قضية (إختفاء) المعارض السعودي جمال خاشقجي ، وهو صحفي معروف، داخل قنصلية المملكة العربية السعودية في إسطنبول ، الثلاثاء الماضي ، تحمل سيناريوهات وفرضيات كثيرة، وهي أزمة ستكون لها (إنعكاسات خطيرة) على المملكة العربية السعودية،ربما لم يعد بمقدورها مواجهتها هذه المرة، للاخطاء الكثيرة في (التبريرات) و(حجج الاقناع) الضعيفة التي رافقتها..وسندرج سيناريوهات وفرضيات العملية برمتها على الوجه التالي:
** دخول خاشقجي الى القنصلية السعودية في اسطنبول ، تم تأكيده من الجهات الأمنية التركية، عن طريق الكاميرات ، لكنها لم تؤكد خروجه من السفارة!!
** مرة تشير السلطات السعودية الى أنه دخل القنصلية وتم اكمال معاملته ، لكنها لم تؤشر خروجه من كاميرات السفارة، ولم تعرض أي دليل على خروجها منها، وترك لمن يريد أن يتصيد في المياه العكرة أن يوجه القضية بالاتجاه الذي يضر بالسعودية وسمعتها، وهي (أزمة دبلوماسية) تترك (عواقب خطيرة) أشارت اليها تصريحات أمريكية وبريطانية وفرنسية ودول أخرى ، ولابد من أن تعرض سمعة المملكة لمخاطر لاتحمد عقباه!!
** إن أغلب (التبريرات) التي تقدمها المملكة هي (تبريرات) صحفيين وليسوا متخصصين في الشان الأمني، وحججهم في كل مرة تكاد تكون غير مقنعة أو غير مبررة ، بأن الرجل لم يكن (معارضا سعوديا) وقدمت تصريحات نسبتها لخاشقجي نفسه من قبل، وكل هذه (التبريرات) من قبل صحفيين سعوديين ، لاتعطي للرأي العام ولا لحكومات العالم حجة تتدلل على ان الرجل خرج من السفارة، وتركت الساحة الاعلامية تحتمل كل (التاويلات) ولم يقدم الصحفيون السعوديون في الفضائيات وعموم وسائل الإعلام في كل مقابلاتهم أي تبرير (مقنع) حتى الان، وهي في أغلبها تدور بالدفاع السلبي اكثر مما تقدم ( دلائل) تستطيع ان تخفف من (تبعات الأزمة) أو تجد لها (المخارج) للتخلص من المترتبات الخطيرة التي تتحين جهات دولية واقليمية لاستهداف السعودية، وتعريض سمعتها للمخاطر !!
** وتجد السلطات التركية انها (محرجة) فعلا في التعامل مع أزمة ( خطيرة) من هذا النوع، تتعلق بقضية (دبلوماسية)وهي لاتريد ان تتدهور علاقاتها مع السعودية الى حد (القطيعة) ، ولهذا (تأمل) تركيا ان تبحث السعودية عن (مخرج) لتلك الأزمة قبل ان يتسع نطاقها الى (عقوبات دولية)، وفي جانب آخر قد يقال أن تركيا انها قد تتخذ من تلك (الواقعة) وسيلة للحصول على (مبالغ ضخمة) للبحث عن طرق تخفف من آثار تلك الأزمة على السعودية، لكن تلك الفرضية (ضعيفة) هي الأخرى!!
** عدم وجود أخبار حقيقية عن اختفائه وأين، أربك المشهد وزادته غموضا وتأجيجا في المواقف عادت على المملكة بأسوأ (التأويلات)!!
** لم توضح السلطات الامنية السعودية سيناريو الدخول ، وهل أجرى الصحفي السعودي خاشقجي معاملة داخل السفارة أم لا..وكيف خرج من القنصلية..ولو انها اظهرت خروجه لخففت عن نفسها الكثير من الأعباء ، وتركت (الاحتمالات) لجهات أخرى في استهداف الرجل، وكان بمقدور السعودية لو أظهرت خروجه ، ان (تتهم) جهات أخرى بأنها دبرت عملية (إختطاف) خاشقجي !!
