22 نوفمبر، 2024 11:22 م
Search
Close this search box.

إحتلال والعيب فينا!!

إحتلال والعيب فينا!!

لا جديد في موضوع أو سلوك الإحتلال , فالبشرية قد إعتادت على أن تحتل قوة ما بلدا ما , وهذا السلوك يتكرر على مدى القرون , والقرن العشرون قد حفل بالعديد من الإحتلالات , فألمانيا إحتلت العديد من الدول الأوربية وتم إحتلالها بعد ذلك , والدول المهزومة في الحروب تتعرض لإحتلال مباشر أو غير مباشر , والدول العربية دول مُحتلة منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وحتى اليوم , وأوجه وآليات الإحتلال تتغير وفقا للمصالح والتفاعلات القائمة ما بين القوى المتأسدة.
وقد كُتب الكثير عن إحتلال الوطن وغيره من بلدان المنطقة العربية خصوصا , وكأن الموضوع غريب ولم يحصل من قبل , ولا هو قائم ومتفاعل منذ تأسيس دولة العراق , والمشكلة المغفولة أن جميع الحكومات وبلا إستثناء , عاشت في حالة نكران مروع لحقيقة أن الوطن دولة مُحتلة ومحكومة بالوكالة وبأساليب تتنوع وتتعدد , قد تكون حزبية وطائفية وعسكرية وثورية وسميها ما شئت.
ولو تفحصنا المسيرة السياسية في القرن العشرين لتبين أن الأنظمة السياسية التي قامت ما هي إلا أنظمة إحتلالية بكل ما تعنيه كلمة إحتلال , ولهذا لم تقدم نافعا للبلاد والعباد ولم تتدبر المستقبل وتحترم الإنسان , وإنما تقوم بإجراءات تعسفية وإنتقامية وتُفعل أجهزتها القمعية وتبني السجون والمعتقلات وأقبية التعذيب والقتل المروع للبشر , ولكل منها مشانقه وميادين إعداماته وتعذيبه , وقد أعدمت الأنظمة السياسية من المواطنين وبوحشية مقرفة ما لم يعدمه أي نظام في تأريخ البشرية , إذا أخذت المقارنة بعين الإعتبار عدد السكان.
ولا جديد في الأمر , فالوضع القائم لا يختلف عما سبق إلا بالوقاحة والصراحة والعمل على تنفيذ أجندات القوى التي تساند هذا الطرف أو ذاك , ولا علاقة للوطن والمواطن بالموضوع , فهو موجود محروم يكابد ويتوسل ويتبع ولا حول , ولا قوة عنده إلا أن يمدح وينافق ويكذب لكي يعيش أيا كانت العيشة , المهم أنه يعيش وحسبه الله ونعم الوكيل.
فلماذا نتحدث بسلبية عن واقع صنعناه وشاركنا بتنميته وتطويره وتأهيله ليكون الوسيلة التي بها ندمر الوطن؟
لماذا لا نواجه أنفسنا ونقولها بشجاعة وجرأة أننا مجتمعات تستدعي الآخرين لإحتلالها , لأنها غير قادرة على حكم نفسها بنفسها , ولأنها لا تريد تحمل المسؤولية وتبحث عن “هو” لكي تبرر عجزها ودونيتها السلوكية والأخلاقية.
والدليل أن العديد من المجتمعات التي تم إحتلالها قد تعافت وتنامت ونهضت بقوة وإقتدار , إلا مجتمعاتنا التي تتمادى بالإندحار والإندساس في أقبية الضلال والبهتان , وتكون سهلة الإنقياد للذين يريدون لها سوء المصير , وما تلاحمت وتماسكت وقالت كلمتها بقوة وإصرار , وإنما تمزيقها وتفريقها من أسهل ما يكون , ولهذا فأن أي طامع فيها يشرذمها ويناحرها , ويجني ما يريده بواسطتها بسهولة غير متوفرة عند أبسط المجتمعات في الدنيا , فلا توجد مجتمعات تعادي ذاتها وموضوعها إلا مجتمعاتنا , فهي لا تعترف بوطن ومواطن ولا بحياة وتسعى وفقا لإرادة المُخنّعين لها والآخذين بها بإسم الدين نحو الموت ففيه حياتها!!
فهل لدينا القدرة على أن نعيش بلا إحتلال؟!!

أحدث المقالات