23 ديسمبر، 2024 6:29 م

حلبجة .. ذاكرة الفاجعة

حلبجة .. ذاكرة الفاجعة

تمر علينا هذه الايام ذكرى مؤلمة ..بل هي أشبه بالفاجعة ، فبتاريخ 16 آذار من عام 1988 وفي اواخر ايام الحرب العراقية الايرانية تعرضت مدينة حلبجة الكوردية الى قصف بالاسلحة الكيمياوية ، أثبتت التحقيقات المحايدة ضلوع نظام صدام حسين في جريمة ارتكابها، وأستشهد جراءها الالاف من النساء والشيوخ والاطفال. ولازالت صورة ذلك الشيخ الكوردي وهو يحضن أحد أحفاده الصغار عالقة في اذهاننا وتدق جرس الخطر من تمادي طغيان السلطات الحاكمة تجاه شعوبها ،أن ما تعرضت له هذه المدينة المنكوبة يعد جريمة ضد الانسانية وصنفت على انها (ابادة جماعية )، وهي وصمة عار في جبين الانسانية، وظلت مأساتها لاتمحى من ذاكرة شعبنا الكوردي. والمخزي في الامر هو تغاظي مراكز القرار الامريكي ووسائل الاعلام الغربي عن تحديد مسؤولية هذه الجريمة ، وصمت الاعلام العربي آنذاك تجاه هذا الفعل الشنيع والسبب مصلحة العالم الغربي ومصلحة حلفاء النظام السابق من الدول العربية كانت تتوافق مع نظام صدام ومتضادة مع ( ايران وثورتها الاسلامية ) ، ولكن قبل سقوط النظام السابق بدأت تتضح الامور وبدأت الوثائق وأسرار التحقيقات تظهر للعلن معلنة مسؤولية صدام وأبن عمه ( علي كيمياوي) في مقتل اكثر من 5000 شخص مدني لاذنب لهم وأصابة اكثر من 7000 بتشوهات وجروح ، حتى انها ظهرت هذه العيوب الخلقية في الاجيال اللاحقة .لقد تعرض آلالاف من الاكراد فيما بعد خلال عمليات ماتسمى (الانفال) سيئة الصيت التي قادها علي حسن المجيد الى القتل والابادة وتدمير قراهم وحرق مزارعهم ومواشيهم، ولسنا بصدد تحديد وتثبيت مسؤولية هذه الجريمة بقدر ما نود ان ننوه الى بشاعة سوء استخدام السلطة وخصوصاً من الغارقين في زهو السلطة والكرسي وعدم الاعتراف بالآخر والطريقة المثلى لحل الخلافات مع المعارضين هو أستخدام السلاح وأيما سلاح ، انه سلاح الجبناء .. السلاح الذي لايمنح من يقصف به فرصة النجاة أسواء الدخول في ملاجئ او الاحتماء بعوارض مشيدة او طبيعية ، هنا يتبين مدى مخاطر الإستحواذ على هذه الأسلحة الفتاكة في النظم غير الديمقراطية والشوفيية والإستبدادية الشمولية حيث إمكانية استخدامها ضد أبناء الشعب بسهولة ويسر غير آبهين لا بالبشر ولا بالأرض أو البيئة ، فالغاية عندهم تبرر الوسيلة ، وغايتهم البقاء في السلطة وتحقيق رغباتهم الشوفينية وأحلامهم المريضة . وتبقى مجزرة حلبجة دليلا تاريخيا على الظلم الذي لحق بالكورد في كوردستان .وتبقى العبرة بان الطغاة الشوفينيون مصيرهم إلى الزوال بينما تبقى الشعوب خالدة ومنها الشعب الكوردي . وهنا لابد من الاشارة الى ان الحكام الشوفينيين غير تابعين لملة أو قومية أو طائفة بعينها ، إنما هي تربية وممارسة وسلوك مريض فردي ولاتنحصر بشعب أو قومية ، ومن الحكمة ان لاتتحمل طائفة او قومية من ارتكب هذه الجريمة تبعاتها لان هؤلاء متبرأ منهم ولم تسلم طائفتهم او قوميتهم من شرهم او آذاهم .لا بد على المجتمع الدولي واصحاب الحكمة في مراكز القرار اتخاذ الإجراءات والتدابير لتفادي وقوع مثل هذه الجريمة وتكرارها بل والوقوف بحزم تجاه التصرفات الديكتاتورية التي قد تقودنا الى رؤية مثل هذه الجريمة مجدداَ. في الوقت التي ندعو حكومة العراق الاتحادية وحكومة الاقليم الى أنصاف سكان حلبجة وأعادة أعمار مدينتهم وتعويضهم وكفكفة دموعهم وأزالة هذا الكابوس الذي حل بهم  .