يومان مضت وأنا انتظر أن يهدأ روعي كي اكتب فالكاتب عليه ان يكون منطقيا وهادفا وليس غاضبا فالغاضب يكون ناقص الوعي فيخطئ ويسب ويشتم من أذى اهله وناسه .. وبالتالي يضر بقضيته.في احدى روايات نجيب محفوظ زار الشيطان شيخ الأزهر ليتوب على يديه ويعاهد التواب الغفور الرحمن الرحيم على التوبة الصالحة النصوحة ، فما كان من شيخ الازهر ألا ان يقبل توبته ، فخرج الشيطان فرحا ، وعند الباب ناداه الشيخ مستدركا بأن توبته غير مقبولة ، بعد ان سأل نفسه كيف يمكن ان نقرأ القرآن الكريم وفيه الشيطان رجيم ، وفي مقدمة بحثي الموسوم ( مواجهة واستثمار عناصر القوة والضعف في الستراتيجية الايرانية) قلت (( بحثت كثيرا عن مواصفات الشخصية الايرانية في المصادر العراقية ، فلم اجد فيها نقطة ايجابية واحدة ، فتساءلت : أيعقل ان الله عندما خلقهم لم ينفخ فيهم شيئا من روحه ؟؟ وكيف نفسر بنائهم لتلك الحضارات؟؟))
لنفترض جدلا ان الله لم يضع شيئا من روحه في النظام السابق ونعدهم كلهم مجرمين على رأي نائب من دولة القانون قال يوما في لقاء متلفز (( ان تجريمهم جاء في الدستور ، اي انهم مجرمون دستوريا)) ونسي ان الدستور فقط حظر (البعث) وليس (النظام) ومؤسساته الامنية وغيرها من (أن يكون جزءا من العملية السياسية) والدستور نفسه قال (( ان مجرد العضوية في حزب البعث لا تعد سببا للإحالة الى المحاكم ))
اتفقنا انهم مجرمون وقررنا قطع اعناقهم ( ارزاقهم) وحجز ومصادرة اموالهم كما حصل لبني النظير وكوننا دولة مؤسسات ديمقراطية كما ندعي شرعنا قوانين وفي تلك القوانين قلنا انه يحق لهم الاعتراض ودستورنا قال ((حق التقاضي مكفول )) .. بعد ذلك اعتقد انه من العيب والخزي على مؤسسات الدولة ان تمنعهم من التقاضي او الاعتراض .. وقد تتصورون اني عدت غاضبا ولكني سأثبت لكم هذا العيب ببعض الممارسات التي جرت والتي تثبت أننا لسنا دولة وأن هناك تحديات جدية واجهت السيد العبادي وستواجه السيد عبد المهدي الى الحد الذي انصحه فيه بالعودة الى الناصرية لأن اداة الاصلاح هي الجهاز الاداري ومن خلاله يمر الاصلاح ومن خلاله يطلع على مكامن الخلل ، وهذا الجهاز اقل ما يمكن القول عنه هو انه غير متخصص ، وألا كيف يمكن لوزير التجارة ان يكون دكتورا في السياسة ، او عضو لجنة اقتصادية نيابية لا يعرف تعريف الاقتصاد مما يضطره الى الاتصال بالسيد رئيس هيئة التقاعد الوطنية ليسأله كيف يصيغ مادة الموازنة المتعلقة بالجيش السابق ، او ان تجد ان قانون المساءلة يوصف اعضاء الهيئة (( من اصحاب الخبرة السياسية والقانونية ولم يقل (أو) القانونية ولم اكتشف لحد الآن علاقة السياسة بعمل الهيئة وهي هيئة مهمتها ان تقضي وتصدر الاحكام .
المساءلة سيداتي سادتي قبل صدور القانون (72) أوعزت للخارجية للإيعاز لسفاراتنا بعدم اجراء اية معاملة لقائمة قد تزيد عن 2000 عراقي وفي ذلك حرمان واضح من حق المواطنة بل وحق الحياة لأن الخارجية منعت (شهادة الحياة ) وحق التقاضي ، وعند اعلامي للسيد رئيس الهيئة بالموضوع بادر فورا لرأب الصدع وحل الموضوع وبعد اسابيع عادت السفارات فأغلقت ابوابها بوجوههم ,, القانون الغى القرار 88 منذ سنة ولا زال المحجوزين بموجبه مضطرين للدفع للحصول على سند ملكية ، القانون لم يحجز الا الاموال ومع ذلك تفسر دوائر الزراعة ان العقود مشمولة فتمتنع عن قبض الايجارات السنوية ومنذ سنين طوال بحجة ان المتعاقد مشمول بالمساءلة ،
قد يسأل سائل : ما الجديد الذي اغضبك ؟؟ فأقول انه (ضعف القوانين) في هذا البلد وماضوية المنفذين والتعامل مع القانون كما تعامل سيدنا الحمزة (ع) مع وثيقة مكة …محامي جاءه توكيل خاص من الخارج من احد السادة المشمولين بالقانون (72) مذكور في الوكالة (مراجعة لجنة الحجز ودوائر التسجيل العقاري والمحاكم ) راجع المحامي المسكين قبل ايام ضريبة المشتل(محل اقامته) فرفضت التصديق على الوكالة فكافح وحصل على كتاب منهم الى الهيئة العامة للضرائب فرفضت وناضل ليحصل على كتاب منهم الى وزارة التلاعب بقوانين حقوق الجيش السابق، والرحيمة بأفراط على غيرهم ، فرفضت ايضا ، أسألكم بربكم هل يجوز ذلك ؟؟ رحم الله المغربي الذي احرق نفسه ، وجازى الله كل من عدل التعليمات الوزارية الخاصة بالقانون (72) ليجعلها عبارة عن محاضرة مطولة لتعليم غير الاختصاصيين ، وردعهم عن اعاقة تنفيذ القوانين الجائرة وغير الجائرة …