** ولو افترضنا (جدلا) أن خاشقجي تم إعتقاله داخل القنصلية بأسطنبول، كيف تعاملت السلطات السعودية معه..هل أخرجته بـ (حقائب دبلوماسية) حيا، أم تم تقطيع جسده ووضعه في (أكياس دبلوماسية) عن طريق ادخال سيارة تحمل ارقاما (دبلوماسية) الى داخل القنصلية، واخفته خارج القنصلية، ليتسنى لها التعامل مع الأزمة بحسب تطورات شدتها؟؟!!
** وقد تكون هناك جهات تتهمها السعودية بأنها وراء الأزمة وبخاصة قطر وايران، وبعض الجهات أدخلت حتى تركيا في عملية الاختفاء ، والسؤال هنا هو : هل بمقدور القطريين او الايرانيين تهريبه من القنصلية السعودية، والاحتفاظ به خارج القنصلية لأمر خلق مشكلة كبيرة للسعودية وأزمة خطيرة تعرض سمعة السعودية لمخاطر قد تكون قطر أو ايران بأمس الحاجة لأزمة خطيرة من هذا النوع تقض مضاجع السعوديين أمام العالم ، وتظهرهم بهذه (الوحشية) من خلال جملة اتهامات ساقتها جهات قطرية من ان جثة الرجل تم (تقطيعها) داخل القنصلية، وأربكت المشهد الأمني والسياسي وأوصلته الى أعلى مراحل التصعيد والخطورة..؟؟!!
** وهل لقطر او ايران القدرة على التعامل مع شخصية مثل جمال خاشقجي وهو صحفي معروف ويقيم في الولايات المتحدة ومعارض للسعودية ، أن يتم (استدراجه) الى القنصلية السعودية ، ومن ثم اخفاءه بطريقة غريبة وغامضة دون ان تعرف السعودية من هي الجهة التي دبرت تلك العملية؟؟!!
** أم أن السعودية هي من استغلت وجود صحفي معارض لها لاخفائه بطريقة (غامضة) لم تدرك عواقبها على سمعتها..وهل تم التضحية بتلك السمعة من أعلى الجهات في المملكة؟؟!!
** وهل للفريق الأمني الذي قدر بـ (15) شخصية أمنية زارت القنصلية، وبطائرتين ، وكان التبرير السعودي هو لإجراء (تحقيق أمني) بالموضوع انها هي من أخفت الصحفي السعودي او هي من تعاملت مع قضيته داخل السفارة، ولماذا لم يقدر الفريق الأمني انه عندما جاء الى تركيا، وهي دولة محكمة أمنيا بكاميراتها وأجهزتها الامنية والتقنية كيف يكون بالامكان تجاوز تلك الأزمة وحلها بسرعة قبل ان تتصاعد الى وتائرها الخطيرة، أم ان الفريق الأمني وجد نفسه ام حالة يتعذر التعامل معا (أمنيا) واعلاميا، وخرجت ربما عن السيطرة، وسعى للابقاء على القضية طي الكتمان والتعتيم ، لحين انجلاء المشهد ، دون ان تدرك خطورة ان الوقت هو في غير صالحها، وانه كل طال أمد الأزمة زاد من حدة (التصعيد)؟؟!!
** ولو افترضنا جدلا ، إن سلطات القنصلية أو الجهات المعادية للسعودية أجرت عملية تخدير بسيط لخاشقجي، وقد تكون البسته (عباءة إمرأة) أو (بدلة رجال أمن سعوديين) وأخرجته بطريقة لاتثير الريبة، هنا تكون الصعوبة في ان بمقدور الكاميرات ان توثق خروجه، إن تأكد وجود مثل هذا السيناريو وهو ضعيف!!
** إن دخول مواطن لقنصلية بلده لايشترط توثيقها بالكاميرات داخل السفارة،فهو يجوز انه دخل واجرى معاملة داخل القنصلية تتعلق بقضية زواج من خطيبته لغرض تصديقها ..فالرجل قد يكون دخل السفارة فعلا ، وهناك (عملاء) من جهات معادية للسعودية (قطرية، أو إيرانية) أو حتى تركية ينتظرونه داخل القنصلية وهم من أخفوا الرجل عن الانظار، وربما بالتواطؤ مع رجل أمن (مغفلين) أو تم تجنيدهم من قبل ، وهم من سهلوا تهريب جمال خاشقجي حيا، لكي يخفوه عن الانظار ويتسببوا بتلك الازمة البالغة الخطورة على مستقبل السعودية، وتبقى كل الاحتمالات واردة!!
