منذ ان شرعت المرجعية الحركية في النجف الاشرف مشروعها السياسي – الاسلامي ، دخل الشعب العراقي في مرحلة جديدة في التعاطي مع الاسلام المغيب ، وهو الاسلام السياسي،وبدانا نتعاطى مع ثوابت جديدة اكثر اتساعا من في مساحة الثوابت في الاسلام المتعارفة .
استرخص قادة الاسلام الارواح من اجل دين الله ، واستطاعت المرجعية الدينية في النجف وغيرها ان تسترخص الارواح وتُعير الجماجم بمعية الثلة من المؤمنين الحقيقين بمبدئهم من اجل ذلك ، وهكذا بدأنا نتطلع الى شروق فجر جديد ، يكون الاسلام المحمدي هو النموذج الحقيقي في قيادة الحياة ( الاسلام يقود الحياة ) ، وان احترام حقوق الاخرين مقدس على ان لاتتجاوز – تلك الحقوق – على مقدسات وثوابت الاسلام .
سقط نظام البعث المقبور واشرقت الشمس بنور الاسلام في ربوع العراق وملايين الحناجر هتفت ( لا امريكا ولا صدام ، نعم نعم للاسلام ) ، وكيف لاتهتف الملايين وقد عاد احفاد علي والحسين ( عليهما السلام ) من المهاجر الى العراق ، كما عاد المسلمون من المدينة المنورة الى مكة المكرمة بعد فتحها ، كيف لاتهتف الملايين وهي تنظر الى فتح العراق بمثابة ايذان بيوم جديد للاسلام ، من خلال ما يمتلكه من طاقات خلاقة في الفكر والثقافة والسياسة ، فضلا عن الفقاهة والاجتماع ومكارم الاخلاق .
اذاً هوية العراق اسلامية ، وقادة العراق خريجوا المدرسة الاسلامية ، ومخضرموا السياسية من الاسلاميين هم قادة البلد اليوم واي قادة ؟ يفترض انهم من عاشوا مرحلتي الجهاد والمعارضة ، ومرحلة ادارة الدولة وتطبيق نظرية الاسلام يقود الحياة.
اذا أين المشكلة ؟
المشكلة تكمن اننا اسقطنا هويتنا الاسلامية بُعيد سقوط النظام ،ولم نسقط هوياتنا التي جئنا بها من الشرق والغرب ، فالاسلام الذي كان يقود الحياة اصبح لايقود الحياة ، وان شعار واداوت المعارضة تختلف عن شعار ادارة والدولة واداوتها !
والمشكلة ان ثوابتنا الاسلامية تقزَمت من ذلك الاتساع الذي يملا الدنيا الى ثوابت لم تقف حتى عند القدر المتيقن منها .
والمشلكة اننا لم نعد نملك ثوابت يمكن ان تهز مشاعرنا او تحرك فطرتنا للدفاع عنها كما كنا من ذي قبل .
كان احدنا يقدم روحه واهليه قربانا على ان لايتبرأ من عقيدة اسلامية ، الا اننا اليوم نتعاطى مع من ينتهك اس اساس الفطرة الانسانية والاسلامية على انه جزء من حرية التعبير ، وبالمقابل هذه الحرية من التعبير لم تحرك مفكرا او باحثا او رجلا يحمل غيرة على دينه للرد -على اقل تقدير -على تلك الانتهاكات .
اليوم نرى مؤسسات كبيرة مختصة في توهين ثوابتنا الاسلامية من خلال طريقة ( الصدمة) في التعاطي مع تلك الثوابت والمقدسات ، وهذه المؤسسات مدعومة بشكل واسع ، وفيها من الشخصيات من تبرعت للقيام بهذا الدور ، دون ان تأخذهم الَا ولاذمة لمشاعر الملايين من المسلمين ، وامام انظار واسماع منظري الفكر الاسلامي ومحققي ومفكري الاسلام في العراق ، بل وامام انظارالطبقة السياسية الاسامية التي لاتقصر في فتح شهيتها للكلام عن اي قضية سياسية فيها دفاع اومساس بمصلحة حزب او فئة او شخصية ، لكننا نجد ظاهرة (الصم والبكم ) تعيشها هذه الطبقة في اجلى صورها عندما يكون المساس بدين الاسلام.
ليس هذا فحسب ، بل اننا نجد ان اولويات الثوابت قد تغيرت فالمساس بشخصية سياسية لهذا الحزب او ذاك هي (الكفر) بعينه ، وبالتالي وجوب الدفاع عن زعيم هذا الحزب او ذاك فرض عين لايسقط عن احد اتباعه اذا انبرى الاخر للدفاع عنه ، في الوقت الذي يستهزيء ويستخف البعض برسول الانسانية ، وامام كل وسائل الاعلام المسموعة والمقروءة والمرئية دون ان يكون هناك واجب كفائي على اقل تقدير لدى اعضاء او قيادات احزابنا الاسلامية للدفاع عن سيد البشر .
كلنا نتذكر الموقف الكبير الذي ادته وسائل اعلامنا الاسلامية الشيعية على وجه التحديد عندما تعرض مقام المرجعية الدينية في النجف الاشرف الى التطاول من قبل بعض النكرات في قناة الجزيرة الفضائية في عام 2005 م على ما اتذكر ، لان المرجعية تمثل السياج الامني والحصن الحصين للدين الاسلامي ، واذا سمحنا لهؤلاء النكرات بالتطاول على رموز الدين سنسمح بالضرورة لهم بالتطاول على ضروراته .
لكننا اليوم نرى من يريد ان يُلغي الدين من اساسه ، ويستهجن بثوابته ، من نكران وجود الله الى تكذيب الانبياء والدعوة الى ثقافة (الدهرية ) دون ان نسمع رموز الاسلام السياسيين وغيرهم ، فضلا عن اعلامهم الواسع يحرك ساكنا ،وكان الامر لايعنيهم ، أوانها جزء من حرية التعبير !
يا للعجب! حرية التعبير والفكر مباحة لمن يتطاول على الاسلام ويستخف بنبيه وغير مباحة لمن ينتقد احد رموز السياسية من الاحزاب الشيعية !.
ان الدفاع عن المرجعية الدينية وعدم الدفاع عن الدين كله يدل بلا ادنى شك ان النفاق السياسي والضحك على عقول الناس لايختلف عن كفر المتسهزئين بالاسلام كله وبثوابته .
قد يقول البعض ان اثارة هذه الموضوعات تعطي فرصة اكبر لاولئك الزنادقة للخوض في هذا الحديث .
لكن لماذا عندما يتعرض اولئك النكرات الى رموز الاحزاب الاسلامية وقيادتها لانغض الطرف خشية اعطائهم فرصة اكبر للخوض في تلك الاحاديث .
ان خلاصة القول وما نريد التاكيد عليه ان ( الثور الابيض اُكل يوم اُكل الثور الاسود ) ، فاننا فقدنا هويتنا وسمحنا للاخر يتلاعب بمقدساتنا وبدييننا يوم تنازلنا عن ثابتنا القادر لوحده في الحفاظ على كل الثوابت الاخرى ، فيوم تنازلنا عن مشروع ( الاسلام يقود الحياة ) وبعناه بثمن بخس ارضاءاً لهذا وذاك عند ذلك سهل علينا ان نبيع الاسلام كله لنفس الاغرض :
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت ايلام