أحدثت سياسة الرئيس الامريكي باراك أوباما تجاه العراق شرخاً في تعافي الدولة العراقية وبناء مؤسساتها الحكومية الفاعلة. كما إن مسألة سحب القوات الامريكية التي كان عديدها يبلغ ما يقارب مائة وثلاثين الف جندي بكامل معداتهم قد أحدث فراغ أمني كبير سهل الامر لمجاميع الدولة الاسلامية في العراق والشام “داعش” من إحتلال أكثر من ثلث العراق وأصبح يهدد العاصمة العراقية بغداد ومما مهد لإيران أن تتدخل بشكل كبير وان تدخل الاراضي العراقية بشكل سافر. زِد على ذلك عدم الجدية في مباحثات الاتفاقية الأمنية العراقية الامريكية “سوفا” التي أسفرت عن سحب القوات الامريكية بكل عجالة من الاراضي العراقية، دون إنجاز مهمتها في إعادة وضع العراق سابق عهده دولة متعافية، إنسحاب جاء إنسجاماً مع الوعود الإنتخابية للرئيس أوباما دون مراعاة للظروف الأمنية والفراغ العسكري العراقي وعدم قدرة القوات الأمنية العراقية من الدفاع عن حدود العراق. خلقت هذه السياسة الخرقاء للإدارة الأمريكية في أن تستطيع القوى غير النظامية المرتبطة بقوى إقليمية أن تجد لها موضع قدم في الأراضي العراقية فتصبح قوة مؤثرة أمام قدرات عسكرية عراقية متهافتة. كما وفرت هذه السياسة وما أفرزته المفاوضات الدولية المسماة ١+٥ مع ايران حول برنامجها النووي فرصة أخرى في أن تطلق يد إيران في العراق والمنطقة بعد تحلحل لأزمتها مع الولايات المتحدة والغرب وتهادن إدارة أوباما معها. الآن.. تشير تسريبات إستخبارية أو صور للأقمار الإصطناعية أو إشارات من هنا أو هناك عن وجود منصات صواريخ إيرانية ” قد تكون مزعومة” على الإراضي العراقية إعترفت بعض المصادر العراقية عن وجود هذه الصواريخ التي تقول عنها هي إنتاج عراقي بخبرات إيرانية. السؤال؛ هل إن العراق بظرفه الحالي وبتشظي واقعه السياسي والإقتصادي والإجتماعي قادر على الدخول بمثل هذه المهاترات التي لن تفضي إلا الى مزيد من الدمار والى مزيد من الخراب؟ وأمام تهديدات إسرائيل في ولوج الأجواء العراقية لضرب هذه المنصات أو ضرب ما تشاء من مواقع اخرى مدعية إنها إيرانية في الاراضي العراقية مرة أو الخطأ مرة أخرى أو أن تتقصد منشآت بعينها لإضعاف العراق أكثر مما هو عليه من ضعف. الحقيقة؛ ليس للعراق مصلحة في مثل هذه السيناريوهات التي لن يجني منها العراق شيء. التهديدات الإسرائيلية لا تطلق للإستهلاك بل للتنفيذ ولن يردعها أي رادع في تحقيق مبتغاها ومأربها. ولن تنفع العراق إتفاقية أمنية مهلهلة مع الولايات المتحدة لا تؤمن بها بعض أطرافه يعلم العراق مسبقاً إنه خرقها بتمكين إيران وهي عدو معلن للولايات المتحدة في الوقت الحالي من الوجود في أراضيه. العراق ليس مخير في سلوك مثل هذا المنحى الصعب وظرفه يوجب عليه الحذر وعدم الدخول في لعبة خطرة مثل هذه تعرض أمنه ومستقبله الى الخطر. وإن الواجب الوطني يحتم عليه أن يسلك طريق الحياد في مسائل خطيرة لن يجني منها إلا الخسارة.