** كان على السعودية ان تدرك عواقب ما قد تواجهه من مخاطر إن أخفت شخصية صحفية سعودية معارضة انها قد تضطر لمعاقبة كبار مسؤولي المملكة ، إن ثبت انهم وراء التخطيط لتلك القضية ، التي لها انعكاسات لايمكن التكهن بنتائجها الخطيرة ، وهي أزمة (دبلوماسية) لايمكن محو اثارها بسهولة ، إن لم تكن كل تلك الضجة محاولة لاستهداف السعودية وتشويه سمعتها ، لكن اذا ما ثبت ان الجهات الأمنية السعودية هي من تفف وراء (عملية الاختفاء) ولم تجد (مبررا) كافيا مقنعا للرأي العام وللحكومات التي تتابع تطورات تلك الأزمة فانها أثبتت (غباء) وهي من قدمت (الطعم) لاعداء المملكة لاستهدفها هذه المرة، وهو ما يتطلب (محاسبة) على أعلى الجهات للجهات التي تقف خلف اثارة أزمة من هذا النوع ، حتى وان تطلب الأمر عزل مسؤولين رفيعي المستوى ، لإظهار رفض السعودية الانجرار وراء ازمة من هذا النوع، تسببت لها بأضرار خطيرة على سمعتها ومكانتها بين المجتمع الدولي!!
** يبدو ان الجهات الأمنية داخل القنصلية السعودية أما انها كانت غير مبالية بسمعة بلدها، أو أنها تعاملت بطريقة (غبية) ،لأن خطتها كانت (مرتبكة) وتدل على قصر نظر وغباء ، وهو ما جعل السعودية في موقف المحرج وهي الان مثل (بلاع الموس) كما يقال، حتى ان السعوديين اظهروا ارتباكا وضعفا في سوق الحجج والتبريرات ، كون غموض الرجل وعدم التعرف على مكان اختفائه او جثته ان كان قد جرى الاعتداء عليها في مكان خارج القنصلية ، بل ان الاخطر هو اذا ما جرى تقطيعها داخل القنصلية فستزيد الطين بلة، وقد يصل الأمر بالمجتمع الدولي على قطع العلاقات الدبلوماسية مع السعودية ، واثارة متاعب كبيرة للمملكة هي في غنى عنها وفي هذا التوقيت الحرج الذي وضعت المملكة نفسها وهي تتعامل مع أكثر من أزمة سواء مع قضية اليمن او سوريا او القضية البالغة الحرج وهو اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي!!
** وفي كل الاحوال، تبقى السعودية (مدانة) أمام المجتمع الدولي ، لأنها لم تقدم دليلا واحدا يقنع العالم بأنه ( بريئة) من فعلة اختفاء مواطنها بعد دخولها الى قنصلية بلاده في اسطنبول بتركيا، وشكلت الأزمة احراجا حتى لتركيأ وهي التي لاتريد ان تتدهور العلاقات مع السعودية حد (القطيعة)!!
** تزايدت حدة (التهديدات الامريكية) والأوربية بأن السعودية ستواجه (عواقب وخيمة) ان أبقت الغموض على قضية خاشقجي، ولم تجد ( مخرجا) لتلك الأزمة المخيبة للآمال، او لانها لم تقدم ( الدليل) على انها جهات أخرى غير سعودية كانت لها صلة بعملية الاختطاف واختفاء خاشقجي، وعليها ان تبحث بطريقة عاجلة عن كل ما يحفظ ماء وجهها أمام المجتمع الدولي، إن أرادت ان (تخفف) من الضغوط الدولية بشأن عقوبات قاسية ، كما أسلفنا ،قد تصل الى حد قطع العلاقات الدبلوماسية مع السعودية، وهو مشهد (مأساوي) لايمكن الا ان يكون (كارثيا) ليس على السعودية بل على عموم دول الخليج والمنطقة برمتها..وعلى السعوديين ان يجدوا لهم (مخرجا) مشرفا قبل فوات الأوان!!