اثير سؤال مهم جداً من احد الاصدقاء مفاده ( هل ان عشقنا او حبنا لما لم نقم باختياره هو عشق كاذب، كعشقنا للامام الحسين (ع)، فنحن لم نقم باختياره كون البيئة او الرقعة الجغرافية او الصدفة هي ما وضعتنا ضمن دائرة تأثيره ؟!
مبدأ فلسفي : ان عدم اختيارنا لشيء لا يعني اكذوبة حبنا له، فلا تلازم بين الامرين، وان ظهر للقارئ عكس ذلك، كون العلاقة السببية قد تظهر ببعدها المكاني او الزماني، ولكن وجود هذا البعد لا ينفي صدقية الحب او الولاء الصادق والنابع عن فكر ومعرفة ودراية .
فنحن لم نختر امهاتنا ولكن تنبض الامهات بدل القلوب في صدور ابنائها، وكذلك الاوطان والاولاد والاخوان، والكثير الكثير مما يملأ حياتنا .
ولادتنا كشيعة وفي بيئة شيعية لا يعني اكذوبة عشقنا له (ع)، لان الاختيار شيء والعشق شيء اخر، الاختيار شيء بسيط قد لا يتجاوز مجرد التعبير عن رغبة، وان كانت مهمة جدا ولا يمكن اغفالها، ولكن لو كانت هي اساس العشق ومعياره الوحيد لما تبقى لنا شيء نحبه ونعشقه !
نعم لن يتبقى لنا شيء، لا اسماءنا ولا اشكالنا ولا جنسنا ولا وطننا ولا عوائلنا ولا اصدقاء طفولتنا بل ولا شخصيتنا التي تم تشكيلها منذ الصبا حيث لم يكن لنا الاختيار الاكبر في ذلك التشكل والصيرورة !
العشق ان تبحث فيما هو موجود لديك، في فكرك وعقيدتك وبيئتك وعائلتك ووطنك، فان وجدت ان ما لديك يستحق ان تتمسك به ليس لانه موجود في حياتك وحسب، وانما لعدة معايير لا مجال لذكرها في هذه المقالة القصيرة، فمن المنطقي ان تتمسك به، لا ان تتحجج بعدم اختيارك له لان هذه يعبر عن عجز حقيقي نحاول اخفاءه بمثل هكذا حجج !
هل ما هو موجود لدينا يغنينا عن البحث والتقصي عن الافضل ؟
بالعكس ليس هنالك شيء يغنينا عن البحث مهما كان سامياً وعظيماً، فالانسان كائن باحث عن الكمال بالفطرة، ولكن حينما تبحث قبل ان تبدأ بالبعيد ابدأ بما هو موجود لديك وتحقق منه واستوعبه بجميع جوانبه الفكرية والاجتماعية والثقافية، وحينما تصل لمرحلة الاستيعاب الكامل وفق المعايير المنطقية والعقلائية انطلق للبحث في دائرة بحثية اكبر كالوطن العربي وبعدها العالم الاسلامي او العكس ( هذا غير مهم المهم ان تبحث ) وبعدها انطلق للمساحة العالمية وان استطعت فابحث خارج الكرة الارضية بشرط الابتعاد عن الاحكام المسبقة وان تكون موضوعيا وتأخذ بنظر الاعتبار الثلاثية العقلية ( المكان، الزمان، الامكان او الاستطاعة ) وبعدها سر في ارض الله الواسعة وعليك بالدليل الذي استعبدنا الله به .