بالرغم من ثراء المشهد السبعيني للشعر الشعبي العراقي بالأصوات والتجارب الشعرية المميزة ، الاّ انه كان بحاجة الى اضافات أخرى تعزز من مكانته وتفرده الابداعي مثل صوت الشاعر الديواني ” مقداد جاسم جمعه” الذي بشرّ بولادة تجربة شعرية كان يمكن لها ان تصطف الى جانب التجارب السبعينية المضيئة ، وذلك لامتلاكها القدرات الفنية والتعبيرية الكفيلة بحيازتها تلك المكانة لولا انه وللأسف وأد تجربته عند اول مولود لها “سراديب ” دون الالتفات الى صراخه الذي ظل عالقا في ذاكرة الشعر .
” سراديب ” هي قصيدته التي دخل بها ميدان الشعر، وكانت نافذة مفتوحة ومضيئة ، وفضاء يعج بالحياة والجمال على عكس ما يوحي عنوانها بالانغلاق والعتمة ، والقصيدة كما نقرأها ذات مضمون اجتماعي تتخذ من الشكوى ثيمة لها وتوغل كثيرا في طرح الهموم الشخصية من انكسارات ثقيلة وخيبات من بعض الصداقات وشعور مضن بوطأة الايام وقسوتها ، حاولت ” سراديب “ـــــــ من حيث الشكل والموضوع ــ مجاراة القصيدة الذائعة الصيت ( من ايدي ) لشاعر الواحدة ” عبدالواحد معلة ” وجاءت ايضاً متزامنة مع تجربة الشاعر” الضويري ” الذي هو الاخر اخذ ذات النمط الشعري ، ولأهمية هذه القصيدة كنموذج من الشعر السبعيني الغائب نورد نصها :
سراديب
مقداد جاسم جمعه
مثل گاع النجف صدري سراديب وسيع وبالشدايد ماتعذر
گضيت ايام عمري بسيل تغريب يدنيا ولاشفت منچ فجر طر
……………
عرفتچ من زغر رگطه وتغدرين وبعيني لمحته احزامچ اشراد
وعرفتچ على ابنادم من تجورين تعدمينه وتصير اسنينچ شداد
تلاگينه وعلى شفتچ تحومين زهف عگلي ولوه چفي اعله الزناد
تحاميت وشفت نجم السمه يغيب نوهلي بكدر نجم السمه الخر
خفت دنياي مدري اشرايح اتجيب وخفت من الجهل ياخذني وانجر
……………
تباصرت ويه عگلي وخلفت راي شفت عمر البشر هاليوم محدود
وشفت عودي رهيف الزهرة اصباي گمت للناس اباري ونوب للعود
ردت أصبح بحلگ الناس چالماي لذيذ ومن يثور يخرب اسدود
وأبداً ماتحب اطباعي تخريب لاچن ردت اجرب الخير والشر
حتى لو تفر بيّه الدواليب اجر روحي وتظل وحدها تفتر
……………
شلت ماي النده گلبي وتعنيت نويت اهوى واحب الناس كلها
حتى لو هجرتيني وتراديت اسد حلگ الشماته اليضحك الها
ندهت وعليّ جثره احباب لميت هويت اتصير خلي وآنه خلها
ردت يحله العمر بعيوني ويطيب منو باچر حزر شيصير واظمر
هاي احنه نموت وغيرنه يشيب ويفك عينه رضيع يگوم يكبر
…………….
عاشرت وسرحت بين الاحباب والعشره تكلف من يعاشر
ناغتني وفتحت الها الف باب وبروحي لجلها گمت اخاطر
صرت للكوز وگت الضيج نشاب واهيس الطعن بيّه وعيب اجاهر
والفاله ابدليلي امچلبه تچليب واهي حچاية الباطل بيّه تنحر
واغض الطرف عن ذني الملاعيب واباري الجدم خافنه ايتعثر
…………..
خاويت وحسبت احساب خوان والخوه عفت حملي وشلتها
وزرعت الوفة وساجيته بالاحسان وحبال الموده واصلتها
مفزز نومي اداري فلان وفلان لمن زهرة شبابي ذبلتها
يجلبني واجلبه الليل تجليب والم بشتات فكري الي تطشر
من شفت الوفه خضّر خرانيب على ابهامي رسمت الناب واثر
……………..
اخذت من الشمس خيط وبالعيون هذيچ الچانت اتسورب شتلته
وگمت اجمع بشوفي وعاليلعبون اطشه وشفت كل شي ولوم شلته
من روحي النهتني وچان مرهون نداها ولا جرح بيها دملته
ابشته صرت وكلف جرح الشته ايطيب واتاني الگيظ وتشب نار الكور
تاله رويحتي ومن غير تكريب ناسيها واطش للناس عنبر
…………..
وعيت بعين مشبوحة اعلة الايام وعين اعله الليالي البايعني
الحياة تريد كاس ونشوة احلام وسنين التجيني تريد مني
تدولبت اوكعت بخورة أوهام حرت مابين ذنيج وهذني
ياحيرتي اضنوني الزامه تخيب وياخيبت امل بسّام واخضر
ويادربي المشيته بغير ترتيب وياجدمي التهزه بخط الاحمر
…………..
ابات الليل جنت وتبكه عيني على اشفاف الندامه تحوم اهيه
نديمي ابجفي اشربه ومن حنيني ومن وطري كضه جرعني فيه
ألاهث كمت يابويه اشتريني بعد مالي التجر النفس ريه
جنت امفرهد عكول الرواجيب كحيله ومن تشك الريح تسكر
تدولبت وخذت خط المغاليب ابسبب وكتي عشكني اوكتي خنجر
………….
ربيع صباي مابين الهوى وكاس تعبت وغمضيت عيوني بيدي
ولا خليت تدري ابموتته الناس ولاحتى الذي دمه بوريدي
سترني الطبع ذاك البي شلت راس أونيني الما تعده وشاف جيدي
وضحكتي الما حجتها جلمة الريب ودليلي الما زهك يوم وتذمر
وسنيني العشتهن بالتجاريب ولون الذهب لوني الما تغير
…………..
هذا اني وأمد للوادم حبال وتروعني واكولن عسل مرها
هذا اني اطيح عليج زلزال يدنيا من اشد عمري لعمرها
هذا اني الثجيل وعيب ينشال هذا اني جلم مجهول سرها
مثل گاع النجف صدري سراديب وسيع وبالشدايد ماتعذر
گضيت ايام عمري بسيل تغريب يدنيا ولاشفت منچ فجر طر
…….