أكدت قائمة مؤشر الفساد العالمي، التي نشرتها مطلع عام 2018«منظمة الشفافية الدولية، أن العراق جاء مجدداً في المرتبة الأولى لجهة الفساد بين دول العالم، فيما وردت 6 بلدان عربية ضمن قائمة تضم 12 دولة، هي الأكثر فساداً في العالم».وأفادت القائمة، بأن «الدول الأكثر فساداً هي العراق وفنزويلا وكوريا الشمالية. وتصدر العراق لهذه القائمة مؤشر واضح أن البلاد على هاوية الخراب الحقيقي ، وعلى كافة الأصعدة،وطبعاً الأمر رغم أهميته الا انه لا يتوقف على تصدر العراق لقائمة الفساد وحسب بل هناك تراجعاً خطيراً في مختلف مفاصل الدولة إن صح تسميها بدوله نتيجة لتدخلات دول الجوار في مصيرها وحياة شعبها بدءاً من أزمة المياه التي أثيرت مؤخرا مع الحكومة التركية التي هددت بحجب المياه عن العراق وانتهاء بأزمة مياه الشرب التي لا تزال تداعياتها قائمه بثورة أهالي البصرة .
وتنبأ تقرير أعده فريق بحثي عراقي وسويدي وألماني تضمن 10 بحوث عن أزمة الموارد المائية لنهري دجلة والفرات.بأن العراق مقبل على أزمة مياه غير مسبوقة تغذيها عوامل مناخيه.منها اضطراب مناخ الكرة الأرضية وارتفاع درجات الحرارة مع تناقص متصاعد في معدل سقوط الأمطار عليه.مما يؤدي أيضاً إلى تناقص مخزون المياه في السدود، إضافة إلى تفاقم انجراف التربة الذي يؤثر في الإنتاج الزراعي.ويترافق ذلك أيضاً مع تناقص تغذية الأمطار للمياه الجوفية، فتتقلص خزاناتها أيضاً. وبالمقابل فان الدول المتشاطئة مع العراق على نهري دجلة والفرات، (تركيا وسورية وإيران) تقوم بمشاريع في الري وتشييد السدود،، من دون الأخذ في الاعتبار تأثيرها على العراق وقد يتقلص جريان مياه نهر دجلة بحدود 47 في المئة بعد اكمال تركيا للسد .في حين أن مشاريع أيران بتحــويل مــياه نهري «كارون» و «كرخة» كلها، وكذلك الوديان الجانبيّة على فروع نهر دجــلة، تقلص حصة العراق من مياه نهر الفرات بقرابة 95 في المئة.واعتبرت البحوث أيضاً أن تلك التغيرات في جريان دجلة والفرات تؤدي الى جعل مئات آلاف الاراضي الزراعية الى أراضٍ صحراوية. كما لاحظت أن مشاريع الري في تركيا وسورية، أثّرت كثيراً على نوعية مياه نهري دجلة والفرات. إذ تحوي مياه الفرات عند الحدود السورية والعراقية أملاحاً بنحو 600 جزء بالمليون، ويستمر المعدل بالارتفاع جنوباً ليتعدى 1600 جزء بالمليون.
وعودة الى احتلال العراق الصدارة في الفساد فان وزارة الموارد المائية لا تخلو من مظاهر الفساد والتخلف اذ أشار القرير الى إفقارها الى أي خطة استراتيجية لإدارة المياه، و لا تبذل جهداً مناسباً للحوار مع دول الجوار حول تأمين حصص العراق المائيّة.وبالرغم من أهمية التقرير واعطائة دراسة علمية متكاملة لتداعيات ازمه المياه وطرق معالجتها الا ان أمكانيه الأخذ به من قبل الوزارة المعنية او الحكومة ضعيف جدا .وهذا ينذر بتصحر وجفاف لا يطال الأراضي فقط بل حتى الثروة الحيوانية والسكان أنفسهم .
وبما ان الفساد هو الافة الاكثر خطراً على الشعوب فان مشكله المياه ليست الاولى بل هي حلقه من سلسلة القطاعات المتهالكة والتي منها قطاع الصحة العاجز عن توفير خدمات صحيه للمواطن العراقي بسبب قله المستشفيات ورداءه الخدمات المقدمة بها فضلاً عن رداءة الادوية ومظاهر ابتزاز الأطباء وجشعهم التي أشارت اليها جهات حكوميه ناهيك عن تراجع ملحوظ في قطاع التعليم الذي يعاني هو الاخر من غياب البنى التحتيه وتهالك المدارس ونقصها في استيعاب عدد التلاميذ المتصاعد يقابلها نقص حاد في الملاكات نتيجة لضياع ميزانيات الدولة على ترهل وظيفي ورواتب مسؤلين .كل هذه العوامل أدت الى عدم أيجاد وظائف شاغرة لسد النقص في الملاكات التعليمية .
كل هذه الاشارات الظاهرة في جسد الدوله العراقيه ولا يزال قسم كبير من الشعب عاجزاً عن رؤية مدى عجز الأحزاب الدينية الحاكمة في بناء دولة مدنيه تعيد مجد العراق الذي بزغت في ربوعه أولى الحضارات ..
ومثلما يحدث في مستهل رواية غابريل ماركيز (خريف البطريرك)ربما نحن بحاجه الى بقرة أو حتى حمار يطل من شرفه الوطن حتى يتأكد بعض الغافلين اخيراً الى حجم الخراب والفساد الذين ينخران البلد والذي تسببت به الاحزاب الدينية التي تحكمه.