يعني(سراب سياسي)!
كثيرة هي الوعود التي أطلقها الساسة، قبل إجراء الإنتخابات البرلمانية،
فصارت وعود الكتل السياسية، كما يقال في المثل العراقي، (الهور مرك
والزور خواشيك)، ونتيجة إرتفاع درجات الحرارة، ونحن في أجواء الصيف
العراقي اللاهب، ومع قلة تجهيز الكهرباء، فالكهرباء وحدها مصيبة ( عزاء
ولطم)، بدأت الوعود السياسية بالتبخر، طبعا” ناسين وعودهم( يغطوها بقبق)،
وشيئا” فشيئا”، بدأت ملامح الحكومة الجديدة تتضح، فالمصالح الحزبية،
والتخندق الطائفي والتكتل القومي، والتوصيات والتدخلات الخارجية، كانت هي
الحاكمة لملامح التفاهمات السياسية، من أجل تشكيل الكتلة البرلمانية
الأكبر.
وبعد مارثون الوعود الكاذبة، الخاص بهذه الدورة الإنتخابية، والذي ابتدأ
قبل إجراء الإنتخابات، وقد وصلنا اليوم، لأعتاب إنعقاد الجلسة البرلمانية
الأولى، ولم يتبقى لإنعقادها إلا سبعة أيام، فلا حكومة أغلبية سياسية
حصلت، ولا أغلبية وطنية تمخضت، بل وحتى الكتلة البرلمانية الأكبر، لا
زالت في عالم الذر، لو يؤذن لها أن تهبط لعالمنا، والسبب وراء ذلك وبكل
إختصار، هي المصالح الحزبية، وغياب القاسم الوطني المشترك، فالتقاتل
والتسقيط بيني وكلي، البيني أقصد به، وحسب العرف السياسي، هو مناصب
الرئاسات الثلاث، الذي تتقاسمه المكونات الثلاث الحاكمة، شيعة” وسنة”
وكرد، فخلاف الشيعة إلى من تئول رئاسة مجلس الوزراء، وكذا الحال لمنصب
رئاسة البرلمان للسنة، وقد يكونوا الكرد أحسن حالا”، لأنهم لم ينشروا
غسيلهم، حول من يكون رئيس الجمهورية وهو من نصيبهم العرفي.
المراقبين للمشهد السياسي العراقي، ينتابهم الإحباط، من هذه المقدمات،
فالمؤشرات خطيرة وتراكمية، وحيث إن الحكومة القادمة، تنتظرها تحديات
كبيرة وكثيرة، تحتاج لإرادة مخلصة، وعقول نيرة تغادر الرتابة التي
عهدناها، في إدارات الحكومات الثلاث السابقة، ولكن المترشح ألان، هو
تكرار وإستنساخ للتجارب السابقة، وأنا لست متجن أو متشاؤم، ولكنني واقعي
التشخيص لما يحدث من تفاهمات عرجاء، فهموم الكتل السياسية، هو كم المغانم
المتحقق، من إقتراب أي كتلة من كتلة أخرى، وليس من أحد يبدي تفكيريا
حقيقيا”، بالذهاب لحقيبة المعارضة، في حال فكرت الكتل بمصالحها، على حساب
المصالح الوطنية، وعدم التفكير بتفعيل دور المعاضة البرلمانية، يلغي وجود
حكومة حقيقية أيا” كان مسماها، يعني نعيد إستنساخ الفشل والفساد السابق.
ثم كيف للكتلة البرلمانية الأكبر؟ التي لم تتشكل لحد ألان، وإن تشكلت
فيجب أن لا تتشكل، بإسلوب إسقاط الفرض الدستوري الواجب، كما حصل في
الحكومات السابقة، بل يجب أن تكون الكتلة الأكبر، أساس لولادة كتلة
المعارضة الحقيقية، التي تراقب الأداء الحكومي، وفق ما يقدم عبر البرنامج
الحكومي، الذي يشمل خارطة الطريق لأداء الحكومة القادمة، الذي يحمل
توقيتات وسقوف زمنية محددة مسبقا”، تكون ملزمة لعمل الحكومة، وهنا
الكارثة، كيف لنا أن نثق بهذه الكتل السياسية؟ وهي لم تؤثر المصلحة
الوطنية، فلم تتشكل الكتلة الأكبر لحد إلأن، وليس من برنامج حكومي حقيقي
واضح المعالم، نستبين من خلاله، مدى جدية الحكومة القادمة، في معالجة
الفساد المالي والإداري، ووضع أسترتيجايات لكافة المجالات والأصعدة، تكون
قادرة لإنتشال البلد من واقعه المرير، لذلك يبدو إن البلد، سوف يبقى
قابعا”، في نفق الفساد المظلم، ترى كيف سيكون الرد، من قبل الشعب
وقتها… أودعناكم.