18 ديسمبر، 2024 10:53 م

في آن وآنية واحدة

في آن وآنية واحدة

عفه روحي لمشاكلها لها حيل
أون ويضحك الشامت لها حيل
تگول الناس كل عقدة لها حل
طلعت روحي وعقدتي ذيچ هيه
معلوم أن لكل عقدة حلا وحلالين، وأحيانا تتعدد طرق الحل ويكثر الحلالون فيها، وفي أحايين أخرى تستعصي الحلول، ويضيق أفق الحلالين بأية بارقة أمل تلوّح بأدنى حل، إذ قد تركن الحلول في زاوية غير منظورة، الأمر الذي يتطلب جهدا في البحث عنها، وأحيانا تقتضي الحاجة تحايلا ودهاءً لإخراجها الى الواقع المنظور، وقد قال (ابو المثل): (الكلمة الطيبة تطلع الحية من الزاغور) فلو شبهنا -مجازا- تشكيل حكومة عراقية جديدة بعد انتهاء ولاية الحالية بالأفعى، فإن أساليب الوصول اليها معقدة وشائكة، استنادا إلى المعطيات التي مافتئت تلدها الأحزاب والتحالفات المتشاطئة، وياليتها تشاطأت على البر والتقوى، فلقد بات ديدنها التكالب على الإثم والعدوان، منذ تشكيلها حتى ساعة كتابة هذي السطور، ولعلها ستبقى هكذا إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
كما أن الكلمة الطيبة قد لاتكون الوسيلة المثلى لإخراج الأفعوان من الـ -زاغور- وقد فاته -ابو المثل- أن بعض الأفاعي لاتفقه كنه الطيبة والكلام الطيب كما قيل:
إن الأفاعي وإن لانت ملامسها
عند التقلب في أنيابها العطب
وإذا استبعدنا النوع الأخير من الأفاعي (المتقلبة) واحتسبنا ان جميع الأفاعي (مسالمة) فعلينا خوض عملية البحث عن الكلام الطيب الذي سيكون أداتنا للوصول الى الأفعوان المتواري عن أنظارنا، والمتخفي في (زاغور) لاندرك غوره البعيد وعمقه السحيق.
أما الـ -زواغير- فما أكثرها في دهاليز ساستنا وكتلهم وأحزابهم، ولمتتبع أخبارهم وخطوات العمل ومراحله لديهم، لاأظنه يصل إلى نتيجة توحي بأن هذه الكتل تعمل للصالح العام، وتوجه اهتماماتها الى مايسهم في بناء البلد، او يحل معضلة من المعضلات التي يمر بها، إذ لايندرج على جداول أعمالها اي برنامج واعد، ولم تأت أي منها بمنهاج يحمل بشائر سارة، كما أن اهتماماتها تنأى عن خواتيم الأمور وجدواها، وتنصبّ في عواجل الأرباح والعوائد والفوائد حصرا.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن سقف الشروط والمطالب التي يقدمها الحزبان الكرديان الديمقراطي والوطني، أخذ يعلو فوق علوه الشاهق، وصار الأكراد يغالون فوق غلوهم المزمن في الشروط التي لاتقف عند حد، كما يقول مثلنا: (انطيناه الكراع.. تناوش الذراع) إذ راح القائمون فيهما ينتقون ماطاب لهم من طموحات -مشروعة وغير مشروعة- وكانهم يمسكون (Menu) في فندق خمس نجوم، ويدرجون ما يتشهّون من خيرات البلد، ضاربين القيم والثوابت والاتفاقات السابقة عرض الحائط، متجاوزين ما نص عليه الدستور.
وقطعا لم يفتْهم تقليب قرارات وقوانين عديدة، سبق أن تقلّبت على رفوف التأجيلات والإرجاءات، لغاية في نفوسهم لاتخفى على رئيسي الوزراء -المنتهية ولايته والمرتقب على حد سواء- بل وحتى على المواطن البعيد عن السياسة، إذ بات الأخير يعي تماما ماذا يعني النقاش في هذا الوقت العصيب في مواضيع مثل؛ توزيع المكونات في كركوك، المناطق المتنازع عليها، حصة الـ 17%، رواتب البيشمرگة، المادة 140 من الدستور العراقي.
وفي الحقيقة أن اللوم لايقع على الجانب الكردستاني وحده في هذا، فلقد أتاحت الحكومات المركزية المتسلطة في العراق الفيدرالي منذ عام 2003، أكثر من مجال لمن يروم مد شباكه والتصيد في عكر الظروف مما في الخزينة من أموال، تحت أغطية عدة، لم يكن أولها المشاريع الوهمية، وليس آخرها العقود والصفقات المليارية التي تبطن فسادا ماليا جامحا.
وبعودة إلى مابدأت به مقالي هذا، فإن الحل والحلالين في عراقنا هم أنفسهم المشكلة والمتسببون بحدوثها، أي أن الخصم هو ذاته الحَكَم في نفس الآن والآنية، أي أن السارق هو نفسه الناطور، ومتجرع سمومهما الوحيد هو المواطن المسكين، ولعل بيت الدارمي الآتي فيه شيء من واقع الحال إذ يقول:
انت النطرت البيت وانت التبوگه
اتحطلي سم بگلاص وتگلي ضوگه