تتصاعد حالة من التوتر والاحتقان في المنطقة الغربية بسبب عدم تعاطي رئيس الوزراء نوري المالكي مع الاحتجاجات الشعبية وسعى لاستفزاز مواطنيها بتصريحاته العدائية لهم واتهامهم بالطائفية والدفع باتجاه اشعال شرارة الشرارة الحرب الطائفية التي بدأ (يبشر بها ويروج لها) من خلال ممارساته وتصريحاته الطائفية وحيث الاتجاه في هذه المناطق يسير نحو العصيان المدني وتدويل القضية.
وأكدت مصادر مطلعة على تطورات الاوضاع في تلك المناطق الغربية في حديث مع (كتابات) اليوم ان بعض شخصيات الانبار راحوا يحسبون ويستعدون لهذه الحرب التي ينتظر المالكي انطلاق شرارتها بفارغ الصبر ليستغلها ويحصل من خلالها على اكبر عدد من الأصوات في محافظات الوسط والجنوب في الانتخابات المحلية التي ستجري في 20 من الشهر المقبل واستثمار خوف اهالي هذه المحافظات من قدوم البعثيين والوهابيين وانقضاضهم على السلطة لذبح “الشيعة “وهو الامر الذي يروج له حاليا بكل واسع المالكي من خلال انصاره وحزبه .
وشددت المصادر على ان اهالي المنطقة الغربية قد نفذ صبرهم بسبب تلكؤ الحكومة واستهزائها بمطالبهم واتهامهم بما ليس فيهم “فأبناءهم معتقلون ومهانون ومطاردون ومحاصرون” . واوضحت ان هؤلاء الاهالي لم يجدوا على امتداد الاشهر الثلاثة الماضية اي قرار جاد من قبل الحكومة بأتجاه تنفيذ مطالبهم لذا “فهم يشعرون الان ان التعايش مع الحكومة قداصبح مستحيلا “.
وانطلاقا من هذا الوضع تشير المصادر الى ان قادة وجماهير الاحتجاجات يستعدون “لحرق المطالب كلها” وتجاوز مرحلتها نحو اعلان حكومة ظل واخراج القوات الامنية من مناطقها.. وتقول ان الاوضع في الانباء حاليا تشبه الى حد كبير بادايات الثورة السورية قبل عامين.
اضراب عام وعصيان مدني
واليوم الاحد اكد ممثلون عن المتظاهرين في المحافظات العراقية “المنتفضة” من مدينة الفلوجة، إصرارهم على إدامة الحراك الشعبي السلمي وتوسيع مساحته ليشمل كل الأرض العراقية لحين تحقيق جميع المطالب، واكدوا أن المرحلة المقبلة من الاعتصام تتطلب تغيير الأسلوب إلى “الإضراب العام والعصيان المدني” و “تدويل القضية”، مشددين على ضرورة استبدال الدستور الحالي لأنه “مليء بالظلم والإجحاف”.
جاء ذلك في خلال مؤتمر عقدته “المؤسسة العلمية العراقية” في دار الضيافة التابعة للمجلس المحلي بمدينة الفلوجة (62 كلم غرب الأنبار) تحت شعار “وحدتنا عنوان عزنا ونبذ الطائفية حكمة عقلائنا” والتي يقودها نخبة من علماء الدين والمثقفين والاكاديميين وشيوخ العشائر الممثلين للمحافظات التي تشهد اعتصامات.
وقال الشيخ ظافر العبيدي أمين عام المؤسسة في كلمة له خلال المؤتمر انه ” بعون الله تعالى ورغبة المخلصين من شيوخ العشائر وعلماء الدين والوجهاء والمثقفين والأكاديميين من أهل الاختصاص في مدينة الفلوجة ومحافظة الأنبار الذين اتفقوا ليكونوا يدا واحدة وعقلا وقلبا واحدا من اجل توحيد و توجيه أهداف الهبة الشعبية المباركة ودعم الحراك المظفر فقد انبثق هذا المؤتمر من مدينة الفلوجة ليشمل عموم محافظة الأنبار بشتى أطيافهم وتوجهاتهم ويوحد كلمتهم ويوثق عرى التعاون مع الحراك الشعبي في المحافظات الأخرى على نفس الهدف”.
وأضاف العبيدي “ولقد اتفق المجتمعون في هذا المؤتمر على تحديد أهداف هذا الحراك الشعبي وهي إصلاح وتعديل العملية السياسية وتوجيه الحكومة في العراق بما يحقق العدل والمساواة بين أبناء الشعب العراقي في المشاركة في القرار السياسي وفي الحقوق والواجبات، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب له من حيث الكفاءة والاختصاص”.
وأوضح أمين عام المؤسسة “ويجب استعمال المال العام بما يحقق أقصى الخدمات للشعب والاكتفاء الذاتي والتصرف بالثروة الوطنية تصرفا عقلانيا بناء على خطط حكيمة ترتفع بالعراق إلى مصاف الدول المتقدمة، وتنظيف كافة مفاصل الدولة من الفاسدين والمزورين وترسيخ مبدأ سيادة القانون وإعادة تشكيل القوى الأمنية من العناصر الوطنية المحايدة لحفظ الأمن الداخلي والخارجي، و إعادة اختيار ممثلي الشعب العراقي من الوطنيين وإبعاد مزدوجي الجنسية من كل مفاصل الدولة العراقية مع تغيير آلية الانتخابات على أساس التمثيل المناطقي وليس على أسلوب القوائم الانتخابية”.
