يدخل قصر رئاسة الوزراء, ليصبح جزء مهم من مصنع القرارات!

امثال “حماكة” فاقوا العد ويمثلون طبقة واسعة تتحكم بكل شيء في العراق! الحقيقة لقد اصبنا بانتكاسة معنوية كبيرة لبشاعة الواقع! فهل النجاح في الحياة وبالخصوص (في العراق) يحتاج لجد واجتهاد واخلاق, ام لشر وعدوانية وانحراف؟ الواقع يعطينا جواب بشع ومحبط, فالشر قد تحكم بالحياة لان الاشرار هم من يحكمون, وفقط من يشابههم مسموح له ان يكون في السلطة!

ولماذا تفتح احزاب السلطة ابوابها للشقاوات والاغنياء واللصوص والشواذ فقط! وتغلقه بألف قفل امام النزيه او الشريف او الكفوء او الفقير؟! المنطق يعلنها صراحة لا مكان للشرفاء في احزاب السلطة, لأنها جميعا عبارة عن بركة نجسة قذرة, انه الواقع العراقي الذي تحكمه احزاب فاسدة من الراس الى الذيل, ونقول لقد انتهى زمن النبل واصبح زمن الجهل والخداع, فكن كذابا مخادعا شريرا فاسقا فاسدا, عندها تفتح لك ابواب السلطة والقصور والمناصب, وترضا عنك احزاب السلطة وتصبح مقربا من رموز الساحة واصنام الحاضر.

أحدث المقالات