قبل بضعة ايام وضعتني الخطوات نحو مدينة ابي تراب في زيارة تقطر حزنا وتعج بالذكريات والأسى على فقدان الأحبة وافتقادهم بعدما احيلت ارواحهم الى مقبرة وادي السلام بعيدا عن مهاترات السياسة وسياط الازمات وهم يضعون اجسادهم في جوار علي عليه السلام عسى ولعل ان ترتاح قليلا بعد جهد جهيد على ارض العراق بأنتظار الوافدين اليهم من كانوا جلسائهم وقرة اعينهم والحديث عن طقوس المقابر وتضاريس الرمال فيها كلام يبحث عن مراجعة في اصل الصراع وماهية الحياة وكينونة الوجود لعل أن تأتي المراجعة البشرية لذاتها وتقف عند حقيقة أنك ميت وأنهم ميتون وعلى مايبدوا ان اقليم دار السلام لايجد سوى الفقراء متفكرا و متأسفا على ما وصلت اليه نوازع العدوان في قرارة النفس البشرية بينما تبقى تلك الصور مناظر لاتمثل اكثر من لوحة دفان ومدفون بنظر بعض السياسين الذين ادمنوا على رغبة البقاء ونسيان الفناء.
ربما مقالتي ابطالها الاموات ومهندسي اللحود بدءا من البروفسور الدفان ابو أصيبع وانتهاءا بنواعي الموتى الذين لا يعرف من اي يصوب ينسلون وكيف يظهرون حتى انني شككت بهم بأنهم قادمون من اقليم الفضاء بيد ان المفارقة التي وجدتها هي من دفعت بالكلمات تنتصب سطورا تروي مشهد بكائي وربما مضحك في أن واحد ,عويل نساء وكبرياء رجال على قبر اخي الشاب الذي كان ضحية لبارود السياسة بعد ان اصيب بمرض عضال جراء الحرب المقدسة بين صدام والجارة ايران بعد ان وئدت نار الحرب في سنواتها الثمان غير ان المرض لم يقل كلمته الفصل في جسد اخي الابعد خمسة وعشرين عام من الصراع لينتهي الصراع بصرعتيه مكتسبا لقب الميت ,والحمدلله على الابتلاء مصبرا نفسي ان املك قبرا واثرا افضل من لم يكن له اسم او عنوان متأسيا بعزاء الله مصبرا من حولي مرتلا القران وبينما اكملت من قرأتي واذا بيافطة انتخابية بين دهاليز المقابر كتب عليها انتخبوني ان المرشح فلان بن…. عن القائمة ال…. والحقيقة تناسيت وجعي وانشغلت في تلك الطرفة ان صدق القول فما بال من وضعها وكيف وطئت اذرعها الانتخابية هنا وبقيت في سؤال وتسأول غريقا في الاحتمالات فأما ان الازقة والشوارع قد غصت باللائحات الانتخابية ولم يبقى لهذا المرشح مكان سوى بين اهل لااله الله وأما و أو وهكذا اصبت بهذي التفسير والتحليل واخيرا وضعني عقلي في خلاصة استدراك مفاده أما ان المرشرح المغفور له وهو مايزال على قيد الحياة مؤمن بأن الموتى تنشر على الارض وتعود في بدء الانتخابات ومن ثم تعود الى مساكنها وأما ان المرشح يملك من الذكاء ما يملكه غيره بأن الاحياء كشفوا اللعبة ولم يبقى سوى الاموات رصيد انتخابي له.