وتابع العبيدي ان من أهداف المؤتمر “إصلاح القضاء وكل المفاصل التنفيذية واختيار العناصر الأمينة والمحايدة لتطبيق القانون بكل اختصاصاته بدءً من المحكمة الاتحادية وما يختص بتفسير مواد الدستور, والعمل على إقرار دستور جديد خالي من الأخطاء والفخاخ يلغي كل اعتراف طائفي أو عرقي من بنوده ولا يعترف بالتقسيم الذي يعتبر سابقة خطيرة في هذا الدستور الذي جاء به الاحتلال على خلاف كل الدساتير السابقة للدولة العراقية والمحافظة على وحدة العراق السياسية والاجتماعية وإلغاء مبدأ الفيدرالية والمجلس الاتحادي والأقاليم واستبدالها باللامركزية الإدارية وتوسيع صلاحيات المحافظات وتقليص الحلقات الإدارية المعوقة لاتخاذ القرار”.
وأوضح أمين عام المؤسسة العلمية العراقية ان ” وسائل تنفيذ هذه الأهداف هي إدامة الحراك الشعبي الوطني السلمي وتوسيع مساحته حتى يشمل كل الأرض العراقية وان تطلب ذلك تغيير الأسلوب من الاعتصام إلى الإضراب العام والعصيان المدني لغرض إدامة الضغط على النظام بأكمله من اجل إقرار الحقوق وتنفيذ طلبات المعتصمين وتوحيد كل الفئات الغيورة والنشيطة وربطها ضمن هذا الحراك دون استثناء أو تهميش لأحد على أن يسود مبدأ التشاور بين الجميع وعدم الخروج عن الإجماع أو اتخاذ قرار متسرع أو انفرادي”.
وحث العبيدي” على استحداث الأساليب الجديدة لتحقيق خطوات نحو الانتصار في الصراع من اجل انتزاع الحقوق وحتى لو أدى ذلك الى تدويل الأزمة دون تدخل لقوات أجنبية والاستعانة بمجموعات متخصصة من خارج الحراك في مجال السياسة و القانون الدولي من اجل إدارة الحوار والمناقشة مع الحكومة وتشكيل اللجان المتخصصة من الحراك الاستشارية منها والتنفيذية لتقديم المشورة أو الخدمة المطلوبة والمساهمة في بناء قيادة جماعية للحراك الشعبي على مستوى الوطن وتوحيد الأهداف والشعارات وتوزيع الأدوار بما يكفل استمرار الحراك للحصول على الحقوق واعتماد الخطاب المعتدل والغير متشنج وتجنب لغة التهديد والشعارات الطائفية من قبل المتحدثين والخطباء على منابر المنصات والتصريح عبر وسائل الأعلام”.
في حين قرأ الشيخ عامر فريح احد المؤسسين لـ”المؤسسة العلمية العراقية” البيان الختامي للمؤتمر والذي جاء فيه انه ” لا شك أن الانتصار للمظلومين هو انتصار لإحقاق الحق ورد للباطل, ولأول مرة في تاريخ العراق يجتمع هذا الجمع الغفير من العراقيين للمطالبة بحقوقهم”, مخاطبا الحاضرين بالقول، “فما عليكم يا أخوتنا ويا أحبابنا في الطريق إلا أن تجتهدوا وتشمروا عن ساعد الجد وتصبروا و تحتسبوا لمواصلة الطريق حتى النهاية ، فان قلوب العراقيين معلقة بمسيرتكم وتنتظر بفارغ الصبر ما تؤول إليه مهمتكم المظفرة إن شاء الله تعالى”.
وأضاف فريح في البيان” في ظل هذا الظرف العصيب الذي يتطلب منا جمع الكلمة ووحدة الصف فإننا نهيب بكم أن تجتنبوا كل ما يسيئ الى أي من العراقيين وأن نكون رسل محبة وسلام وليس صناعَ فتن , فيشهد الله أننا لا نريد بأحدٍ كيداً ولا ظلماً واحذروا أي دعوة للاقتتال الطائفي يحاول المغرضون والمندسون وإذناب المحتلين أن يجروكم أليها تحت فتاوى انتم اعلم بها منهم , وان تهرعوا الى الشورى في كل شيئٍ , وإياكم والقرارات الارتجالية التي لا يعرف أصحابها ما بعدها كما ندعوكم إلى أن يكون زمام الأمر بيد العقلاء وان تحموا هذه المنصات من الأشرار وصغار العقول”.
وحذر البيان من “مخططات تقسيمية مهد لها الأعداء بكل السبل”, مبينا ان “هذه المخططات تأتي مرة تحت غطاء الدستور, ومرة تحت غطاء آخر واحذروا مكر الساسة فانَّ ما يظهر لكم من أمر السياسة اليوم ليس إلا الجزء القليل مما يدور وراء الكواليس, فالصفقات والبيع والشراء وخداع البعض للبعض على قدم وساق وقد رأيتم وسمعتم ما آلت إليه الأمور بعد أن باعنا الساسة وباعوا وطننا وصادقوا على دستور مليئ بالظلم والإجحاف بحقنا في ليلة سوداء, حتى أصبحت اليوم مشكلتنا في الدستور وما صنع من واقع مر ووطن مفكك وحكم مستبد”.