18 نوفمبر، 2024 12:28 ص
Search
Close this search box.

ثـلاث كـلـمـات

(*)في بداية عام 1968 ،كنت في الساعة الرابعة عصراً، أمسك (راديو الترانزستور) – بحجم الكف – نوع ناشينول – ياباني الصنع.أضع مؤشره على (إذاعة الكويت)، ثم يصلني والآلاف غيري، الصوت الرخيم للمذيع (احمد سالم) وهو يردد مع موسيقى باذخة : ((ثلاث كلمات.. إعداد إسماعيل فهد إسماعيل)) ،كانت الجولة اليومية لهذه الكلمات الثلاث ، تتسع شيئاً فشيئاً، ، الفنون بكل مدياتها وتوجهاتها وآفاقها المحلية – العربية – الإقليمية – العالمية ، الأفكار الفلسفية القديمة – الحديثة ، الشخصيات التي قدمت رؤاها الفلسفية – الثقافية المتعددة منذ بواكير الفكر الإنساني المدون والمنقول شفاهاً بعد عصر التدوين ، التاريخ وإحداثه المجحفة – المأسوية ، وشخصياته عبر العصور السحيقة – الحديثة ، السياسة ولعناتها،وتواطئاتها ، وتحولاتها غير المتوقعة. الحروب والغزوات المرة التي دمرت التوجه الإنساني ، المجاعات ، الفيضانات ،الأؤبئة ، الأعاصير، الشخصيات الأسطورية – الواقعية ، المكتشفات العلمية، كل ما يمت للحياة الإنسانية في العلوم والفنون والآداب، والمخترعات ، والتوجهات الفكرية المتعددة..الخ. تأتي هذه وغيرها الكثير ..الكثير ، بلغة بسيطة دقيقة ، أمينة – مطواعة. عبر (راديو الترانزستور)، والذي عده المفكر (روجيه غارودي)- في كتابه ماركسية القرن العشرين- من أهم المكشفات العلمية قاطبة في القرن العشرين،تصل هذه الكلمات الثلاث، يومياً إلى غالبية البيوت فلم يكن من وسيلة اتصال غيره حينها،وتكون تلك الكلمات الثلاث، منسجمة مع وعي المستمع مهما كان مستواه ، و لتقدم فيضاً من المعلومات المهمة – النادرة إلى كل مَنْ يصغي بأذنه لها ، بقيت هذه الكلمات الثلاث تجول في الفضاء أكثر من عامين ، لتشكل موسوعة متعددة التوجهات ،موسوعة غنية بكل المعارف والعلوم والثقافات والأحداث والشخصيات. تلك الكلمات الثلاث ، يغلب عليها الاختصار، وتعتمد على دقة التنظيم، وبحسب الترتيب الهجائي ليسهل على المستمع الاستفادة منها بأقل جهد. و كما معروف إن الموسوعات تعتمد على عدد كبيرٍ من المختصين و الكتاب والمحررين، كل يكتب في مجال تخصصه، فالموسوعات يلجأ إليها الناس في جميع أنحاء العالم للتزود بمعارفها ، لكن ((أبا فهد)) ولوحده فقط قدم فيها خلاصات مركزة لكل المسار الإنساني وبـ (ثلاث كلمات) ، وفي الساعة الرابعة عصراً ويومياً ، عبر الأثير وفضائاته التي لا تحد ، و بحق لوتم جمع الأشرطة – الصوتية – الإذاعية، لتلك (الكلمات الثلاث) وتحويلها ورقياً، يمكن أن تكون موسوعة متكاملة – غنية – شعبية – تتألف من أجزاء كثيرةٍ،أعدها (إسماعيل فهد إسماعيل).
(*)جزء من مساهمتي في أربعينية الصديق الروائي (إسماعيل فهد إسماعيل)، والتي أقيمت في قصر الثقافة والفنون،بالتعاون مع اللجنة الثقافية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة ، مساء 1 – 11 – 2018 .

أحدث المقالات